الساحة العالمية تمر بفوضى المصطلحات كما يسميها البعض ، وبحرب المصطلحات ، كما يسميها آخرون ، فمن هذه المصطلحات التي سببت "فوبيا " للكثير من المتابعين ، فما أن تسمعها بنشرة أخبار ، أو تقرأها في جريدة ، حتى تحس بالخطر المحدق ، وتشم رائحة المؤامرة النتنة ، أعني بذلك مصطلح "الجدد" الذي يُلحق أحياناً بالصهاينة فيقال "الصهاينة الجدد" ، وأحياناً بأبنائهم غير الشرعيين ـ بني ليبرال ـ ، فيقال الليبراليون "الجدد" ، وأشهر من أطلق عليه هذا المصطلح هم سدنة البيت الأبيض ، وسماسرة الحرب الصليبية الأخيرة ، "المحافظون الجدد".
وبما أن المصطلحات ليست حكراً على أحد ، ولا يملك أي أحد حقوقها الأدبية ، فقد قررت ـ وأنا بكامل قواي العقلية ـ إطلاق هذا المصطلح " السرابيت الجدد" على فئة "ليست" غالية من مجتمعنا الغالي ، فئة تحتاج تصرفاتها وأعمالها إلى العديد من الدراسات ، والمؤتمرات ، فهم أولى بالدراسات والبحوث من "النمل الأبيض" في أمريكا اللاتينية ، ومن "دغاليب" حوض الأمازون ، خصوصاً بعد أن تم تجنيدهم وتدجينهم من سرابيت الدول الأخرى ، بتأثير نظريات العولمة ، فسرابيت المركز يؤثرون على سرابيت الأطراف ، وسرابيت الجنوب يقلدون سرابيت الشمال ، فتركوا كل ما تميز به السرابيت الأصليون ، وبدلوا ما كان الأسلاف به يفتخرون ، لذا سنتناول بعضاً من صفاتهم ، وبعض الاختلافات الجوهرية بينهم وبين السرابيت التقليديون .
سرابيتنا السابقون كانوا يقرون بسوء ما يفعلون ، ونكارة ما يصنعون ، فما أن يكبر سن أحدهم حتى يعود إلى رشده ، ويرعوي عن غية ، وتكون سربتته ذكرى يندم عليها ، ومرحلة عمريه يأسف على ضياعها ، أما سرابيتنا الجدد فيؤصلون لضلالهم ، ويقعّدون لفجورهم ، فلا يؤنبهم ضمير ، ولا يزدادون مع الأيام إلا فجورا، ولو بلغت أعمارهم دهورا، فما أكثر من يختم له بالسوء ، وما أقل من يتداركه الله برحمته ، ويمن عليه بالأوبة إلى شرعته .
سرابيتنا التقليديون يمارسون السوء والفحش بعيداً عن مجتمعاتهم ، وبمنأى عن أهاليهم ، في سفريات مشبوهة ، وبلاد موبوءة ، أما سرابيتنا الجدد ، فيجهرون بالفجور في بلادهم ، ويمارسونه بين أولادهم ، هتكوا الستر ، وأعلنوا العهر ، فيرضونه لأهاليهم ، وأبنائهم وجواريهم ، فالغيرة رجعية ، وعقد نفسية .
سرابيتنا ـ عفا الله عنهم وتاب عليهم ـ اقتصرت انحرافاتهم على السلوك والشهوات ، أما الجدد فتجاوزا ذلك إلى الأفكار والمعتقدات ، فهذا شيوعي ، وذاك ليبرالي ، والآخر نسوي ـ والنسوي غير النسونجي ـ وغيرها كثير ، فلا زالوا يتلقفون زبالات أفكار الكفار ، فيأخذون الغث ويتركون السمين .
النخوة والشجاعة من الصفات الرئيسة في سرابيت الحواري القديمة ، وعدمت تماماً في سرابيت الأحياء الراقية ، فمنهم من يرى أخته تكلم عشيقها وكأن الأمر لا يعنيه ، ومنهم من ينادي المستعمر ، ويشتكوي للعدو ، ويرموي الورود على الدبابات الغازية ، ويضع أكاليل الأزهار على رقاب الغزاة ، وبعضهم صار الدليل ، ومنهم من ترقى إلى منصب العميل .
كل هذه التغيرات والنقلات في مراحل السربتة ، تجعلني أعيد النظر في مَثَل من الأمثال العربية التي لا أؤمن ببعضها ، ولكني الآن أعتقد صحته ، وأؤمن بكل حرف فيه ، وأتيقن أنه لم يصدر إلا من ذي تجربة وحكمة ، ألا وهو :
"ارض بقردك لا يجيك أقرد منه"
كاتب
http://kaaatib.maktoobblog.com/?post=385996
مواقع النشر (المفضلة)