بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلت لبيدبا الفيلسوف : قد سمعت هذا المثل ، فاضرب لي مثلاً في شأن من يخون العهد ، وينقض ميثاق الأخوة ويفعل الفعل القبيح يخسر به القريب ويرضي به الأعداء .
قال الفيلسوف : إنه لا يقْدِم على هذا الفعل الشنيع إلا أهل السفاهة و الجهل ، وسوء النظر في عواقب الدنيا والآخرة ، يبيعون الشي الباقي بعرض من الدنيا ، ولا عجب إذا حمدوا فعلهم ، وقبيح صنيعهم وعدّوه من الفراسة والذكاء ، فإن هؤلاء عاقبتهم إلى بلاء ، والجاهل خصيم نفسه .. ومثل ذلك مثل الأرنب والثعلب والقردة .
قلت وكيف كان ذلك ؟
قال الفيلسوف : زعموا أن أجمة في إحدى ضفاف الأدغال وافرة المياه كثيفة الأشجار ملتفة الأغصان تملكها أرنبة ... وكان على مقربة منها ثعلب يدعى (حصني ) وحدث أن تقابلا وذكرته الأرنبة بالعهد القديم الذي جرى بين أجدادهما بأن يعيشا بسلام ولا يخون أحدهم الآخر .
وبينما هم على هذه الحال حقبة من الزمن ...إذ نزلت قردة إلى أرض الأرنب من أعالي الجبال وسفوحها طمعاً في خصوبة المكان وادّعت أنها أرض أجدادها ... وجاء اليوم الذي تستردها فيه..
حاولت الأرنب مقاومتها وشكت صنيعها إلى الأسد إلا أنها قابلت أذناً صماء .. وضلت الأرنب على حالها تعاني عداء القردة وخبيث فعلها..
ثم قدر للأرنبة أن ولدت خرنقين سمت أحدهما فاتح والآخر حامس وبدءا يناضلان ويكافحن عن أرضهما..
وبما أن القردة سيطرت على معظم ضفاف الأرض إلا أنها فكرت بخطة لقتل الأرانب أو طردها وبما أن حامس مازال عرق المقاومة داخله ينبض ... وأنه تحدى الحصار المفروض وأصبح له في باطن الأرض سبيل يتقوى من خشاش أرض الثعلب على الشي اليسير لينافح عن أرضه .. شكت أمره إلى ملك الغابة .
الذي بدوره أرسل وفدا إلى الثعلب ... حتى إذا وقفوا ببابه أكرموا أيما أكرام.
قال كبير الوفد : أنت تعلم أن حامس يمتهن حفر الخنادق تحت الأرض وهذا يشكل خطرا على عملية سلامة الغابة وساكنيها مما يستدعي أن تجعل بينك وبينهم سدا من حدودك الشرقية .حتى لا يصلوا إليك .

وبما أن السيد ( حصني ) حاد الغباء ، سريع الرضوخ والانقياد وافق من فوره على هذا الطلب وشرع في البناء ...من أشد أنواع الصخور صلابة لكي يزيد تحصنه تحصنا.
سمعت الأرنب بالنبأ المفزع وهرولت إلى الحصني تذكره بالعهد والميثاق وأخوة السلام الذين عاشاه جنبا إلى جنب .
فأجابها : إن سلامة القومية الثعلبية العربية تستدعي ذلك...


آآآهاآآآه يبدوا أن الوضع هنا وهناك لا يختلف كثيرا ... أستودعك الله يابيدبا الفيلسوف أنا عائد إلى رفحاء.