[align=right]اسمح لي بهذا الرد أخي الفاضل ، مررت بما تمر به ، فأحسست بغيظ وقهر ورغبة في البكاء ، خمول عجيب يتملك النفس ، كأن سراجًا كان في قلبك فأخذ يخبو ، قرأت للطنطاوي شيئا من هذا الشعور الذي يمر بالكتاب ، عن نفسي ظننت - حين تملكني ذلك الشعور - أنني لن أستطيع أن أمسك القلم مرة أخرى ، شعرت بنوع من الخمول والإكتئاب ، فأمسكت القلم وحثثته على المسير لكتابة هذه الكليمة :

انعدم الهمّ فأبى القلم أن يسير ... لافائدة !

ماهو الشعور الذي يتملكك حين تجدك راغبا في الكتابة ؛ فما أن تُعِدّ الصحيفة ، وتمسك بالقلم ؛ تفرّ المواضيع ، وتضل عنك الأفكار ، وتجف منابع الفكر ، وتتلاشى العناوين ، وتخمد جذوة القريحة ....... نعم ! قد تعطلت الملكات كلها ، فتتخشب مذهولا ، وتبقى واجمًا شاخصا ، تحث القلم على المسير فيأبى ..... لافائدة !

يقول العلامة الطنطاوي - رحمة الله عليه - : (النفس كالسماء ؛ تفتح أبوابها ويهمي غيثها حتى يحيي الله به البلد الميّت ، ويروي به الأرض العطشى فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، وقد يغلقها الله - سبحانه وتعالى - فتشح وتظن بالقطر الواحدة من الماء ) . نعم ... النفس مابين إقبال وإدبار ، وشرة وفترة ، يالخطورة القلم حين تتملك في نفس صاحبه الرغبة بالكتابة ، والإقبال عليها ، وكان صاحبه يحمل همًّا لديه القدرة على بثه كرسالة إلى الناس ، حينها .. تنثال عليك المعاني ، ويتدفق بالبديع رأسك ، فينطلق بك القلم ، ويكون الامر كما قال الطنطاوي - رحمه الله تعالى - : ( فيمشي حيث يريد القلم لاحيث يريد صاحبه ) .

بقدر ماتحمل من همٍّ بقدر ماتسهل عليك الكتابة ، فالأمر ليس بازدحام المصطلحات ، ولاالتفنن ببديع الكلام ، وتراكيب الجمل ؛ بل هو الهم الذي يغمر روحك ، ويُحرق أعصابك ، ويُدمي فؤادك ؛ فمتى ماأحسست بذلك ، وجدت رغبة قوية في الكتابة ، وبدأت تنحت الكلام في الورق نحتا ، لا تأبه كثيرا للبلاغة والفصاحة والتقعر والفلسفة ، فطالما يملأ الإهتمام قلبك ، ستصل رسالتك وتزلزل بها من تريد ، وأما البلاغة فهي مراقة على الطريق - كما يقال - ، والعلم مشاع ، والمصطلحات كحصى الجمرات ، خذ منها واقذفها على أعداء الملة والفطرة .

يقول الدكتور الحضيف : وتبقى الكتابة هم ورسالة!

مجرّد كليمة أرغمت نفسي على كتابتها ، لأقتل هذا الشح الذي غمر نفسي في الآونة الأخيرة ، غفر الله لي ولكم ولجميع المؤمنين والمؤمنات .آمين


********************************

إني أعود لهذا المقال ، فأجدني مبتسمًا غير مصدق أنني كنت في مثل تلك الحالة ، اطمئن كلها كم وقت وتجد نفسك التي تدبر عنك قد أقبلت تحثك على الكتابة ، والسير بالقلم ، حين نشرت هذا المقال رد علي الأخ الفاضل ( ليث ) وأكرمني برد لااجد - حقيقة - أنني أستحقه ، وأعتقد - بلا مجاملة - أنك وبعض الكتاب هنا يستحقون ذلك الرد ، حيث قال وفقه الله : ( مالديك هي استراحة محارب... وأنت لديك سيف صقيل, متى انتهى الفتور , تسله من غمده.... )

وفقني الله وإيّاك .
[/align]