غط عورتك لو سمحت


في يوم صائف شديد الحرارة كأني أنا وأصحابي بسيارتنا ، نمشي في فرن كبير يغطي الأرض كلها ، فكّرنا في أن نذهب للمسبح لنتبرد ونلعب وبعد مداولات قصيرة للفكرة ذهبنا ، ودخلنا المسبح وتهيأنا بسرعة وبقفزة واحدة ولجنا في عمق الماء .

بدأنا نتحدى بعضنا وقال الأول : أنا أسبح أحسن منك ، وقال الثاني : لا .. أنا أجيد العوم والسباحة على الظهر ، وقال الثالث : بل أنا ماهر في القفز من أعلى .. وبينا نحن على هذا ، كأني لاحظت منظراً غريباً وجديداً على بيئتنا الإسلامية ، اختلست نظرة حول الاتجاه المطلوب فرأيت شخصاً جالساً على كرسي . بين برهة وأخرى ، يرسل تعليمات للذين يسبحون ، خمنت أنه معلم السباحة هنا لكني عجبت من لبسه الحاسر عن فخذين رشيقين أملسين .

قفزت أسبح يميناً وشمالاً ، سطحاً وعمقاً ، مستمراً بالتفكير في أمر الرجل ، وأخذت أتساءل : ماالفائدة من إبداء العورة في غير ضرورة ؟!!! وهل هناك ضرورة في إظهارها في المسبح ؟!! كيف أحادثه في الموضوع وأي باب أطرق ؟ ... الحمد لله ، هديت إلى تسلسل منطقي أحسست فيه بعض الحكمة والموعظة الحسنة التي وصانا الله تعالى الدعوة بها في كتابه الكريم .

بعدما انهيت تفكيري السريع ، انطلقت إليه سباحة حتى صرت أمامه مباشرة ، سلمت عليه طليق المحيا وبادلني التحية والإبتسامة .. أخذت أسأله عن بعض الأشياء الموجودة حولنا وأحادثه عن فنون السباحة حتى صار حيزاً من الأنس والمرح بيني وبينه ثم دخلت إلى موضوعي الذي جئت من أجله ، قلت له : إذا سمحت لي أريد أن أسألك سؤالاً ؟ قال : تفضل . قلت : إذا جاءك أحب إنسان عندك قد تفضل عليك بأياد كثيرة وتستحي رفض أي شيء يطلبه منك ، لنقل أحب صديق ، جاء بقميص (هدية) وقال : أحب أن تلبسه في عرس فلان غداً ، هل سترفض طلبه ؟ قال : لا !!! هذا طلب بسيط ، لن أرفضه بل سألبسه مسروراً . قلت : نحن معاشر المسلمين هناك رجل له فضائل علينا وأياد الله وحده القادر على مجازاته ، علمنا بعد جهل ونصرنا الله به بعد ذل وهو أحب إلينا من أنفسنا وكل شيء نملكه ، حدّ لنا حدوداً من الله تعالى لانتعداها ومن تعداها فقد ظلم نفسه ، حدد لنا حدود العورة عند الرجال وحذّرنا من المعاصي وتتبعها ومنها العورة ، فالله كره للإنسان التعري حتى ولو كان خالياً ، فكيف وهو في حضرة رجال ، هل ترضى أن تعصي أمر حبيبك ؟!!! قال : أعوذ بالله ... أستغفر الله ... وقام ثم أتى بقطعة قماش معه وغطّى بها مابدى من عورته ، وقال : ياأخي جزيت خيراً ، ياليت كل الناصحين يأتون بكلام لين وأسلوب بديع وهمهم النصح لله لا لشيء في نفوسهم ولعلنا نكون ناصحين لبعضنا حتى وإن كنا عصاة ، ابتسمت وارتخيت أسبح على ظهري قريباً منه ، وهو واجم على كرسيه يفكر بما قيل له ثم أقبل على أصحابه بوجهه يحدثهم بما سمع من كلام قد عجب منه فؤاده .

أخذ ينظر لي ويتابعني بناظريه معجباً وممتناً وكأنه يقول : شكراً لك أخي ، بهذا تكون النصيحة ، وأنا رحت أستمتع مع أصحابي حتى إذا اتنهينا وتهيأنا للخروج من المسبح جاءني وكله لطف وكرم وحب وقال : أنا المدرب سيد حسن عبدالحميد ، تشرفت بمعرفتكم ؟!!!... رددت عليه : محمد أحمد الخالد ، وأنا كذلك . قال : لاتحرمنا من كلامك العذب وأسلوبك الجميل ، اعتبر المسبح ومدربه تحت أمرك ، وهذا كرتي فيه أرقامي وعناويني ، ياليتك تشرفنا بالبيت .

شكرته على لطفه وطيب أخلاقه ووعدته بالزيارة إن شاء الله ، ركبنا السيارة والشباب لايعلمون إلا أني أحب العلاقات الاجتماعية وأسعى لها .