بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما …

أما بعد

فإنني في مجيئي إلى هذا المسجد اليوم وكذلك قبل اليوم أجد من يأتون إلى المسجد وبيدهم السجائر يشربونها ومن المعلوم أن رائحة الدخان كريهة إلا عند من يشربه وإذا كانت كريهة فإنهم إذا دخلوا المسجد فسوف يدخلونه برائحة كريهة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من يأكل بصلاً أو ثوما أو غيرها مما فيه رائحة كريهة نهاه أن يدخل المسجد وقال ( لا يقربن مساجدنا ) وعلى هذا فإني أنصح أولئك أنصحهم بأمرين الأول أن يقلعوا عن شرب الدخان لأنه محرم كما دلت على ذلك عمومات الكتاب والسنة وكما هو واضح حيث كتب على العلب التي فيها هذه السجائر كتب عليها تحذير وأنه مضر وكيف يليق بالعاقل وكيف يليق بالمؤمن وكيف يليق بالناصح لنفسه أن يشرب هذا الدخان مع أنه مضر في الدين ومضر في المار ومضر في البدن ومن البلاء أن من ابتلي به من الناس يشربونه أمام أولادهم الصغار والأولاد الصغار كما تعلمون لابد أن يكون منهم تقليد لما يشاهدونه وحين إذن يقتدون بأدائهم هذا الأب أو هذا الأخ الذي يشرب الدخان أمام أولاده أو أخوته لو سئل هل تنصح أن يشرب أبناءك أو أولادك الدخان فقال لا أنصح بذلك وإذا كان هو يتعرف أن ذلك هو خلاف النصح فكيف يرمي نفسه بالخيانة فيشرب الدخان أمامه إنه بذلك يكون قد جنى على أهله وقد جنى على أولاده ويكون عاصياً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )(التحريم: من الآية6) فهذا الأمر الأول الذي أنصح به إخواننا الذين ابتلاهم الله بشرب الدخان أما الأمر الثاني فإذا كان لابد أن يشربوه فلا يشربونه وهم قادمون إلى المساجد لأن ذلك يبقي فيهم رائحته الكريهة فيدخلون إلى المساجد فيؤذون الملائكة ويؤذون المصلين وهذا أمر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فليتقوا الله عز وجل وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاغتسال ليوم الجمعة وأمر بالتطيب وأمر بالتسوك لأجل أن ينظف الجسم كله ظاهره وباطنه ولأجل أن يكون طيب الرائحة فكيف يأتي هؤلاء إلى المسجد وهم متلوثون بهذه الرائحة الكريهة واعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته اللهم ارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم اجعلهم ولاة خير ورشد وهداية اللهم أصلح لهم بطانتهم اللهم أبعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون وأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون …