[align=center]


إن التحذير الذي أطلقه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن الهلال الشيعي وتبعه فيما بعد تحذير من الرئيس المصري حسنى مبارك عن الخطر الشيعي، ومن قبله وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل عن التدخل الإيراني في العراق والمنطقة لم يأت من فراغ، ولم يكن مجرد تصريحات تُُلقى هكذا، فإن ما يرمون إليه هو بالتأكيد حلقات في سلسلة "المشروع الشيعي" الذي يلتف حول رقابنا شيئاً فشيئاً.


إن مقارعة اليهود ومن غير توقف وبكل الأساليب مطلب ننادي به دائماً، لكن إن ارتضينا أن نسلم راية الحرب على اليهود "لحزب الله" أو "طهران" ومن ورائها، فإن هذا يعنى أننا سلمنا مع الراية مقصلة إعدام السنة، وهذا ليس بالأمر المبالغ به، فتاريخ الشيعة على مر العصور أصدقاء حميمون لملل الكفر بأشكالها وألوانها، وأما أهل السنة فإنهم نواصب وأعداء دائمون.


واليهود – قاتلهم الله - ينظرون للشيعة في لبنان على وجه التحديد ولعهد قريب أنهم لا يشكلون أي خطر، وليس أدل على ذلك مما كتبه "السفاح شارون" في مذكراته متحدثاً عن خطته المتعلقة في اجتياح لبنان التى قدمها لمجلس الوزراء في نوفمبر 1981م، والتي تشمل الأهداف التالية:
1- يتمثل الهدف الأول بإزالة خطر الإرهابيين كلياً - المنظمات الفلسطينية – وذلك بتصفية قوّاتهم العسكرية وبنيتهم التحتية، لاسيما في بيروت.
2- ويتمثل الهدف الثاني في تحييد السوريين عبر مناورات الترهيب والتهويل، متجنبين قيام مواجهة فعلية معهم؟!.
3- ويتمثل الهدف الثالث ببلوغ الهدف الأدنى من الخطة منذ البداية العملية للاجتياح، وذلك بوضع كافة التجمعات السكنية في شمال "إسرائيل" خارج مرمى طلقات المدفعية.
4- وسنحرص أن لا تطال هذه العملية الشيعة والدروز والمسيحيين.
5- وأخيراً ... لا مصلحة لنا في إبقاء قواتنا طويلاً في الأراضي اللبنانية التي نكون قد استولينا عليها، فتحقيق أهدافنا المذكورة آنفاً سيسمح لنا بالانسحاب. ثم يختم فيقول: "حتى إنني اقترحت إعطاء نسبة من الأسلحة التى غنمتها "إسرائيل" - ولو كمبادرة رمزية - إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضاً مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل، لم أر يوماً في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد" أ.هـ
فالشيعة واليهود وجهان لعملة واحدة وإن اختلفت المسميات، فالشيعة في لبنان واليهود في فلسطين بمثابة فكي كماشة ستطحن من يقع بين فكيها وهذه حقيقة يجب أن لا نتعامى عنها.


هذا بالإضافة إلى أن من يراقب رحى الحرب يرى أن قوات "حزب الله" ومؤسساته ورموزه في لبنان ليست بعيدة المنال عن الصواريخ والمدفعية اليهودية، فضلاً عن مساعدة الجواسيس والعملاء المتناثرون في مناطق الجنوب، ومع هذا فإن البندقية اليهودية لم تصوب بالتحديد على الأهداف الاستراتيجية والحيوية "لحزب الله" في الجنـوب بل تعمد اليهود - وفق خطط وأهداف معدّة سابقاً - ضرب البنية التحتية لدولة لبنان الهزيلة، ليجزم بعد ذلك كل محلل سياسي أن العدو الصهيوني لا يريد استئصال "حزب الله" وأن هذا ليس في أجندته!!.
ويحق لنا أن نقف متسائلين - سؤال المتشكك - بعد هذه الأحداث وبعد أن سُمح لقوات "حزب الله" أن تتنامى، هل فعلاً أن العدو الصهيوني لا يريد استئصال القوة الشيعية المتمثلة في "حزب الله"؟ أم أنه عاجز عن استئصالها..!! مع أنه استطاع وبنجاح دحر القوة العسكرية الفلسطينية عام 1982م من لبنان!!.

- "حزب الله" الحارس المتمرد على البوابة الشمالية لدولة سيده:
قال حالوتس: (أن الهدف من عملية الجيش في لبنان ليس تحطيم منظمة حزب الله وإنما إضعافها) جريدة الرأي العام الكويتية عدد (14283).
والذي أراه أن دولة الكيان اليهودي لم ولن تجد أجدر من "حزب الله" لحماية الحدود الشمالية بينها وبين لبنان وذلك لعدة اعتبارات:
1- أن اليهود وخلال التواجد الشيعي المتنامي وبأشكاله المختلفة اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً في الجنوب اللبناني، كانوا على رضى تام به فكان النماء المؤسسي له نماءً طبيعياً في الجنوب اللبناني، ولم يكن يُذكر ما يعكر صفو هذه المحاضن التى أخرجت جيل من الشيعة هم الآن قادة، ولم يكن كل هذا بعيد عن أعين اليهود وحلفائهم.

2- كما أن الخدمات التى قدمت وما تزال تقدم للوجود الشيعي هي مثار تساؤلات!! وذلك من بداية الوجود الشيعي المؤسسي،وانظر على سبيل المثال وبعجالة إلى حصول "موسى الصدر" على الجنسية اللبنانية التى لا تعطى إلا للنصارى فقط!!، والقبول الفوري بتأسيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان!! وليكون العصا التي تشق المسلمين هناك، وكذلك دخول شحنات الأسلحة "للحزب" وبشكل متواصل والتي لم تكن تخفى على اليهود بكل تأكيد، إذا فرضنا جدلاً أنها غابت عمن يحكمون لبنان!!.

3- سكوت الإدارة اللبنانية المستغرب عن ممارسات "الحزب" وتدخلاته!! ولعل ذلك يرجع إلى عدم قدرتها على المقارعة العسكرية أو المعارضة السياسية للتواجد العسكري "لحزب الله"، ولكن هل يمكن أن نقول أن الغرب "الصليبي" تخلى عن حليفة اللبناني!! أم أنهم غير قادرين كذلك طوال الفترة المنصرمة من إعادة السيادة الحقيقة للإدارة اللبنانية!! أم أنهم رضوا أن يكون لبنان على هذا الحال، لحاجة في نفوسهم؟!!
وجميع هذه الاحتمالات تنبؤك بأن الغرب الصليبي غير راض على ولاآت لبنان له أو من جهة أخرى عدم ثقة الغرب "الصليبي" على قدرة حليفه في بسط نفوذه في لبنان!!؟ ليشكل الدرع الواقي للحليف الأكبر من خطر المنظمات الجهادية، وغض الطرف عن "حزب الله" هو الضمانة بكل تأكيد!!

4- وقـد يكون ذلك مقدمة لمشـروع كبير يفوق تصورتنـا جميعاً، وهذه المشاريع أشبه بمشروع "سايكس – بيكو" والذي يبدو أنه قد انتهت مدة صلاحيته ليحل مكانه مشروع جديد لتقسيم الوطن العربي والإسلامي بناءً على تغير المصـالح بتغير القوى، فالمشروع الأول "سايكس – بيكو" فرنسي - بريطاني وقد اضمحلت هذه القوى في أماكن محدودة وبشكل محدود لتحل مكانهم الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها دولة الصهاينة ويحين الوقت لاستراتيجيات جديدة.
ومن ذلك مشروع "حـدود الـدم" وهو ذاك المشروع الجغـرافي الديموغرافي لدول الطوائـف الجديدة ومنها دولة "شيعستـان".

إن هذه القضية تحتاج منا وقفه يعقبها تسائل!! ما هو الحجم الذي يريده اليهود "لحزب الله"؟ ولنا أن نذكر مرة أخرى مع كل ما ذكرناه، أن سنّة لبنان كحال إخوانهم في بغداد سيبقون متفرجين حتى تقع الكارثة على رؤوسهم!! وحينها يصحون هذا إن بقى في الجسد روح، وساعتها لا ينفع الندم وينطبق عليهم القول: "ألا إني أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"!! وحسبنا أن نحذرهم بأن عليهم أن يأخذوا زمام أمورهم بأيديهم، وأن يشكلوا قوة أقل ما يقال فيها أنها تدفع عنهم مكر المجرمين.

تساؤلات وتحولات جذرية في نظرية التشيع!!
وحتى نكون واقعيين في تحليلاتنا السياسية والفكرية فلا بد أن نكون ملمين بما وقع من تبدل عقدي ومنهجي عند كثير من الفرق، والشيعة – مثال حي – لما قد اعتراها من تغيير جذري في بعض مبادئها وأسسها، "فالخميني" قام بأكبر عملية تجديد لعقيدة الشيعة، وذلك أنه أخرجهم من روح الذل والمهانة وعقدة انتظار المهدي لعقود من الزمان ليست لها نهاية!! ليحمل لهم راية القتال التي تبني لهم كيانهم نيابة عن المهدي المنتظر، وليسيروا خلفه تاركين ورائهم مخلفات عقدية لو بقوا مستمسكين بها لبقوا أمة محتقرة تنتظر المهدي المزعوم الذي لن يأت!!، والذي كان مقرراً عندهم أنه لا قتال إلا تحت رايته!!، ولو لم يتجرأ "الخميني" على تبديل عقيدتهم بما يتواكب ويتناسب مع رفع شأنهم وإيجاد كيانهم لما كان للشيعة دولة في "إيران" ولا قوة في العراق ولبنان وقد يتمخض عنها دولة أخرى لهم فيهما أو في غيرهما من أماكن يعدون فيها العدة!!



يتبع ....

[/align]