قارن وأنت الحكم
الرطيان والشيحي




عندما يقوم الـ"hotmail" بمراقبة ما نكتب!

محمد الرطيان*
(1)
قبل أسبوعين، كتبت مقالا ً بعنوان "مشروع مقال غير مشروع".. وكان يدور حول الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وعلى حكومته المنتخبة، وذلك لتجويعهم، وتركيعهم، لكي يقدموا المزيد من التنازلات (إضافة لما قُدم سابقاً) وطبعا ً العالم الغربي فضح نفسه بهذا الحصار غير الإنساني، وكشف أمام العالم أجمع، أن كل دولار يقدمه، يطلب مقابله شيئاً من التنازل من الجانب الفلسطيني.
وكنت في المقال المذكور أدعو الزملاء من الكتاب والمثقفين العرب لأن نتجاوز "القول" إلى "الفعل" وذلك عبر تقديم مكافآتنا الصحفية - أو جزء منها - دعماً للشعب الفلسطيني.
وكعادتي كل سبت، عند نشر المقال في الصحيفة، أقوم بإرساله إلى الصحف والمجلات الأخرى التي أتعامل معها، وتعيد نشر ما أكتبه.. وكذلك أرسله لبعض الأصدقاء الذين يتابعون ما أكتب.
كان هذا المقال آخر ما أرسلته عن طريق البريد الإلكتروني hotmail.
في ذلك اليوم تحديدا ً لم أستطع أن أدخل إلى بريدي الإلكتروني، واستمر الوضع لعدة أيام... بعدها استعنت - بعد الله - بالعديد من الأصدقاء الذين يجيدون التعامل مع الكمبيوتر، ولكن، كل المحاولات باءت بالفشل.. وبعد مرور أسبوعين على إغلاق البريد، قمنا بإرسال رسالة إلى إدارة الدعم في الشركة، بعد أن وصلنا إلى نتيجة واحدة وهي أن الشركة هي التي قامت بإغلاق الحساب، علما ً بأن بريدي لم يكن مجانيا ً، بل هو بريد مدفوع الثمن، أرسل لهم كل عام بضعة دولارات لكي أحصل على الحماية، وعلى مساحة أكبر، بالإضافة لبعض الفوائد الأخرى.
وأتى الرد المفزع منهم، والذي يؤكدون فيه أنهم هم من قام بإغلاق الحساب، لأن ما قمت بإرساله في الفترة الأخيرة يحمل بعض "الأفكار البغيضة والتي تدعو للكراهية"!!
الدعوة لمساندة الشعب الفلسطيني، وإرسال التبرعات له، في نظر هذه الشركة الأمريكية هو شيء " بغيض وكريه"!
لم أستغرب هذا الأمر، ولم يفزعني هذا الرأي... الذي أفزعني أن هذه الشركة لم تحترم الخصوصية، وأنها تراقب ما أكتبه، وما أرسله للآخرين!..
وحسب (ما تراه هي) تحدد ما هو بغيض وكريه، وتحدد العقاب متى شاءت، وبأي طريقة تريدها... وبعد أن قامت الشركة بفتح الحساب - بعد إغلاقه لنصف شهر - أعادت فتحه مع رسالة تهديد، تحذرني مستقبلا ً من كتابة ما هو "كريه وبغيض" وإلا.. فإنهم سيقومون بإغلاقه مرة أخرى!!
(2)
ويرسل المثقفون في أمريكا سؤالهم المدوّي: "لماذا تكرهوننا"؟!
ونرسل سؤالنا الأكثر دويا ً إجابة على سؤالهم: "ولماذا نحبكم"؟!!
(3)
أيها الناس..
انتبهوا.. فـ"المايكروسوفت" يراقبون - حتى أنفاسنا - وتوجهاتنا، ويحددون ما هو بغيض وكريه فيها.
وأخيرا، أقدم لكم هذه النصيحة المجانية:
اذهبوا إلى أقرب مستشفى إلكتروني (شركة برمجيات) لفحص أجسادكم، فقد تكونون مصابين ببعض "الفايروسات" الإلكترونية.. وأنتم لا تعلمون!


ماستر كارد


صالح الشيحي
مما يزهـدني في أرض أندلسٍ
أسماء مقتدرٍ فيها ومعتضِـدِ
ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
ـ ظاهرة انتشار الألقاب ظاهرة ملموسة حقيقية ترتبط ارتباطا وثيقاً ـ لا فكاك منه ـ بالواقع من حولنا.. استفحلت الظاهرة مع انتشار الفضائيات، حتى أضحت هذه الألقاب توزع مجاناً في مجتمعنا على وجه الخصوص ـ ولعلها بالمناسبة رد بليغ على من يسلبون منا حقنا في (الخصوصية)!!
ـ لقد أصبح بإمكانك أن تسبق اسمك بما تشاء من ألقاب التفخيم والتعظيم والتبجيل دونما رادع أبداً.. ولن تعدمك الوسائل؛ فالوسائل متعددة وعديدة.. حسب مقاس وحجم اللقب، ونوعه، وعدد حروفه، تكون متانة وقوة الوسيلة التي تحتاج إليها للعبور.
ـ فإن كنت (شاعراً) ـ على سبيل المثال ـ فكل ما تحتاجه هو مقدم برامج شعرية أو معد صفحة شعبية.. ليخلع عليك لقب شاعر الخليج الأوحد، أو الشاعر الفذ.. حتى وإن كان ما تقذفه في وجوهنا مسخاً لا هو بالشعر ولا هو بالنثر ـ وكذا بإمكانك أن تفعل ذات الشيء إن كنت كاتباً أو أديباً أو محللا أو خبيراً أو حتى.. خبازاً!!
ـ من أكثر الألقاب انتشارا في مجتمعنا بالذات لقب (الشيخ) ـ وقد كنت بالمناسبة قد تحدثت عن هذا العام قبل الماضي ـ غير أن الأمر اليوم تجاوز لقب (شيخ) ذاته إلى لقب (فضيلة) أو (سماحة) فصار يحملها كل من أراد.. حتى وإن كان حامله لا يحمل من (الفضيلة) ما يجعله يمسك لسانه عن أعراض الناس.. ولا يحمل من (السماحة) ما يدفعه للابتسام في وجوهنا.
ـ وعلى كل حال فالأمر ليس حكرا على لقب (شيخ) ـ لدي هذه اللحظة أكثر من 20 لقباً نستخدمها في حياتنا اليومية ـ لكنني خصصته بالحديث قياساً بالفوائد الجمة بأنواعها.. قصيرة الأمد أو طويلة الأمد.. تلك التي تعود على حامله.. تماماً كأنه بطاقة فيزا كارد!