[align=center]• منهج مقترح لتعليم أهالي تلك المناطق :
أـ من أولى ما يعلِّمه الدعاة إلى الله أهالي تلك المناطق أبجديات الإسلام من قضايا الاعتقاد وأصول الإسلام ، كأركان الإسلام والإيمان والإحسان ، و معرفة الرب ـ سبحانه ـ و معرفة نبيه ـ عليه السلام ـ ومعرفة الإسلام بالأدلَّة ، مع تذكيرهم بقضايا اليوم الآخر (يوم القيامة) وأهوال ذلك اليوم ، ويمكن الاستعانة على ذلك بعدَّة كتب منها: ( الأصول الثلاثة وأدلَّتها) وكتاب (الواجبات المتحتِّمات المعرِّفة بدين الإسلام ) كلاهما للشيخ : محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ، وكتاب (أعلام السنَّة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) للشيخ : حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ ، وكتاب ( الدروس المهمَّة لعامَّة الأمَّة) للشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ وكتاب:( ما لا يسع المسلم جهله ) للدكتور عبد الله المصلح وصلاح الصاوي ـ وفَّقهما الله ـ
ب ـ يلي ذلك تعليمهم كتاب الله ـ عزَّ وجل ـ فيجلس الدعاة معهم ويعلِّمونهم من سورة الناس إلى سورة الزلزلة ، مع تفسير ميسَّر لمعانيها، ومن خير الكتب الميسَّرة في ذلك كتاب:(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) للشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ وكتاب تفسير العشر الأخير للدكتور: محمد سليمان الأشقر.
ج ـ التركيز على الرقائق الإيمانيَّة ، والمواعظ التي تحيي القلوب ، فإنَّهم محتاجون لذلك أشدَّ الحاجة ، فالديانة لديهم قليلة ، والجهل بينهم منتشر ، ولا بأس بأن تطرق هذه المواعظ بعد انتهائهم من الصلاة .
د ـ تعليمهم الأحكام الهامَّة التي تهمُّهم من القضايا الفقهية ، كأحكام الطهارة ، وأحكام الصلاة مع التركيز على تعليمهم الصلاة تنظيراً وعملاً وتمثيلاً ، وتحفيظهم لشروطها وأركانها وواجباتها، وعدم الغفلة عن تعليمهم صلاة الجنازة ، وكيفيَّة تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه لأنَّ كثيراً منهم لا يعلم ذلك ألبتَّة ، ومن الجيِّد تعليمهم بعض أحكام الزكاة ومبادئها التي تخصُّهم ، وخصوصاً أحكام زكاة السائمة ، وبهيمة الأنعام.
ومن الكتب المفيدة والمختصرة في هذا الباب كتاب :(الملخص الفقهي) للشيخ :صالح الفوزان ، وكتاب :(الوجازة في تجهيز الجنازة) للشيخ : عبد الرحمن الغيث ، وكتاب :(كيف تزكِّي أموالك) للشيخ : عبد الله الطيَّار.

هذه بعض التوجيهات والأفكار التي أحببت أن أبثَّها إلى إخواني الدعاة وأهل الهمم من طلبة العلم، ليدركوا الجهل الواقع عند هؤلاء الذين يعيشون في جنوب جزيرتنا العربيَّة ، وليستشعر الإخوة من طلبة العلم أهميَّة دعوتهم إلى الله تعالى ورفع الجهل عنهم ، لأنَّ الله سيحاسبنا على تقصيرنا في دعوتهم .
وهذا هو المرجو من طلبة العلم أن يتَّقوا الله في علمهم ، وأن يزكُّوا عمَّا لديهم من علم ، وأن يخرجوا من مدنهم لتلك المناطق النائية ، فقد صارت المدن مقبرة للعلماء والدعاة من كثرتهم ، وقلَّة من يخرج منها ؛ لعلَّهم يبلِّغون أهل تلك المناطق دين الله ـ تعالى ـ فهو أولى بهم من الانزواء والانكماش.
والله تعالى يقول : (وأنذر عشيرتك الأقربين) فهؤلاء القريبون منَّا هم أولى بالرعاية والعناية بتعليمهم أصول الإسلام من الذين يعيشون في أدغال إفريقية مع عدم تحقير جهد الداعين إلى الله في أدغال إفريقية ، ولكن أين طاقات أهل الهمم بالدعوة إلى الله في أدغال بلادنا ومناطقنا النائية؟!

ولنتأسَّ بالصحابي الجليل أبي بكر الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ حين قال :(أينقص الدين وأنا حي) فنتشبَّه به ، ونجاهد أنفسنا في تبليغ رسالة الله إلى العالمين ، كي لا نتأسَّى على نقصان ديننا !
ولا أخفي على القارئ الكريم سرَّاً أنَّ أهل تلك المناطق يفرحون أشد الفرحة لمجيء الدعاة إلى الله ، ونصب خيامهم بالقرب منهم ، وتعليمهم دينهم ، بل قد لا يدعون لهم وقت راحة ، من كثرة أسئلتهم واستفساراتهم واستشاراتهم لك في أمور دينهم ودنياهم .
ويشهد الله عزَّ وجل كيف كانت لحظات الوداع حين أزف رحيلنا من منطقتهم ، رجالهم وصغارهم وشبابهم يبكون ، ويرجون منَّا أن نبقى عندهم زيادة في الأيام ، أو على الأقل عدم نسيانهم في السنوات القادمة لتعليمهم ورفع الجهل عنهم .
وأذكر أنَّ أحد شيوخ القبائل الخيِّرين كان يناشد الإخوة القائمين على أحد المكاتب التعاونيَّة الدعويَّة ، ويذكرهم بالله واليوم الآخر بأن يأتوا بدعاة لهم يعلِّمونهم أمور دينهم ، ويقيمون الدورات العلميَّة في منطقتهم.
فلولا نَفَرَ جمع من الإخوة الفضلاء من طلبة العلم ، والدعاة إلى الله ، إلى أهالي تلك المناطق ، ودعوتهم إلى دين الله ، وأن يستشعروا الأجر الكبير المترتب على ذلك ، ولو لم يرد منه إلاَّ قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) أخرجه البخاري ومسلم.
كما أنبِّه التجَّار لأهميَّة دعم الدعاة إلى الله ، وإرسال الهدايا والمعونات والأرزاق معهم إلى أهالي تلك المناطق ، ليتشجَّعوا بالحضور إلى الدورات المقامة من الدروس التي ترفع الجهل عنهم ، وكما كتب لي أحد الإخوة المشايخ ممَّن نفر لتلك المناطق قائلاً:( ولو أنَّ المكاتب التعاونية التي في تلك المناطق النائية دُعِمَت كما تدعم النصارى إرسالياتها وكنائسها لكان ما كان).

ومن هذا المنطلق فإنِّي أناشد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميَّة والدعوة والإرشاد ، بأن تمتطي صهوتها ، وترسل الدعاة إثر الدعاة لدعوة أهالي تلك المناطق لدين الله ، وتصحيح معتقداتهم ، لعلَّ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ يحدث بعد ذلك أمراً لتغيُّر الحال ، وأملنا في وزارة الأوقاف كبير جداً .
وقد حُكِيَ أنَّ صعصعة بن صوحان ـ وكان من حكماء العرب ومفكريها ـ دخل على معاوية ابن أبي سفيان ، فسأله معاوية قائلاً : يا ابن صوحان صف لي الناس ! فقال: خلق الناس أطواراً ؛ طائفة للسيادة والولاية ، وطائفة للفقه والسنة ، وطائفة للبأس والنجدة ، وطائفة رجرجة بين ذلك يغلون السعر ويكدرون الماء إذا اجتمعوا ضروا ، وإذا تفرقوا لم يعرفوا.

فاحذر أخي أن تكون من هؤلاء الرجرجة ، الذين لا عمل لهم إلاَّ كثرة الصياح والجلبة ، أو الذين لا عمل لهم ولا هم إلاَّ تكسُّب العيش ، والركون للدنيا .
وأكتفي بهذا القدر ، سائلاً المولى ـ عزَّ وجل ـ أن يجعلنا من أنصار دينه بالحجَّة والبيان ، والسيف والسنان ، وأن يهدينا ويهدي بنا ، ويهيئ لنا من أمرنا رشداً ، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
.............................[/align]