محمد العاصي وفيصل الشريم يرويان لـ(الجزيرة) صفحات من تاريخ ملك الإنسانية:


والدة الملك عبدالله الأميرة فهدة- رحمها الله- اهتمت بالعلم وعلمت ابنها القرآن الكريم والحديث


لقاء - منيف خضير:
في قصر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - نشأ الملك عبد الله بن عبد العزيز (خادم الحرمين الشريفين)، وكانت ترعاه والدته الأميرة فهدة بنت العاصي بن شريم، وفي زوايا القصر الكبير ترعرع الملك عبد الله.
وكان يرافقه مرحلة الطفولة أحد أقاربه وأحد أصدقائه المفضلين وهو الشيخ محمد بن سلطان العاصي الشريم الذي حظي هو الآخر برعاية عمته الأميرة فهدة.
في حديث لا يخلو من ذكريات، ذكرى وفاة الأميرة فهدة- رحمها الله-، ومواقف الملك عبد العزيز طيب الله ثراه منها، وطفولة الملك عبد الله، ومظاهر الرجولة المبكرة والفروسية الأصيلة لخادم الحرمين الشريفين. كان هذا اللقاء مع الشيخ محمد بن سلطان الشريم الذي تحدث في البداية عن وفاة المرحومة والدة خادم الحرمين الشريفين وكيف يصف تلك اللحظات..يقول ابن شريم: خيم الحزن فجأة على قصر الملك عبد العزيز بن سعود - طيب الله ثراه -، وساد الصمت جنبات القصر الملكي، كان كل شيء ينذر بنبأ منتظر.
في جناحها الخاص كانت الأميرة فهدة بنت العاصي بن شريم، الزوجة الحفية للملك عبد العزيز بن سعود تعاني مرضاً عضالاً، وكانت تنتظر قدرها بروح صابرة ونفس مؤمنة مطمئنة، خرج الطبيب الفرنسي الذي أحضره الملك عبد العزيز لزوجته وقد بدا منكسراً بعد أن قال القدر كلمته، وأعلن نبأ وفاة الأميرة فهدة بنت العاصي بن شريم (والدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله)، أغرورقت عينا الشاب الصغير ذي الثلاثة عشر ربيعاً لفقد والدته، ولكنه تجلد بأصلب ما يكون الرجال الذين تظهرهم الشدائد، وتجلو معدنهم الأصيل، منذ ذلك التاريخ قرر الفتى الصغير أن ينهل من مدرسة والده المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، ويسير على ذات الطريق الذي رسمته له والدته التي ودعها مؤمناً بقضاء الله، وهي التي علمته أن سنة الحياة لم تبق الأنبياء والرسل، لقد غادرت الأميرة فهدة الشريم ولا تزال ذكراها وسيرتها عطرة في مقلة ابنها الملك عبد الله وفي ذاكرته التي ما فتئت تذكرها بين الحين والحين.
الأميرة فهدة الشريم
الأميرة فهدة بنت العاصي بن شريم، والدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ولدت الأميرة فهدة في عام 1295هـ، وقد اهتم والدها الشيخ العاصي بن شريم - رحمه الله - بتدريسها القرآن الكريم كاملاً وأصول الحديث الشريف.
وقد تزوجها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -، لما سمعه عنها من رجاحة عقل وحكمة وحسن منطق، وانتقلت من حائل إلى قصر الملك عبد العزيز آل سعود في الرياض.
وقد كان زواج الملك عبد العزيز من الأميرة فهدة في عام 1330هـ ، وأنجبت منه الملك عبد الله (خادم الحرمين الشريفين)، والأميرة نوف والأميرة صيتة.
وعند وفاتها كان عمر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود 13 عاماً، وكان الملك عبد العزيز آل سعود يواسيها في مرضها وأحضر لها أمهر الأطباء من فرنسا، ولكن قدر الله كان أسبق فتوفيت- رحمها الله- عام 1344هـ، وقد أدت فريضة الحج والعمرة عدة مرات رحمها الله، وكان الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- يعاملها بخلق حسن وكان طيب المعشر، وكانت لها مكانتها المعروفة عنده من بين نسائه لتدينها ولكرم أخلاقها.
مع الملك عبدالله
الشيخ محمد بن سلطان بن العاصي الشريم (ابن شقيق الأميرة فهدة) نشأ في كنف عمته الأميرة فهدة، وكان يشاطر الملك عبد الله الذي يقاربه في السن يشاطره سويعات المرح والدراسة..
يروي الشيخ محمد بن سلطان بن العاصي الشريم طفولة الملك، وذكريات والدته- رحمها الله- فيقول: كانت الأميرة فهدة بنت العاصي الشريم - رحمها الله - ذات طبع متواضع وتتميز بلين الجانب، وصدر رحب يتسع لكل من يستحق الرحمة والعطف من صغير وكبير وغني وفقير، ولا ننسى صدقها في المعاملة لكل من حولها وبقيت تلك المعاملة راسخة باقية لوقع تأثيرها في نفوس من يحبونها، كانت حنونة رقيقة القلب والروح رحيمة على كل نفس مكسورة، وصاحبة قلب كبير، وكانت تحب العلم والمتعلمين ولسبب ذلك قامت بالاهتمام الكبير والرعاية الفائقة لطلبة العلم الشرعي من دعم مادي ومعنوي للصعود والارتقاء إلى منازل العلم والمعرفة، وكنت أدرس في كنفها بمعية الملك عبد الله - حفظه الله - في تحفيظ القرآن الكريم وأصول الحديث وقواعد اللغة العربية وأيضا التجويد.
طفولة الملك عبد الله
أما عن طفولة الملك عبد الله والتي عاصرها معه فيضيف الشيخ محمد بن سلطان بن العاصي الشريم قائلاً: طفولة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - حظيت باهتمام والديه بتعليمه على يد أفضل الأساتذة والمعلمين على نحو أفضل، ومتابعة دون تقصير بكل ما له صلة بالعلم والتعليم، أما هوايته وهو صغير فهي ركوب الخيل والاهتمام بالفروسية والعرضة السعودية والقنص ورحلات البر.
وعن علاقته بوالدته يضيف: مثل علاقة أي طفل بأمه حيث كان دائم الالتصاق بها واللجوء إليها في جميع أمور الحياة وما يختص بها يتشاركون سفرة الطعام دائما، ومن أبرز صفاته حسن الخلق مع كل من حوله من خدم وكبير وصغير متواضع رحيم بإخوانه وأخواته لين الجانب صادق مع الجميع يرحم الفقير وصاحب الحاجة لا يتوانى عن مساعدة أحد كل من حوله يشهد له بخلقه الحسن.
دائم السؤال عن أقاربه
بعد ذلك تحدث لـ(الجزيرة) العميد المتقاعد فيصل بن بدر الشريم (قائد كتيبة المشاة 112 في الحرس الوطني برفحاء سابقاً)، والذي شهد مراحل مختلفة من نشأة وتطور الحرس الوطني بالمملكة، وتربطه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أواصر القربى والمحبة، كما رافق ابني الملك عبد الله الأميرين متعب وخالد للدراسة في لبنان الشقيق، وتولى عدة مناصب قيادية في الحرس الوطني وتنقل في مناطق مختلفة من المملكة، وشاهد عن كثب رعاية الملك الإنسان لأبنيه ومتابعته لهما والسؤال عنهما في مرحلة مهمة من تاريخ الأبناء.