" العلم -أي علم- اليسير في يد الرجل الخلوق خير من العلم الغزير في يد الرجل السيء"
هكذا أوحت إلي نفسي بعد ذلك الحوار رغم محاولة إبليس الجادة لتخطئة العبارة
لكن بقيت العبارة هكذا وهكذا أيضا هم الناس يحبون من يتعامل معهم بأخلاق بطيب بحسن نية ولو كان أحمدي نجاد ..
ويبغضون الشخص المشين والغليظ ولو كان نبيا
قال تعالى " ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك "


أحيانا كثيرة وأنت تتابع الشارع السعودي أو العربي تجد أن أحدهم الحق معه
وبيده واضح لايحتاج إلى كتلوج أوضح من شمس الضحى بل أحيانا أوضح من وجهي في رابعة النهار ..
ومع ذلك لاتقتنع به لأنه فقط كان سيئا في أخلاقه كان متكبرا أو متعصبا أو متجهما..أو عبوسا قمطريرا .. إلخ ...
فهو لايفتقد الحق ولكن يفتقد الطرق السريعة الخالية من المطبات لتوصيل الحق مجانا

أذكر مرة أني صليت المغرب في أحد المساجد وكانت صلاة الإمام سريعة كالطائرة حتى تكاد تصاب بشد عضلي
ولما انتهينا وهبط بنا قام أحد المأمومين غاضبا وبدأ يتكلم على الإمام بصوت مرتفع حتى ظننت
أن الإمام قتل ابنه أو سرق منه شعيرا - على اعتبار الشعير غالي - فقام مأموم آخر يدافع عن الإمام ويعترض على أسلوب الأول وصارت معركة ..
أنا مقتنع أن الإمام على خطأ لكن أميل له فقط لأن المأموم الأول لم يكن مؤدبا...


في كل حوار ونقاش ماهو مطلوب منك أن تعرض علي رأيك ودليلك فقط لاغير
ومطلوب مني أن أعرض عليك رأيي ودليلي فقط لاغير
ليس مطلوب منك أن تجأ عنقي وأن تقنعني بكل ما أوتيت من قوة غير مشروعة في الحوار
وليس علي أن أسل قلمي وأشتمك في كل موقع وعلى كل جدار وفي الأرض والمريخ والقمر ولا أن أقنعك بكل ما أوتيت من نعومة ..
إن اقتنعت برأيي الحمدلله وإن لم تقتنع نبقى أحباب نبقى أصحاب ..
لإنك إن لم تقتنع برأيي وأنت تحبني خير وأحب من أن تقتنع برأيي وأنت تبغضني
فإن أبغضتني ربما لاتشتري لي بيبسي ولا تويكس ولكن إن أحببتني ستشريها ولو تخالفني ..



نحن لسنا بحاجة لأن نعقد صفقة مع إبليس لينفث بيننا بسوء فالذي بيننا ليس فكرة فقط إن انتهت انتهينا ..
لا بل بيننا علاقة فإن اختلفنا بالفكرة تبقى العلاقة عالية ليس لها شأن ولم ترتكب جرما ولم تتلطخ بنفس إبليس ..


نحن لسنا سُـلطة على الناس نجبرهم على آرائنا رغما عن أنوفهم
نجبرهم أن ميسي أفضل من رونالدو مثلا نحن نقول لهم وإن شاؤوا أيدوا وإن لم يشاؤوا هم أحرار ولم ولن نستعبدهم
وأيضا لانكون سـَـلطة عند الناس يفعلون بنا مايشاؤون من تعبئة آراء اقتنعوا فيها
كأن يقولوا رفحاء أجمل من صلالة علينا نستمع نناقش بكل روح رياضية
وبكل هدوء أعجبنا الحمدلله وإن لم يعجبنا لا نسبهم ونشتمهم بل نحترمهم ونقدر لهم..


لله در ذلك الحوار الراقي الذي دار بين الشافعي وأحمد وخرج كل منهما مقتنع برأي الآخر
ليسطروا لنا على جبين المواقع فن الحوار فن السماع
لم يغضب الشافعي ويكتب في الساحات العربية ضد أحمد ويقول أنت طالب فكيف ترد على شيخك ...!!؟
ولم يغضب أحمد ويتكلم في شيخه ..في الجرائد والمجلات..



فيأيها السادة : لا نجعل الناس تصد عن الحق بسبب سوء الخلق ..
وإن أردنا أن نقنعهم حقا ..
فإنه وحدها الكلمة الحسنة تجعل السم عسلا..
وحدها الكلمة الحسنة تفتح القلوب..
وحدها الكلمة الحسنة تغير القناعات..
وحدها الأخلاق ... تغير دول..

وياليت قومي يعلمون


بريشة
ابن الغابة