[align=right]المدرسة.. عالم بذاته ، تحمل في طياتها جميع مايحمله هذا العالم من الخير والشر ، والجميل والقبيح ... ونحو ذلك ، وإن كان أصل تأسيسها مبني على الخير والجميل ونبذ الشرّ والقبيح ، ولكن هذا الأمر تأباه سنّة الله في الحياة ؛ فالشيطان حريص أن يأتي بالشرّ وسبله لمزاحمة الخير وسبله في أي زمان ومكان ، والثغرة التي استغلّها الشيطان في مدارسنا هي ( أخلاقيات الطلاب ) ، فقد وجد الشيطان فيها أفسح مكان له ولأوليائه وجنوده .
نعم .. أخلاقيات طلابنا من إخواننا وأولادنا الذين أسّست المدارس لأجلهم ، يُـعَـلّمون الخير والأخلاق الحسنة ومايقوّمون به حياتهم الدينية والدنيوية ، وحال طلابنا أخلاقيّا مع المدارس نقسّمها مع المراحل الدراسية :
أولا : المرحلة الإبتدائية :
وهي أهون المراحل ؛ فالخوف هنا ليس من أخلاقيات الطلاب ، ولكن من أخلاقيات المدرّسين وجودة تدريسهم ، وفي تلك المرحلة جلّ مايخاف منه الطالب هو عصا المدرّس أو توبيخ البيت أو الخوف من أحد المتعربجين الصغار الذي يتوعده بالطلعة لكي يضربه فهنا أرى - بحسب ظنّي - أن هذه المرحلة أقل المراحل خطرا ، ولايعني هذا أن نبعد الخوف ونتجاوز في الطمأنينة إلى درجة المبالغة .
ثانيا : المرحلة المتوسطة :
وهنا والله تشخص العين لهول ماترى ، في هذه المرحلة يتأجج الخوف على أبنائنا وإخواننا في المرحلة المتوسطة ، وخوفنا هنا على ثلاثة أنواع :
1- الخوف العام على جميع الطلاب : الخوف عليهم من الرفقة السيّئة ، و شرب الدخان ، ومن المخدرات والحبوب ، ومن التفحيط وإهمال الدراسة ، والدخول في مهاترات ومشاجرات مع الطلاب ، أنا رأيت بأم عيني من يركب مع المفحطين من طلاب المتوسطة ، ورأيت من يشرب الدخان ، وحدّث أحد مدرّسي احدى المدارس المتوسطة أنه مُـسك أحد الطلاب وهو يحمل معه جوالا مليئًا بالمقاطع الخليعة !
2- الخوف على المتفوقين دراسيا : لاتستغربوا .. هذا ليس مشهدا دراميا من احدى المسلسلات ، ولكنه حقيقة لايعرفها إلا من عايش الطلاب في المرحلة المتوسطة ؛ فهناك مجموعة من الطلاب لايرتاح لهم بال ، ولاتقر لهم عين ، وهم يشاهدون زملائهم قد تفوقوا عليهم ، وقد غمرهم المدح والثناء من الجميع ، فتجدهم يكيدون لزملائهم ويحاولون جرّهم إلى مايهلكهم من سبل الشر كالمخدرات والفواحش ، ويستخدمون أنواع الوسائل ليسقطوا طلاب التفوق ، ولربما صادقوهم وادّعوا مصادقتهم ومحبتهم لهم لكي يسهل جرهم إلى طرق الهلاك والإنحطاط .
3- الخوف على من رُزقوا جمالا ووسامة : وهنا حدّث ولاحرج من المصائب التي تحدث . إني أعلم واثقا أن الحديث حول هذا الأمر لايروق للبعض ، أو قد يتحرّج بعض آخر من الكلام حوله ، ولكن الذي أنا مرتاح إليه هو الكلام حول هذا الموضوع بصراحة ، خصوصا أننا جميعًا - أيها الأحبة - لانعيش في أبراج عاجية ، ولسنا منعزلين عن مجتمعنا ؛ بل كلنا يهمنا هذا الموضوع ؛ لأن الضحايا هنا أبناؤنا وإخواننا الذين يمرون بهذه المرحلة ، ولاأعتقد أن هناك عاقلا يرضى أو يسكت على ضرر يمس أبناء مدينته ، سواء كان الجاني من خارج مجتمعنا أو من شواذ الداخل ، فالجريمة واحدة ، والإستنكار واحد ، ولو كان الجاني من كان .
فعلى هذا أقول حول هذا الموضوع : ليتجه المدرس أو المدير أو المرشد أو غيرهم من المهتمين إلى دورات المياه في المدرسة - أكرمكم الله - ليقرأ نشرة أخبار الفحش والدنائة مكتوبة على أبواب الحمامات ، وليشاهدوا الإستهداف الواضح لمجموعة الذين رزقوا بالجمال من الطلاب ، واعلموا أن هذه الكتابات منطلقة من أقوال وأعمال وأخلاق يستحي المرء من ذكرها ، ولكن حماية لأولادنا وإخواننا فإننا نذكرها بعيدا عن مايسيء للذوق العام ، فالوسيم في المرحلة المتوسطة يتعرّض في هذه المرحلة إلى خطر شديد وأذى عظيم من قبل الطلاب العرابجة والفاسدين سواء من المرحلة المتوسطة أو من عرابجة المرحلة الثانوية أو من خارج نطاق الطلاب من أخسّة الشباب العاطلين وغيرهم من خارج أسوار المدارس ، وقد يكون التعرض للطلاب عن طريق اللفظ ( ياحلو ... سأفعل بك ... سأكسر عينك .. ونحوها ) أو الفعل ( اللمس المُتَعَمّد ... التقبيل المفاجيء ... إن كان الطالب الفاسد في المدرسة فإنه يحرص على المرور دائما لرؤية الطالب المستهدف في فصله وقت الفسحة أو بداية الدوام أو في الساحة ... ونحو هذه الأمور المعلومة لدى الجميع ) .
قد يمكر بهؤلاء المُسْتَهْدَفِـين جوقة من أهل الفساد والشذوذ بطرق ملتوية وخبيثة عن طريق إغراءهم بالتفحيط أو بالجوالات أو بادّعاء الصّحبة عبر اللعب معهم في الكرة أو الألعاب الألكترونية أو التعرف على أصدقاء المستهدفين أو التعرف على إخوانهم ، أو قد يبلغ المدى بأولئك الخبثاء أن يُعرّفوا إخوانهم الصغار على أولئك الفتية ، أو الدفاع الدائم عنهم ، أو إظهار أولئك الأشرار أنهم ذوي أخلاق حسنة...ونحو هذه الامور ، والمصيبة عندما يقع أحد أولئك المساكين فيثقون بأولئك الفاسدين ؛ بل قد يفتخرون - سذاجة منهم - بمصاحبة أحد أولئك العرابجة الأقوياء لأن هذا العربجي دائما مايدافع عنهم ظنا من أولئك المساكين أن هذا العربجي يدافع عنهم طلبا لثواب الله سبحانه وتعالى ، أو طيبة منهم ، وعبر هذه الطرق الملتوية يجذبون الفتية المساكين إلى سبل الفواحش والرذيلة ، وإذا وقع الفأس بالرّأس يصبح ذلك الفتى ألعوبة بأيدي الفجرة يحركونه كيفما يشاؤون ، ويصبح أسيرًا عندهم ، لايستطيع دفعًا عن نفسه ، لضعفه ، ولعدم إخباره لأهله خوفا أو خجلا أو يأسًا من مساعدتهم ، أو لأن أولئك الأشرار قد مسكوا عليهم مماسك يهددونهم بها ، كتصويرهم أو مجرد التهديد بفضحهم بين الشلل .
والحذر كل الحذر أيها الأحبّة من بعض الطلاب الذين يقومون بدور (الصياد) ، وهم قسمان :
أ- مجموعة من الطلاب الصغار قد مسك عليهم أهل الفجور مماسك يهددونهم بها كصور أو فيديو أو فضيحة ، فإما أن يتبعهم فيما يأمرونه، أو يفضحونه أمام الناس فلايجد ذلك المسكين بدّا من طاعتهم - حسب نظرته - فيتلذذون به ويقوم بدوره بجرّ زملائه وقرنائه إلى مزابل الخسة والقبح ، خصوصا أن الناس يثقون بهذا النوع من الصغار ؛ لأنهم لايعلمون عنهم شيئا ، ولايبين عليهم أنهم ذوو نوايا سيئة. والله المستعان .
ب-ومجموعة خسيسة تقوم بعمل ( التصيد ) بين الطلاب ؛ لأجل المال أو كسب شيء معين أو المشاركة بالفحش ، أو اتقاءً لشر أولئك الفاسدين ، وهؤلاء قد يكونوا معروفين .
هاتين المجموعتين تقومان بذلك العمل الدنيء والخسيس والنّتن ، يعاونون بها بعض شياطين الإنس خارج أسوار المدرسة ، ويتصيدون بها الطلاب ويكيدون لهم المكائد ، وإذا أردت أن تعرف من هؤلاء الذين خارج أسوار المدرسة ، فأقول لك :
القسم الأول : طلاب الثانوية ، ماإن ينتهي دوامهم حتى يتجهون مباشرة إلى المدارس المتوسطة وربما الإبتدائية .
القسم الثاني : العاطلون عن العمل ، وقد يكون بعضهم كبارا في السن . ووقت انتشارهم هو بعد نهاية الدوام الدراسي حيث تجدهم يفرّون حول المدارس المتوسطة ، وإذا أردت معرفة وقت انتشارهم القوي تجده أيام الإختبارات النهائية ، وعندك الإختبارات القادمة ، اذهب تلك الأيام وانظر بنفسك ، وشاهد تلك الوجوه التي تعلوها الغبرة والظلمة شاخصة أبصارهم نحو أبنائنا الطلاب ، يتصيدون منهم من تشير إليهم شهواتهم .... أسأل الله أن يهديهم وإن لم يكن هذا فأسأل الله أن يعمي أبصارهم ويشل شهواتهم عن أعراض المسلمين . آمين
ج - المرحلة الثانوية :
وهي مرحلة الخطر ، وخطورتها تكمن في أن الشاب في هذه المرحلة قد دخل مرحلة البلوغ ( وماأدراك مامرحلة البلوغ ومراهقتها حيث الغرور والإضطراب ) ، وأصبح الطالب مراهقا يرى أنه رجل يستطيع الدفاع عن نفسه ، فإذا عُلِم هذا الإعتقاد من قبلنا ، وآمنا بوجوده حقا ، فعلينا أن نخاف من عدة أمور :
1- بما أنه يعتبر نفسه رجلا فهذا يعني كثرة المشاجرات التي تحدث بين الطلاب ، وغالب المشاجرات والمضاربات في هذه المرحلة يحدث فيها ضرب بالسكاكين والعصي والسلاسل . والله المستعان ولاحول ولاقوة إلا بالله .
2- انطلاقا مما ذكرت نرى أن من يبتلى بالسقوط في مستنقعات الأمور الجنسية والفواحش في هذه المرحلة لايخلو سقوطه من أمرين :
الأمر الأول : أن تحصل تلك الأمور بمحض إرادة الطرفين .
الأمر الثاني : تحصل تلك الفواحش رغما عن أنف الفتى المجني عليه ، إما بخطف وغيره . وهذين الأمرين ذكرتهما بسبب أن الشاب - كما قلت - في هذه المرحلة يظن أنه وصل إلى مرحلة الرجولة فهو قادر على الدفاع عن نفسه ، على هذا لايُـقدر عليه إلا برضاه أو بإرغامه .
3- في أول مراحل الثانوية يحصل بين بعض الشباب التافهين والمتميعين مراسلات حب وغرام وهذا حصل ومشاهد كثيرا في مرحلة أولى ثانوي ، وأخبرني أحد الشباب الأخيار أنه وقف على مراسلات بين شابين فيها من أشعار الحب والنثر الغزلي مايجعلك تحس بالغثيان ؛ بل يحدث بينهم مبادلات في الصور وأدوات الزينة .
4- المخدرات ... وهي منتشرة بين الشباب بشكل كبير ، يخبؤونها في كتبهم وفي جوالاتهم وفي محافظهم ودفاترهم ، يروجها أهل السوء بينهم ، وإلى الآن رأيت ثلاثة من الشبان قد أثرت تلك الحبوب على عقولهم وعلى نشاطهم فهلوسوا وطارت عقولهم ، ووالله الذي لاإله إلا هو أني رأيت قبل سنتين شابا أعرفه جيدا ، لازلت أذكره جيدا حين كان معنا في المتوسطة عاقلا مُجِدًّا ، فلما انتقل إلى المرحلة الثانوية وقع في تعاطي حبوب ( التقضيم ) شاهدته يتجول في السوق على سيارة والده يمص إبهامه وعينه شاخصة بارزة لاترمش كأنه مجنون . قاتل الله مروجي تلك الحبوب وأبادهم إن لم يهدهم .آمين..آمين ..آمين .
5- المشاجرات والمضاربات : إلى الآن لاأعرف سبب هدر الدماء الذي يحدث بين الشباب ، ألهذه الدرجة يهون دم المسلم؟؟ ألهذه الدرجة يهون دم ابن بلدنا ؟؟ ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) لكن هناك بعض المجرمين متسترين بين الشباب يحبون الدماء ويعشقون الجريمة وإن زعموا ( الفزعة ) ونحوها !
وعلى كل حال يجب أن يعلم أولئك الشباب أن هناك شريعة تحكم هنا ، من قتل يُقتل إلا أن يعفوا صاحب الحق ، إضافة إلى ذلك أن هناك يومًا آخرا يقف فيه الجاني ( قاتلا أو ضاربًا بظلم ) عاريا ؛ فتنطق يده ورجله ، ويمسك صحيفته ويقرأها ، حينها سيعلم حقا مصير الفزعة المزعومة ، وأن الله - سبحانه وتعالى - سيحاسب - بعدله - ، وكما قال سبحانه في الحديث القدسي : ( إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيها إياكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) ، فلا يلوم أولئك إلا أنفسهم .
يتبع [/align]
مواقع النشر (المفضلة)