



-
عضو فعّـال
بيان فضل العفو عند المقدرة.
العفو عند المقدرة
يتميز مجتمعنا بتكافله وتكاتفه وتراحمه، وكأنه البنيان المرصوص، فترى أنقى صور المودة الاجتماعية، في الملمات والأفراح على حد سواء، فلا عزاء أو حزن أو ترح، إلا وكل كبير وصغير في كل شارع وزاوية وحي، وقد تآلف مع المكلوم، يواسيه ويخفف عنه، ويريحه بما يقدر عليه من قول أو فعل.
وكثيرا ما نشهد صورا رائعة للتسامح والعفو عند المقدرة في ساحات القصاص، عندما لا يترك المكلوم وأهل الحق الشرعي لهواهم الحكم، بل يتسامحون مع أهل الجاني ويتنازلون عن حقهم الشرعي في القصاص لوجه الله، طلبا للأجر والمغفرة والثواب.
إن هذه الصور الاجتماعية، تمثل جانبا هاما من أخلاقيات مجتمعنا المتكاتف، التي أورثنا إياها الآباء والأجداد، والتي يجب أن نحرص على أن تستمر وأن نقوي أواصرها وروابطها، فتكون لنا وسيلة للترابط الاجتماعي والتعاضد، استجابة لأمر الشرع الحكيم، "فمن عفا وأصلح فأجره على الله".
إن العفو عن حق الدم في جرائم القتل، والتنازل عن حد القصاص من أهل الجاني، مفخرة وخلق كريم وفعل نبيل لا يقوى عليه الكثيرون، لكنه ولله الحمد صورة أصيلة وراسخة في مجتمعنا هذا، الذي يسعى فيه الحاكم والمحكوم، الراعي والرعية في الصلح وحقن الدماء ودرء الفتنة، وكثيرا ما سطر ولاة أمرنا حفظهم الله صورا رائعة للتكافل والتعاضد الاجتماعي، وهم يسعون مع أبنائهم وإخوانهم من الرعية والأعيان والمشايخ في إصلاح ذات البين.
لقد كان الآباء والأجداد، يتعاونون ويتكافلون في كل شيء، حتى في الزرع والحصاد، وفي جمع الثمار، وفي كل خير، فليس غريبا أن نرى رجلا يعفو عن قاتل أبيه أو أخيه أو ابنه، لا لشيء من نعيم الدنيا الزائل، بل طلبا للأجر ومرضاة لوجه الله سبحانه.
صحيفة الوطن السعودية في
الأربعاء 21 شوال 1426هـ الموافق 23 نوفمبر 2005م العدد (1881)
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)