بسم الله الرحمن الرحيم


من المؤسف حقا .. ان نرى عادة متأصلة في نقاشاتنا وتفاعلنا معها ... وهي عادة كثيرا ما تقتل الحوار وتنحى بها مناح لم تكن هي المطلوووبة والمسوغة لفتح بابه ...... وهذه العادة الغير جيدة هي : الاجتزاء من سياق الحديث وبناء الرد والمناقشة واغفال النقاط الاساسية المطرووووووحة ...... وطالما هو هذا هو ديدنا في معالجة قضايانا وفتح ابواب النقاش حولها ..... فأرى انه الاجدر بنا التزام الصمت .... وعدم فتح ابواب النقاش ... خوفا من الوقوع في تشخيص المواضيع وبناء الردود والنقاش على ضوءه .

وآخر ما سأداخل به في هذا الموضوع هو مقالا لاكاديمي سعودي ذو صلة بالتعليم العالي .... عله يوضح واقعنا الجامعي بعين الخبير .

محمد علي الهرفي
علاقتي بالتعليم العالي - رجالاً ونساءً - تزيد على ربع قرن، وكنت - ومازلت - أعتقد أن هذا التعليم تنقصه أشياء كثيرة لكي يأخذ مكانته اللائقة في بلادنا - أولاً - وفي سواها - ثانياً -.
الاستفتاء الذي جعل جامعاتنا في مكانة سيئة لا تليق بها ولا تتماشى مع الوضع الاقتصادي الجيد الذي تعيشه بلادنا يجب أن يكون حافزاً لكل المهتمين بالتعليم العالي بل والمهتمين ببلادنا بكل تفاصيلها لكي يعيدوا النظر في كل المعوقات التي أوصلتها - بل وأوصلتنا معها - إلى هذه المكانة التي لا تليق بنا أشخاصا ودولة.
وابتداءً فإن المعايير التي وضعت لذلك التصنيف منها ما هو مقبول ومنها ما هو مرفوض بحسب مقاييسنا العقائدية ولهذا علينا أن نتعامل مع المقاييس المقبولة وهي في اعتقادي التي تحدد مكانة التعليم العالي ودوره في حياتنا بصورة دقيقة.
أي دولة في العالم تضع آمالها على شبابها الذين تعلموا في الجامعات أو المعاهد التخصصية لكي يتولوا القيام على صناعتها وزراعتها واقتصادها وصناعة سلاحها وغير ذلك مما تحتاجه كل بلد مهما كانت. وبلادنا تعول على شبابها لكي يقوموا بالدور نفسه ليعطوها الأمان لأن الاعتماد على الغير ستكون له نهاية وقد لا تكون هذه النظرية سعيدة في كل الأحيان.
والسؤال: كيف يمكن لجامعاتنا ومعاهدنا أن تقوم بهذا الدور الحيوي الذي لا يمكن أن نهمله لأننا - ببساطة - لا يمكن أن نعيش بدونه بصورة سوية على المدى البعيد. علينا أن نعترف أولاً أن حديث بعضنا عن وجود آلاف المصانع في بلادنا حديث يجب أن يتغير لأنه لا حقيقة له إن نظرنا إليه بعين الحقيقة المجردة.
هذه المصانع كلها مستوردة من خارج بلادنا، ومثلها قطع غيارها، وربما معظم العاملين فيها من خارج بلادنا..
الذي تنتجه هذه المصانع معظمه مستورد من خارج بلادنا وبالتالي فلا يمكننا الاعتماد عليه طويلا لأن استمرار تدفقه لبلادنا غير مضمون إلى الأبد، ولكي تتضح صورة اعتمادنا على الخارج لينظر أحدنا إلى ملابسه وليسأل نفسه: هل فيها شيء صنع في بلادنا؟ ولينظر إلى معظم طعامه وليكرر السؤال نفسه، أما الماء - مصدر حياتنا - فكل أجهزة التكرير وما شابهها مستوردة من الخارج.
من أجل ذلك كله لا بد من إعادة النظر في كل هذه الأمور لكي نضمن لنا حياة آمنة، وبداية هذا النظر تكمن في إعادة تأهيل التعليم العالي في بلادنا لكي يتمكن هذا التعليم من إيجاد علماء متخصصين في شتى أنواع العلوم لكي يحققوا لنا كل هذه الآمال.
والسؤال مرة أخرى: من أين نبدأ وكيف! وقبل أن أجيب عن هذا السؤال سأتوقف قليلا مع الدكتور عبدالله العثمان وكيل وزارة التعليم العالي ومع حديثه للشرق الأوسط يوم 18/10/1427هـ، عن التعليم العالي في بلادنا.
الدكتور العثمان يقول: إن الوزارة وضعت خطة استراتيجية للتعليم فوق الثانوية لمدة خمس وعشرين سنة والذي هو بمثابة خارطة الطريق وقد عهد لمعهد البحوث في جامعة الملك فهد الإشراف على هذه الخطة.
من ملامح هذه الخطة تنمية أعضاء هيئة التدريس والاهتمام بالبحث العلمي والدراسات العليا...
أحمدُ للوزارة هذا الاهتمام - وإن جاء متأخراً - ولكن أرجو ألا تكون خارطة الطريق التي أشار إليها الدكتور العثمان شبيهة بخارطة الطريق ذات الشهرة المعروفة والتي لم يتحقق منها شيء حتى الآن.
تنمية أعضاء هيئة التدريس والاهتمام بالبحث العلمي من المعايير التي جعلت جامعاتنا في ذيل الجامعات العالمية لأن جامعاتنا لم تول هذه المسائل أي اهتمام مهما قيل غير ذلك.
أساتذة الجامعات محبطون، وهذا الإحباط يلف حياتهم بصورة كاملة، فلا رواتبهم الشهرية كافية، وفرصهم في حضور المؤتمرات قليلة، ونظام الجامعات لا يحقق لهم الفرص المتساوية خاصة بعد إلغاء الانتخابات في الجامعات، ومكافآت البحث العلمي، على ضآلة هذه الأبحاث ـ غير مشجعة، وهكذا سنجد أن المادة الرئيسة في الجامعات وهم الأساتذة لا يعملون بكامل طاقاتهم لأنهم لم يجدوا البيئة الصالحة التي تفجر فيهم الإبداع والعطاء.
هل تملك وزارة التعليم العالي آلية التغيير أم إنها ستقول إن كل شيء على ما يرام؟، وهل ستنتظر نهاية خارطة طريقها حتى تحقق هذا الهدف؟
البحث العلمي والاهتمام به مسألة في غاية الأهمية وأعرف أن الوزارة بدأت الاهتمام بهذه المسألة وقد طلبت من الجامعات وضع آلية لإنشاء مراكز أبحاث متميزة وتكفلت بدعم هذه المراكز، والأمل أن تتحرك الجامعات بجدية لتفعيل هذا المقترح والأمل كذلك أن تتابع الوزارة هذا المشروع لكي يخرج محققا لبعض آمالنا على أقل تقدير.
الدكتور العثمان تحدث عن مسألة قبول الطلاب في الجامعات وادعى أن ما تقبله الجامعات وما في حكمها يصل إلى 80% من نسبة الخريجين من الثانويات.. ومع أنني أشك في هذه الإحصائية إلا أن عدم قبول 20% من الخريجين يعد جريمة في حق شباب بلادنا.
لست أدري هل يعلم الدكتور العثمان أن أعدادا ليست قليلة من الطلاب والطالبات ممن تتجاوز نسبتهم في الثانوية أكثر من 90% لا يقبلون في الجامعات؟ وهل يعلم أيضا أن هناك من حصل على 99% ولم يقبل في الجامعة أيضا؟ ألا يتوقع أن يكون هؤلاء أو بعضهم علماء منتجين في المستقبل أو أساتذة جامعات بارزين؟، لماذا تصمت الوزارة عن كل ذلك وهي تعلم خطورته على شبابنا وبلادنا؟
أحمد للدكتور العثمان أنه أرجع سبب تخلف الجامعات إلى وزارة المالية والاقتصاد والخدمة المدنية والتخطيط، ولعله أراد القول إن الجامعات تحتاج إلى أموال ووظائف وهذه ليست ضمن صلاحيات وزارة التعليم العالي وإنما هي من صلاحيات وزارة المالية والخدمة المدنية وهذه الوزارات بكل أسف تنظر إلى التعليم وإلى أساتذة الجامعات نظرة لا تتفق مطلقا مع حاجتنا لكل متطلبات حياتنا وأمننا المعيشي والاقتصادي ولهذا لا بد من إقناع هذه الجهات بتغيير مواقفها وعلى وزارة التعليم العالي أن تفعل كل شيء في هذا السبيل لأنها هي المعنية بكل ذلك أمام الناس..
البداية تكمن في إصلاح واقع أساتذة الجامعات ومن ثم الاهتمام الفعلي بالبحث العلمي ومراكزه ودعمه بكل متطلباته العلمية ليتمكن من تحقيق أهدافه التي نريدها..
أؤكد أن في بلادنا علماء قديرين لا يقلون عن غيرهم في أي بلد آخر ولكنهم بحاجة إلى تهيئة الظروف المناسبة التي تمكنهم من إبراز طاقاتهم وإخراجها إلى حيز الواقع، عملاً نراه في حياتنا فهل يتحقق ذلك؟.

http://www.alarabiya.net/Articles/2006/11/14/29055.htm
وهذا رابط الموضوع والتعليقات والتفاعل معه ..

دمتم على طريق الحق والصواب