الساعة التاسعة مساء في إحدى السباسب وبجوار خيمتهم اجتمع ثلاثة كراتين من عائلة حليب السعودية
اثنين أبناء صغار في عمر الزهور لازالوا خفيفي الدسم وثالثهم الجد الكبير الذي بلغ من كمال الدسم عتيا
جلسوا في ليلة مقمرة وجو دافئ وهواء ساكن وطيور الليل تلقي أنفسها في نارهم في عمليات انتحارية كأنها من الكاميكازي ..
جلسوا على أطراف النار وعلى أطرافها تأنس النفوس و تزين الحكايا والذكريات وحتى لو كنت وحيدا ..

"جدي ..." نطق الحليب الأكبر بصوته المبحوح " رأيت مقطعا لوالدي -حليب السعودية -وهو ينقذ رجلا
فليتك تحدثنا عن سيرة والدي عسانا نقتبس من نورها .."

إيه إيه ياأبنائي .. " تكلم الجد " كان والدكم - رحمه الله - رجلا شهما شجاعا يحب الخير
وكانت كل السعودية تعرفه بل الخليج كاملا يعرفه فصوره تظهر في التلفزيون والجرائد وأخباره
يتناقلها البشر وقصصه حديث المجالس , لطالما أنقذ مسكينا من الأشرار ولطالما أخرج صغيرا من الأخطار
له طيران طرزان وخفة جاكشان وقوة رامبو وذكاء كونان
وقد كان الناس إذا ضاقت بهم السبل صاحوا أنقذنا ياحليب السعودية ..
وهو قد أعطي من السمع مثلما أعطيت زرقاء اليمامة من النظر
كان يسمع أقاصي البلاد قبل أدانيها وينصت لشرق الديار وغربها ..وما إن يسمع تلك الجملة " أنقذنا ياحليب السعودية "
يقفز كمن راى ثعبان في حضنه ويركض بسرعة الضوء نحو الصوت وينقذ صاحبه ..
فصار أعجوبة زمانه كما أن ميسي أعجوبة زمانه في الكرة .

الحليب الكبير : تقصد كرستيانو رونالدو ياجدي ..!؟

الحليب الصغير فاغر مزازه ومتعجبا : اللـــــــه ! ولكن كيف مات أبي ..!؟

الجد : في ليلة من الليالي الغابرة صاح شخص من رفحاء ..
قاطعه الحليب الصغير وهو يضع يده أمامه لتقيه دخان النار : رفحاء ..! وماهي رفحاء ..!؟
قال الحليب الكبير وهو يرمي قطعه من الحطب في النار : لقد قرأت عنها في موسوعة جينيس
هي أكثر مدينة فيها مطبات وحفر
وأيضا هي غنية في فيتامين " و " ..
الجد : وأيضا أخرجت أبرز كاتبين في الجرائد محمد الرطيان وصالح الشيحي
ثم أخذ الجد ينفخ على النار أففففففففففف أفففففففففف
ورفع رأسه وأكمل : صاح رجل من رفحاء أنقذني ياحليب السعودية فقد سقط الرجل في إحدى
حفريات البلدية المنتشرة انتشار المتثيقفين في السعودية أو قل انتشار الفساد في بعض الوزارات
المهم ياولدي أنه في هذه الأثناء كان والدك في حفر الباطن

صاح الحليب الصغير : نعم أعرفها
الجد : شاطر
عرف الحليب الصغير مقصد الجد من كلمة شاطر فهي بمعنى " ولا كلمة "
الجد : ثم انطلق والدك بكل سرعة مع طريق الحفر متجها إلى رفحاء وفي أثناء سيرة
وعند إحدى التحويلات ظهرت له شاحنة مليئة بالحديد فاصطدمت بأبيك
ومات من فوره إثر ذلك الحادث على طريق الموت طريق رفحاء - الحفر.
ذلك الطريق الذي ذهب ضحيته ناس كثر ومن ضمنهم والدك..
ذلك الطريق الذي لو أصلحوا كل يوم مئة متر انتهوا منه ..
ذلك الطريق الذي خرب قبل زلزال اليابان فصلحت اليابان بعد الزلزال وعادت كما كانت وهو لم يصلح
ذلك الطريق الذي لم يجد أمينا بعد ...

رفع الحليب الأكبر بصره نحو جده فسطعت على ضوء القمر قطرة حليب من عين الجد
عرف منها أن جده يبكي ثم رفع الحليب الأكبر كفيه إلى السماء وقال : اللهم ارزقنا هذا الأمين ..
فقال الجميع آمييييييييييييييين ولازالوا ينتظرون الأمين ...