[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]


عرعر-عيد الحمّاد:
تعاني مدينة عرعر من نقص كبير في عدد المدارس الابتدائية للبنين والبنات على حد سواء
وفي هذا التقرير سنطلع المسؤول والمواطن على حجم المعاناة بكافة أبعادها وحجم التضييق على الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين

و"الشمال أون لاين" تتبنى هذه القضية من منطلق دورها الإعلامي ورسالتها السامية في خدمة المنطقة آملين بتجاوب إدارة التربية والتعليم في الحدود الشمالية معنا في كل مافيه مصلحة الطالب والمعلم من أبناء المنطقة




معاناة مستمرة


يعاني الكثير من المعلمين من أبناء عرعر من الغربة بعيدا عن مدينتهم وأهليهم
وإن كان لاغربة داخل الوطن إلا أنّ للأهل والأحباب حنين لايشعر به أحد كمعلمي عرعر
المعينون خارج مدينتهم والمغتربون عموما.
فهناك مالايقل عن 600 معلّم من خريجي كلية التربية بعرعر معينون في مناطق ومدن شتى
يكاد يكون لحفر الباطن النصيب الأكبر منهم.
فلايزال أغلب خريجي دفعة 1423هـ لم ينقل منهم أحد لمدينة عرعر حتى الآن !
أي منذ عشر سنوات تقريبا-وهناك تخصص التربية الفنية منذ 14 عاما- يتنقلون من مدينة لأخرى ،ويستعصي عليهم الاقتراب من مدينة عرعر !
أي أن من تزوج منهم في سنة تخرجه فأبناؤه الآن ينهون المرحلة الابتدائية !
هذه المعاناة قد لايشعر بها إلا من اكتوى بنارها ،فمن الترحال الدائم إلى معاناة البعد
عن أهاليهم في عرعر وما يولده هذا البعد من ضغوطات نفسية كبيرة على المعلمين ،ومن خطورة
على أرواحهم وأرواح زوجاتهم وأطفالهم كونهم يذرعون الطرق جيئة وذهابا في اجازات نهاية الأسبوع
والعطل النصفية والعطل الصيفية ، ويعلم الكثير من أهالي عرعر عن بعض حالات الوفيات على الطرق
لمعلمين بذلوا أرواحهم في سبيل العلم وكسب الرزق فرحلوا وخلفوا الحسرة والحزن في قلوب أبائهم
وزوجاتهم وأطفالهم اليتامى .

وهنا نقف لنترحَّمَ على شهداء التربية والتعليم من أبناء مدينة عرعر ونذكر منهم
محمد قياض العنزي رحمه الله الذي توفي وهو عائد إلى عرعر في يوم أربعاء أسود
راكان الرويلي توفي وترك ابنته ذات العامين يتيمة وهو عائد إلى عرعر من منطقة عمله
محمد عودة المضياني توفى بحادث مروري بالقرب من حفر الباطن
عدا الحوادث التي خلفت إصابات وصل بعضها للإعاقة

معاناة أبناء عرعر من المعلمين


يقول المعلم فهد المضياني عن معاناته : تعينت سنة 1423 هـ وتزوجت بعدها بسنة ولدي الآن طفلان
أكبرهم يدرس في الصف الأول الابتدائي !
ويكمل: عانيت الكثير ومررت بالكثير من المواقف فأول أربع سنوات كانت زوجتي تدرس في كلية التربية
للبنات في عرعر وكان تخصصها يتعذر وجوده في كلية رفحا _مقر عملي_ فأقمت برفحا لوحدي لأربع سنين
ورزقت بمولودي الأول وأنا في رفحا فكنت لاأراه إلا في يومي الخميس والجمعة على مدى أربع سنوات !

ويسهب في حديثه عن معاناته قائلا: كان الانتقال من عرعر إلى رفحا كل أسبوع في بداية تعييني مغامرة حقيقية
خصوصا أن الطريق كان مسارا واحدا وسيء للغاية وعرف عنه مسمى(طريق الموت)، لذا كانت أولى السنوات
مغامرات حقيقية بالأرواح ! وأذكر زميلا لي توفي عليه رحمة الله في شهر رمضان وهو متجه إلى عرعر
مع بداية إجازة منتصف عام أحد السنوات الماضية .ثم تحسنت الأمور قليلا مع ازدواج طريق عرعر-رفحا
ولله الحمد ولكن يبقى الشوق لوالدي وإخواني والاستقرار في عرعر عصيّا على التجاهل !

وعلى نفس منوال المعاناة يقول استاذ التربية الفنية عواد سحل : أكملت الآن أربعة عشر عاما وأنا أنتظر النقل لمدينتي عرعر !
ومن باب شرّ البليّة مايضحك يقول مازحا : أعتقد أني سأحال للتقاعد وأنا لم أنقل لمدينة عرعر !

ماجد العنزي يقول: تعينت قبل أربع سنوات والآن أمامي 250 معلما بمفاضلة النقل إلى عرعر ،وحركة النقل لعرعر بطيئة جدا
فكل سنة لايتجاوز عدد المنقولين أصابع اليد الواحدة! ولتسهيل الحساب نفترض أنه سينقل كل عام 10 معلمين إذن سيتم نقلي لعرعر سنة
1457هـ!! وطبعا سأكون تقاعدت قبل أن أصل لهذا التاريخ إن أمد الله في عمري!

ويحكي المعلم عبدالرحمن ظاهر معاناته بغضب قائلا: لو أنّ مدينة عرعر ليست بحاجة لعدد كبير من المدارس لصبرنا فهذا هو عملنا
ولكن مايثير الغضب هو أن تلاميذ عرعر يعانون من نقص المدارس وبعدها عن أحيائهم، والكثير من أحياء عرعر تخلو تماما من المدارس !
وكأن إدارة التربية والتعليم تريد أن تغيضنا!
ويضيف عبدالرحمن : أمامي الآن في مفاضلة النقل الخارجي لمدينة عرعر 322 معلم من نفس تخصصي فمتى سأدخل لمدينة عرعر؟؟
ويستغرب من إدارة التربية والتعليم عدم اتخاذها حلولا عاجلة : لماذا لاتستأجر إدارة التعليم في عرعر منازلا حتى يتم بناء مدارس حكومية؟؟
أم أن مصلحة الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور تحتمل التأجيل لسنوات وسنوات؟؟


أنور حيلان يقول ساخرا: تعينت هذا العام وعندما أرى معاناة من قبلي استبعد النقل نهائيا من فكري!

واشتكى محمد الدهمشي (معلم في هجرة من هجر العويقيلة) من التعب !قائلا: والله العظيم تعبنا !
عشر سنوات ونحن على الطرق ومن قرية نائية لأخرى ! لانستطيع الاستقرار ولم نذق طعم الراحة
فلانحن في عرعر ولانحن في غيرها ننتظر النقل كل سنة لعلنا نستقر في عرعر ونبني مستقبل أبناءنا!
ويعود فيقسم وهو يتكلم بعفوية: والله العظيم تعبنا ..! ياأخي افتحوا مدارس وسوف نأتي نحن وأولادنا ..

ويشتكي من القرار الأخير لوزارة التربية والتعليم عندما ألغت نقاط بدل النائي من مفاضلة النقل :

في نصف السنة وعندما أوشكنا على النقل من خلال أفضلية نقاط بدل النائي وبعد 10 سنوات من التعب تأتي الوزارة وفي لمح البصر
وبدون النظر لعواقب قرارها فتلغي نقاط بدل النائي فجأة وفي منتصف السنة !! فلايستطيع المعلم أن يتراجع عن القرى النائية ولا هو استفاد من القرية النائية !

ويقول سالم العنزي وهو معلم بمدرسة بالعويقيلة : تضطر والدتي للذهاب مع أبنائي لمدارسهم حتى يعبروا الشارع الرئيسي الفاصل بين مدرسة أبنائي
ومنزلي ،فأنا لاأستطيع أن أنقلهم بسبب عملي بالعويقيلة وسبق أن طالبت بمدرسة في حيّنا ولكن لاحياة لمن تنادي!

ويضيف سالم العنزي: المشكلة أني أعاني من نقص المدارس وبعدها عن منزلي وأعاني من بعدي أنا عن مدينتي!

قصص المعاناة في هذا الباب تطول لذا نكتفي بهذا القدر وندلف لبعد آخر من أبعاد المعاناة المستمرة..


معاناة من الداخل


يجْهَدُ أولياء الأمور-في عرعر- كثيرا مع نقل أبنائهم من وإلى مدارسهم الابتدائية لبعد تلك المدارس عن أحيائهم
نظرا لقلة هذه المدارس .وطلاب هذه المرحلة صغار في السن لايعون حجم أخطار الطريق أثناء الذهاب والعودة
من مدارسهم عدا ماقد يتعرض له الطفل من إيذاء ممن هم أكبر سنا منه، قد تصل للتحرشات الجنسية كما حدث
في عدة حالات نشرت في الصحف .نذكر منها القبض على عمالة وافدة تعرض أفلاما خليعة على بعض الطلبة
أثناء عودتهم من مدارسهم .
وبقي أولياء الأمور حيارى بين عدة خيارات أحلاها مرٌّ ،فهم بين التأخر على أعمالهم والخروج المبكر منها
والقلق على سلامة أطفالهم إن ذهبوا على أقدامهم وبين همَّ القدرة المالية على توفير سائقين ينقلون أبنائهم فضلا عن بناتهم !

يقول المواطن عيسى الدهمشي: أسكن في حي الصالحية وأقرب مدرسة لأطفالي مدرسة في حي المنصورية!!
لذا أطالب من خلال" الشمال أون لاين" توفير مدارس ابتدائية قريبة خصوصا أن طلاب المرحلة الابتدائية لايدركون أخطار الطريق
وأحمّل إدارة التربية والتعليم مسؤولية أي أذى يتعرض له أبنائي بسبب بعد مدرستهم!

يقول المعلم فهد الدهمشي والذي يسكن في حفر الباطن : أضطر للاتصال يوميا على والدتي لأطمئن على سلامة أخي الصغير
الذي يدرس في مدرسة ابتدائية في حي المنصورية ومنزلنا في حي الصالحية الشرقي لعدم وجود مدرسة في حيّنا
وابتدائية المنصورية هي أقرب البعيد لنا .ومصدر خوفي على أخي هو عبور شارع الملك عبدالله بن عبدالعزيز الفاصل بين الحيين
وما يمثله من خطورة على سلامة طلاب المرحلة الابتدائية الذي لايعون خطورته.

لايوجد مدارس خير شر


وأشتكى عدد من المواطنين من عدم وجود مدارس في أحيائهم !

فذكر أحد المواطنين ويسكن في حي الجوهرة أنه لايوجد مدارس في حي الجوهرة خير شر!!
مع أن الحي يحتاج لثلاث مدارس على الأقل .

وكذا ذكر مواطنون يسكنون في حي مشرف والربوة وشمال المنصورية والضاحية وغيرها!،واشتكى مواطنون في حي النسيم أن الحي يمتد على مسافة 3 كم ويوجد به مدرسة واحدة هي عقبة بن نافع في الوسط!


معاناة من داخل الداخل .


هذا البعد يكاد يكون أهمّ أبعاد المعاناة . فنقص المدارس وبعدها يؤدي لكثافة طلابية في الفصل الواحد
وهذه الكثافة تؤثر بالتأكيد على جودة الناتج التعليمي المرجو تحقيقه ،فعندما يكون لدى المعلم أربع وثلاثون
طالبا في الفصل الواحد، جميعهم يحتاج إلى تقويم مستمر ، ومتابعة دقيقة، واجراءات علاجية للطلاب ضعيفي المستوى
فلن يستطيع أن يؤدي رسالته التعليمية كما ينبغي فضلا عن التربوية وخصوصا مع المناهج الجديدة المطوّرة
وهذه الأعداد من الطلاب في الفصل الواحد ليست ضربا من الخيال أو تزييفا للواقع.



[/COLOR]