قرر طبيب وصحافي سعودي بناء مسجد في نهاية العالم، وتحديدًا في بلدة شبه معزولة عن العالم، ورغم أن عدد المسلمين في تلك القرية الكندية النائية يتراوح بين 75 و80 مسلمًا إلا أن الطبيب السعودي وبمساعدة مهندس عراقي من مواليد الكويت نفذا هذا الحلم شبه المستحيل.


وحين يتم تثبيت المسجد وتركيبه سيأتي للبلدة بدفء تحتاجه بالتأكيد، فمعدل حرارة جوها يصل إلى 40 درجة تحت الصفر وأكثر.

تلك البلدة اسمها إينوفيك، وفيها يقيم بين 75 و80 مسلمًا، جميعهم تقريبًا عرب جاءوها من كندا التي يحملون جنسيتها. ولأنهم كانوا بلا مكان يقيمون فيه الصلاة، سوى بيت متنقل من الخشب عرضه 3 أمتار وطوله 7 أمتار، وبالكاد أصبح يسع نصفهم تقريبًا، نسجوا حلمًا ببناء مسجد لهم بإينوفيك البالغ عدد سكانها 3700 نسمة فقط.

مع ذلك فهي مهمة، وفيها ما يقطع السائح من أجله آلاف الكيلو مترات ليراه؛ لأنه يأخذ بألباب النظر.

ومع أن كل ما في البلدة التي يعني اسمها "مكان الناس" بلغة الاسكيمو الأصليين هو صقيعي من الجليد القاسي على سكانها، إلا أن الأسعار فيها تغلي على نار، فهي تزيد عن أسعار أي مدينة كندية تقريبًا؛ لأنها نائية ووصول البضائع والمواد الخام إليها مكلف وصعب ومرهق مثل زمهريات ورياح شتائها الطويل.

لذلك تحول الحلم ببناء المسجد إلى كابوس مالي يؤرق قلة من المسلمين وجدت نفسها غير قادرة على جمع ثمن الأرض وتكاليف البناء والتجهيزات وتوابعها المتنوعة، وكله يلزمه 750 ألف دولار على أقل تقدير، إضافة إلى أن الخبرة ببناء وتجهيز المساجد وكيف يجب أن تكون غير متوافرة فيها لأحد.

وهناك جهة ثانية ساهمت من بعيد بجهد بسيط لتكتمل الشخصية الفريدة من نوعها للمسجد، هي "العربية.نت" التي حين علمت من تواصلها مع القيمين عليه بأنهم حائرون في اختيار اسمه، اقترحت بدورها اسمًا وافقوا عليه سريعًا؛ لأنه يوحي بالبعد الجغرافي للجامع المبني من خشب يقاوم الصقيع، فاقترحت عليهم تسميته "مسجد نهاية العالم".

وما أن سمع د. قستي الاسم حتى أبدى سروره به عبر الهاتف، وقال: "صحيح. إنه الأفضل، فهو اسم على مسمى، وأنا موافق عليه تمامًا، والقرار هو في النهاية للإخوة بإينوفيك على أي حال". وهذا ما حدث مع المهندس أحمد الخلف بوصفه مدير مشروع المسجد بالبلدة، فقد هفا فؤاده سريعًا للاقتراح، وقال: "نعم، وافقنا وسنطلقه على المسجد حين يصل"، بحسب ما ذكر عبر هاتفه النقال من البلدة التي يعمل فيها مهندسًا مدنيًا ومديرًا لمشاريع هندسية بفرع وزارة الأشغال هناك.

ويقول د. حسين: إن أنسب علاج وجده للمشكلة المالية هي بناء المسجد في مدينة وينيبغ، عاصمة مقاطعة مانيتوبا وسط كندا، حيث يقيم مع زوجته السعودية د. سوزان غزالي وابنه وابنته منها، ثم نقله كما البيوت الجاهزة للتركيب بشاحنة ثم بعبارة تمخر به مياه نهر يصل إلى إينوفيك، حيث محطته الأخيرة.

وهذه هي أطول عملية شحن ونقل برمائية معروفة حتى الآن لبناء جاهز للتركيب، بحسب ما يؤكد د. حسين؛ لأنها تزيد على 4300 كيلو متر تقريبًا، وتستغرق 45 يومًا؛ "لذلك سنعمل على إدخالها في كتاب جينيس للأرقام القياسية"، وفق تعبيره من وينيبغ التي يقيم ويعمل فيها في حقل البناء وصحافيًّا يكتب المقالات في صحيفة شهيرة فيها اسمها "جراسروت"، إلى جانب اهتمامه بشئون الجمعية كناطق باسمها ومدير لحساباتها، وهي جمعية أسسها مع زوجته تكريمًا لوالدتها زبيدة هاشم تلاب التي توفيت بالولايات المتحد قبل 4 أعوام.