(شباب رفحاء : بين قيادة أهل العلم...والمتعالمين)
العلماء هم ورثة الأنبياء ، وحملة الرسالة الخالدة ، ويكفي ثناء الله - سبحانه وتعالى - عليهم في إحدى أعظم مسائل التوحيد ألا وهي ( توحيد الله ونفي ماسواه)0
فاستشهد سبحانه وتعالى في هذه المسألة العظيمة :
1- شهد سبحانه وتعالى عى ألوهيته0
2- الملائكة
3- أهل العلم
فقال - عز وجل - : ( شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ) الآية.
وهذا الأمر معروف في بابه عند كل مسلم عاقل ، وفضل العلماء معروف لاشك في ثبوته
والعلماء العاملين لهم الأولوية الكبرى بتعليم الناس ( وتربيتهم ) وطلبة العلم
هم أولى الناس بتربية الناشئة والشباب ، لكن مع الأسف الشديد أن الحال -في رفحاء - ليست كذلك ، والعاقل يرى أن الأمر في هذه المدينة
ليس على مايرام ، وأصبح الحال كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا
وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " فالمشايخ قد أقفل كل واحد منهم بابه ولا يُرى في الأسبوع إلا مرّة واحدة
وطلبة العلم لانراهم في المؤسسات التربوية السنوية وفي المناشط التي تقام للشباب سنويا ، والذي أراه ويراه كل مراقب ومهتم أن من يربي (!!) الشباب في هذا الوقت عبر تلك المؤسسات والمناشط
هم أناس بعيدون كل البعد عن التربية ( الصحيحة ) ومبادئها وأسسها لسببين :0
1-ليسوا متخصصين في مجالات التربية بأي حال من الأحوال 0
2- ليسوا من المشايخ وطلبة العلم ( المتأصلين في علومهم والذين ترى سيما الصلاح في وجوههم المباركة -لاحرمنا الله رؤية
تلك الوجوه التي تربت على القرآن وعلوم الشرع من جهة علمية وعلى القرآن والعبادة والذكر من جهة عملية تطبيقية0
وللأسف أن هؤلاء الذين دخلوا في غير أماكنهم نتج عن دخولهم أمور سأعتمد في قولها على الصراحة التامة لأني لم أتعب نفسي في كتابة هذا الموضوع لأجامل أو أجاري لأي أحد
بل أقول الحقيقة كما هي وكما أراها ويراها غيري ، نتج عن دخول هؤلاء في غير أماكنهم أمور سلبية أهمها :0
1- أنهم حوّلوا الشباب عن القرآن والسنة وكتب أهل السنّة إلى نشيد ولهو ولعب وقراءة في الكتب الفكرية وزبالة الأذهان
وكناسة العقول0
2- إقصاء العلماء وطلبة العلم والمشايخ عن مركزهم الحقيقي بعد التعليم والفتيا ألا وهي ( التربية ) بل أصبح بعض هؤلاء المتعالمين يتجرأ ويصنف العلماء كما يريد بل ( يسبّهم) بأقذع السبائب ويفتون في مسائل عظام لو عرضت على عمر - رضي الله عنه - لجمع لها أهل بدر ، فهم يفتون في أي شيء يرضي الشباب ( الجهاد فرض عين - حفلات تحفيظ القرآن بدعة - العالم فلان لاتؤخذ فتواه - فلان كافر- الفئة الفلانية ليس لها عهد - مسائل المعاملات والتي إذا عرضت على العلماء فإنهم يعرضونها على القضاء ورعا وخوفا من أن يفتوى خطأ وهؤلاء يأتي لك بالفتوى لا ويسب من عارضه ) وغيرها ، والبعض الآخر من هؤلاء يحث الشباب على أشياء تبعد الإنسان عن القرآن والسنة من كتب فكرية (1) وسياسية وأدبية وغيرها (2) بل إني رأيت أحد هؤلاء ( مدعي التربية ) ممن قد امتلأ قلبه وفكره بزبالة الأذهان وكناسة العقول ، وجدت أن قلبه قد خلا من العاطفة الدينية - رأيت ذلك من خلال كلامه وكلماته - فهو إذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لايصلي عليه إلا قليل القلة ، ونادرا مايستدل بالقرآن ، بل وجدت أحد هؤلاء يعبس وجهه إذا قابل أحد طلبة العلم لأنه ليس مثله ( يقرأالكتب الفكرية ) وإذا وجد إنسان آخر يماثل له في إهتماماته يهش له ويبش ، ويجمع بين المجموعة الأولى ( متصدّري الفتوى ) والمجموعة الثانية ( المثقفين والمفكرين-زعموا-) شيء واحد هو اقصاء المشايخ وطلبة العلم ، فلاتستغرب إذا وجدت أحد هؤلاء قد أقصى كل من لايعرفه ويعرفه عن نشاطه ( التربوي!!) ونصّب أقاربه وأصدقائه الخاصين ( ونحمد الله أنهم ليسوا حكاما لنا ) .لكن السؤال الذي يستحق الإجابة : لماذا هذا الإقصاء ( الظالم ) للمشايخ وطلبة العلم عن تلك النشاطات ؟؟؟
الجواب : لسببين :
أ- أن هؤلاء المتعالمين يرون أنهم مضاهين للمشايخ في النفع فالمشايخ ( يفتون) وهم ( يربون ) والعجيب أنهم يرون أنه ليس للمشايخ أي دخل في شغلهم و ( تربيتهم!!) للشباب ، فللمشايخ دروس لهم أن يعملوا فيها ماشاؤوا بينما تجدهم يدخلون في أخص وظيفة للمشايخ ألا وهي ( الفتيا ) بلاحياء ولاعلم ولاحرج .
ب- اختفاء المشايخ وإغلاق أبوابهم على أنفسهم ، حتى خلت الساحة لمثل هؤلاء - هداهم الله - وكلامي هذا ليس على إطلاقه فالمشايخ لهم دروس تربوية لكن أين الدروس العملية في المناشط الدعوية ؟؟ .3- ومن النتائج السلبية في تصدّر هؤلاء لتربية الشباب : خطورة هؤلاء على الشباب وخطورة مشاريعهم على الشباب وأذكر ( بعض ) المخاطر التي تهدد الشباب :
أ- تبغيض الشباب لمجتمعهم ، ( وهذه نتائج تربية المجموعة الأولى ) وينتج عن هذا مواجهات سلبية مع الأهل والأقارب والجماعة والمجتمع بشكل عام ( بسبب فتاوى المتعالمين والذين يرون في أنفسهم أنهم لايخافون في الله لومة لائم وهم بهذا يجرّون الشباب إلى المهالك كأن يسبون الحكومة - مجرد كلام - أمام الشباب فيقلدهم الشباب وماهي أيام حتى يقبض على أولئك الشباب الصغار وهم مافعلوا شيئا إلا تقليد أهل الجهل )
ب- تجرّء الشباب على المشايخ وطلبة العلم تصنيفا وسبّا ، وأذكر أني جلست مع مجموعة من الشباب مسؤولين عن مشروع ( تربوي!!!) عام للشباب ، ووالله الذي لاإله إلا هو إنه لم يبق شيخ ولا عالم إلا صنفوه وتكلموا عليه ( بدءا بهيئة كبار العلماء ) وفي أحد الجلسات تجرّؤوا بشدّة وسبوا أحد مشايخ رفحاء ( لأنه لم تعجبهم أحد فتاويه ) وأحدهم تجرّأ على حلقات التحفيظ قائلا : الناس تجاهد وإنتم قرآن وقرآن . ، والآخر عبر كلماته وآرائه يريد أن يوصل للشباب أنه يصنّف العلماء ( فهو ليس عالم لكن يصنّفهم ) يعني تنبهوا لي يالمشايخ ( تراني ماني بسيط ) .

وللحديث بقية...


___________________________________________

( 1 ) يقول صاحب كتاب ( هكذا حدثنا الزمان) :أنه قرأ أغلب الكتب الفكرية فخرج منها كما دخل كلام جامد ومكرر وغير مفيد . أو كلاما نحو هذا .
(2) وهذا لاشك جيّد لكن متى يبدأ الشاب بقرائة تلك الكتب؟؟ الأولى أن يُوَجّه أولا إلى حفظ كتاب الله وأقل شيء أن يجعل له ورد يومي يقرأه بتدبّر ويوجّه الشاب إلى كتب السلف الصالح ، فهو إن لم يسلك طريق العلم لايعني هذا أن لايقرأ كتب أهل العلم بل يقرأها بتمعن كأن يوجّه إلى قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والإمام محمد ابن عبد الوهام والإمام العلامة عبد العزيز ابن باز وابن عثيمين والرسائل المفيدة لأهل العلم (( لكي يكون لديه أرضية إسلامية وبنية تحتية سنّيّة سلفيّة )) ومن ثمّ يبدأ بقراءة مايريد بدون أن يخشى على نفسه . والله أعلم .