شجون ...

.

.

.

.


في زحمة الأحداث وكثرة الأشغال وتتابع الأعمال والانقطاع عن كثير من الأصحاب والبعد عن كثير من الأتراب يبقى في القلب مكان للبعض لا يزول مع تقادم الأيام ولا تغيره عاديات الدهر وإن تباعدت الأجساد وتناءت الديار وشط المزار يأتيك طيف ذكراهم ويزورك ريح عرفهم الطيب وعبيرهم الزكي فتنتشي طربا وتنتفض شوقا وينبعث فيك دم جديد وروح فريد فتنطلق في الطريق ناسيا كل تعب ومعرضا عن كل نصب ومتجاوزا كل إساءة وتنكر وفعل معيب ترفعا لا خوفا وترقيا في مدارج الكمال وتجاوزا لدركات مساوئ الخلال بل وربما ألجأك ذكر هذا الرهط من الأصفياء حينا إلى البكاء الذي يظنه خورا بعض البلهاء ممن لا علاقة له بشرع الأدباء عندما صاغه الأديب الأميري الأغر بقوله : هيهات ماكل البكاء خور .

****

يقول أبو الطيب :

اذا أنت أكرمت الكريم ملكته ...... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

طبع الكريم حفظ العهد وذكر المعروف وعدم نسيان الجميل وفي دنيانا يبرز عدد قليل يكون لهم في العنق طوق من المعروف والجميل يلف العنق ولا يبرح ذكره عن القلب ولا يغيب عن العين طرفة عين يراهم البعض فينظر إليهم بإجلال ويرمقهم بإكبار ويغبطهم على كرم الخلال وحسن الفعال ويتمنى لو يرد لهم ذلك الجميل غير أن فضل المتقدم لا يدرك ( لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل ) .

****

الخروج إلى الفضاء بعيدا عن البنيان وعن ضجيج المدينة يعيد إليك شيئا من السكون ويبعد عنك شيئا من الضجر والضيق ولقد جربت وجرب غيري ذلك فوجدت فيه مثلما وجدوا ووجدوا فيه مثل ما وجدت ، أنت بحاجة إلى التأمل والتفكر ولا شيء يساعدك على ذلك أنسب من البعد عن المدينة بضجيجها وصخبها والبروز إلى الفضاء حيث الكون الفسيح والأفق الممتد والأرض متباعدة الأطراف عندما تخلو بنفسك وتتأمل فيما حولك ستجد راحة وسرورا وانشراحا يجل عن الوصف .

وتقبلوا تحياتي