



-
المركوز وخط الشمال (سليمان الفليح)- جريدة الجزيرة
[align=center][align=center]المركوز[/align][/align]
سليمان الفليح
ها أنذا أسلك خطّ الشمال في ظهيرة قائظ (بيوم من الجوزاء يستوقد الحصا) و(تلوذ بأعضاد المطايا جخادبه) .. وها أنذا والحمد لله مفتوح الصدر للهواء البارد في السيارة المكيَّفة، لا على ظهر (الرحول) حيث (كانت) تصهدني الشمس ولا أجد ظلاً ألوذ به كالجخدب الصغير الذي تحدّث عنه بركات الشريف في قصيدته الرائعة التي يقول فيها أيضاً:
[align=center]اليا أنبحتنا من قريب كلابه
ودبت من البغضى علينا عقاربه
نحيناه بأوراك المطايا ويممت
بنا صوب حزم صارخت ثعالبه[/align]
وها أنذا أقترب من الحزم لا (حزم الجلاميد) بل حزم المركوز .. ذلك التل المركوز كحربة الرمح في خاصرة صحراء الشمال.
* * *
أتوقّف عن السير وأصعد إلى الجبل الصغير، ثم (أقعي وأمثل) كأنني الشنفرى أو ذئب يكاد أن يقتله السغب، حينما يرتحل الرعاة إلى أقاصي الشمال ويتركوا المركوز تصفعه الرياح وحيداً في البيداء.
أتأمّل وأنا في رأس المركوز خط الشمال، وأنا أستعيد ذكريات حائله في ذاكرة الزمان ثم أرفع العقيرة بالغناء:
[align=center](ما يرقب المرقاب كود المشقى
والاّ غريب الدار والاّ الهواوي) [/align]
بالطبع - أنا الآن - لست أحد هؤلاء الثلاثة - وإن كنت في ذلك الزمان كلهم (أيام الفقر والفاقة والترحال) حينما كنا:
* * *
أشيح بالنظر إلى خط الشمال حيث يحاذيه خط التابلين كأفعوان معدني يتلوّى على جسد الصحراء مذ كنت طفلاً، ولم يزل بصمته الأزلي يواصل امتداده العتيد، لكن هذا الخط أو الطريق لم يزل كما هو، تعمل فيه شركات لم تنجز منه شيئاً، رغم أنّها تعمل في إصلاحه منذ أكثر من عشرة أعوام، فلو فرضنا أنّ هذه الشركات تنجز كلّ يوم منه متراً واحداً باعتبار أنّ العام = 360 يوماً مضروباً في عشرة أعوام لكان هنالك 3600 يوم، مع أنّ هذا الخط لم يتجاوز ألف كيلو (أي من حفر الباطن - إلى القريات) .. فماذا يقول المسئولون عن ذلك؟!
[line]
شكرا سليمان ...
المصدر :
جريدة الجزيرة - الاحد 16/7/1426 هـ
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)