



-
أخوي أبو الطيب
كلامك جميل
وإجابة على تسائلك المشروع هل سيدوم ذلك طويلاً سأورد لك نصيحة أسدها الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى للملكة العربية السعودية عام 1973م في محاضرة ألقاها بعنوان (قصة تحرير المرأة) بدعوة من لجنة التوعية .
نقلته لكم من كتاب موقفنا من الحضارة الغربية
يا سادة....
حركة تحرير المرأة حركة أجنبية ولكن أعان عليها أن المرأة كانت يومئذ من القهر والظلم لا يرضى بها الإسلام ، ولا تشبه وضع المرأة في الإسلام ولو أن علماء المسلمين دعوا إلى تحريرها باسم الإسلام وضربوا لها المثل الكامل بالمرأة المسلمة ، لما تركوا لقاسم أمين ( أحد التغريبيين ، ودعاة تحرير المرأة) مجالاً لمقال ، ولكنهم سكتوا وكأنهم رضوا فبرز أولئك فتكلموا وأنكروا ، وقالوا بتحريرها باسم الغرب ، وجعلوا قدوتها المرأة الغربية ، فجروا علينا هذا البلاء كله ، ولكن علماء المسلمين بسكوتهم يحملون قسطاً من هذه التبعية.
يا سادة ..........
إن السيل إذا انطلق دمر البلاد ، وأهلك العباد ، ولكن إن أقتمنا في وجهه سداً ، وجعلنا لهذا السد أبواباً نفتحها ونغلقها ، صار ماء السيل خيراً ونفع وأفاد
وسيل الفساد ، المتمثل في العنصر الإجتماعي مر على مصر من خمسين سنة ، وعلى الشام من خمس وعشرين أو ثلاثني ، وقد وصل إليكم الآن ، فلا تقولوا نحن في منجاة منه، ولا تقولوا نأوي إلى جبل يعصمنا من الماء ، ولا تغتروا بما انتم عليه من بقايا الخير الذي لايزال كثيراً فيكم ،ولا بالحجاب الذي لايزال الغالب على نسائكم ، فلقد كنا في الشام مثلكم _ إي والله_ وكنا نحسب أننا في مأمن من هذا السيل ، ولقد أضربت متاجر دمشع من ثلاثنين سنة أو أكثر قليلاً ، وأغلقت كلها ، وخجرت مظاهرات الغضب والإجتحاج لأن مديرة المدرسة الثانوية ، مشت سافرة _ إي والله_ فاذهبوا الآن فانظروا ما حال الشام!!
دعوني أقل لكم كلمة الحق ، فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس:
إن المرأة في جهات كثيرة من المملكة ، قريب وضعها من وضع المرأة المصرية يوم ألف قاسم أمين كتاب (تحرير المرأة) فلا يدع العلماء مجالاً لقاسم جديد.
هذا الخطر لا يحارب بالأسلوب السلبي ، بطريقة الرفض والإبقاء على القديم ، إن بنت بنتي وهي الآن على عتبة الزواج، لا أستطيع إلزامها بالزي الذي كانت تتخذه أمي ، ولا الشرع ألزمها به بذاته ، بل منعها من كشف العورات ، وترك لها اختيار الزي الذي يسترها ، ولا يستجلب الأنظار ، ويوافق الزمان أي الزي الساتر الأنيق
إني لا أستطيع أن اسيرها على خطى أمي تماماً ولكن علي أن لا أدعها تخالف الشرع
إن ما يتعلق بالمرأة من الحضارة المعاصرة هو الثغرة الكبرى التي دخل علينا منها العدو ، لقد كان نصره علينا ساحقاً ، نعم هذه الحقيقة ................... فلماذا لا نعترف بها؟
إن الإعتراض بالهزيمة دليل على بقاء القوة في أعصاب المهزوم ، وعلامة على أنه قادر على استرجاع النصر إن خاض المعركة من جديد
لقد نالوا منا جميعاً ، لم ينج منهم تماماً قطر من أقطار الإسلام
إنه لا يستطيع أحد منا أن يقول : إن حال نسائه اليوم كما كانت حالهن قبل أربعين أو ثلاثين سنة .
ولكن (الإصابات) كما يقال ، ليست على درجة واحدة ، فمن هذه الأقطار ما شمل السفور والحسور نساءه جميعاً ، أو الكثرة الكاثرة منهن، ومنها ما ظهر فيه واستعلن وإن لم يعم ولم يشمل ، ومنها ما بدأ يقرع بابه ويهم بالدخول ، أو قد وضع رجله في هليز الدار كهذه المملكة ، لاسيما جهات نجد وأعالي الحجاز
فإذا كان علينا مقاومة المرض الذي استشرى فإن عملكم أسهل ، وهو التوقي وأخذ (اللقاح) الذي يمنع العدوى
أعود فأقول بأن السلبية لا تفيد ، والجمود في وجه السيل الطاغي لا يجي ، بل لايمكن
فادرسوا أوضاع البلاد الأخرى كيف دخل هذا التكشف وهذا الإنحلال إليها
لدي رصيد لا يكاد ينفد ، من الأمثلة عما يجري في بيوت بعض من ينتسب إلى الإسلام من التكشف والاختلاط، في جامعاته التي وصلت إلى حد إقامة مسابقات لانتخاب ملكة جمال الكلية! والحكام الطلاب!!!! إلى أن تنشر الجرائد من أيام أن معركة وقعت بين فريقين من الطلاب كلهم دون 18 سنة
في ثانوية مختلطة ، وسبب المعركة نزاع على إحدى الطالبات!!!! إلى أن مجلة مشهورة ، في بلد معروف قد وضعت على غلافها عنوان مقالة فيها ، وهذا العنوان ( ثلاثة تقارير لثلاثة أطباء كبار تثبت أن أربعين في المئة من الجامعيات فقدن العذرية!)
كنت أريد أن أتوسع في الكلام على الناحية النسائية من هذه الحضارة ، وعلى حال الشباب فيها ،ولكني ألقيت من شهر محاضرة هنا عن هذه الناحية وألقيت في جامعة الملك عبدالعزيز من قبل سنتين ، محاضرة عن ( مشكلات الشباب تحدثت فيها عنها بالتفصيل) فلا مجال لإعادة المقال.
إن علينا أن نفهم الفتاة العربية أو الفتاة المسلمة حقيقة لا نزاع فيها سمعنا عنها من الثقات ورأيناها ، رأيتها أنا في أوربا رأي العين
إن المرأة في أوربا ليست سعيدة ولا مكرمة ، إنها ممتهنة ، إنها قد تكرم مؤقتا وقد تربح المال، دام لديها الجمال فإذا فرغوا من استغلال جمالها رموها كما ترمى ليمونه امتص ماؤها
فكيف تفهم المرأة عندنا هذه الحقيقة؟ كيف نقنعها بأن الإسلام أعطاها من الحق ، وأولاها من التكرمة ، مالم تنل مثله المرأة الأوروبية أو الأمريكية؟
وأنه صانها عن الإبتذال ، ولم يكلفها العلم والكسب ؟
كيف؟.............. أنا أقول لكم كيف
بالفعل لا بالقول ، بأن نعاملها المعاملة التي يرتضيها لنا ديننا ، بأن نعتبر الخير فينا ، من كان يعامل امرأته وبناته بالخير.
أن تكون المرأة المسملة اليو ، كما كانت في صدر الإسلام ، اقرؤوا إذا كنتم لاتعرفون ، تروا أنها لم تكن تعامل كما يعامل كثير منا نسائهم
يا سادة ...............
العفو إن أطلت عليكم وسأختم محاضرتي ملخصاً ما قلته في كلمات معددوات
إن الحضارة المعاصرة ، كما سماها من دعاني لهذه المحاضرة ، قد خالطتنا وغلبت علينا ن شئنا أم أبينا ، وقد فاجأتنا مفاجأة أزاغت أبصارنا ، وافقدتنا ملكة الحكم عليها فترة من الزمن ، انقضت الآن ، وصرنا نستطيع أن نحاكمها وأن نفرق بين خيرها وشرها ، فلا نرد خيراً لأنه جاء من عند غيرنا ، ولا نقبل شراً لأن أصحابه أكثر حضارة منا.
فما يفسد العقيدة ، أو يخالفها ، وما يطلق الشهوات ويكشف العورات ويدعوا إلى ارتكاب المحرمات وضياع العفاف ، وتك العرض ، وتقليل النسل ، فهذا يجب وجوباً لا تساهل فيه ، أن نرفضه وإن كان قد وصل غلينا وداخلنا فعلينا أن نتخلص منه ، وننأى عنه وأن نفكر تفكيراً جماعياً شورياً بأسلوب هذا الرفض ، وفي طريق هذا الخلاص المنشود .
نسأل الله أن يمدنا بعونه وأن يسدد خطانا
قولوا : آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)