تركي الدخيل
سعودي في مطار أمريكي (1-3)


بعد الحادي عشر من سبتمبر زرت الولايات المتحدة نحو سبع مرات بداعي مرافقة والدتي المريضة، وبرغم حصولي على تأشيرة دخول، إلا أنني كنت في كل مرة أحول من موظف الجوازات إلى مكتب التسجيل، وهناك بعد فاصل غير قصير من الانتظار توجه لي أسئلة متطابقة: هل سبق أن زرت أمريكا؟ لماذا أنت هنا؟ كم ستبقى؟ ما سبب زيارتك؟ ماذا تعمل؟ كم دخلك؟ وفي أول مرة أضيف إلى هذه الأسئلة: ما اسم والدك ووالدتك الرباعي، وما تواريخ ميلادهما؟ وفي السؤال الأخير تقع أمام حرج فأنت لا تعرف في الغالب تاريخ ميلاد أحد غيرك، هذا إذا وفقك الله وعرفت تاريخ ميلادك أنت، وليس في الثقافة الأمريكية استيعاب لمعنى ألا تحفظ تاريخ ميلاد والدك ووالدتك؟!
ألا تحتفل معهما بعيد ميلادهما؟! ألا يعني لك عيد الأم والأب شيئاً؟!


كيف ستشرح أن معظمنا في السعودية لم يحتفل بعيد ميلاده يوماً، بدوافع عدم الاكتراث، حيناً، والتزاماً بفتاوى التحريم تارات أخرى؟ كيف تستطيع أن تشرح لهم أننا لا نهتم بالصغائر؟ حتى لو كانت هذه الدنيا كلها ليست سوى مجموعة من الصغائر؟! وبطبيعة الحال لن يستطيع هو أن يقنعك أن الذي لا يستمتع بالأشياء الصغيرة، لن يستمتع بالأشياء الكبيرة!

في كل مرة من المرات السبع، إن كانت سبعاً (لن يستوعب الأمريكيون ألا تعرف كم عدد مرات دخولك بلادهم، لأننا لا نهتم أيضاً بالتفاصيل)، كانت ذات الأسئلة توجه إليك، وتجيب بذات الأجوبة، ثم بعد إحباط عملية مطارات لندن في الصيف التالي، أصبحت تخرج من مكتب التسجيل متأبطاً جواز سفرك السعودي، داخل ملف أصفر غير علاقي بطبيعة الحال، متجهاً إلى كابينة جوازات مخصصة لمن يمرون على مكتب التسجيل، لم أجد في مرة واحدة موظفاً عليها، ما يعني انتظاري ومن هم في مثل حالتي ردحاً من الوقت غير ما قضيته في صفوف الجوازات مع بقية المسافرين، ثم في مكتب التسجيل الكئيب، ثم في انتظار موظف يتفضل عليك لينهي إجراءاتك، ثم تتجه إلى مكتب رابع ليسألك أسئلة مشابهة للأسئلة السابقة...

وغداً نستكمل مسلسل العذاب في الدخول إلى أمريكا...

http://www.alwatan.com.sa/news/write...=1102&Rname=96