يقول سبحانه:]يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة[ ]وقاتلوا المشركين كافة[ ]فقاتلوا أئمة الكفر[ ]كتب عليكم القتال[. ويقول رسول الله r: «فإن هم أبوْا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم».

هذه الأدلة وغيرها تأمر بقتال الكفار دون أن تقيد بأسلوب أو تخصص بوسيلة.

- أما الذين يقولون إن هناك فرقاً في قتال الكفار بالوسائل الحربية وبين قتال الكفار بتفجير المسلم نفسه فيهم وإن هذا الفرق هو أن قتال الكفار بالوسائل الحربية لا يجعل المسلم متيقناً من قتل نفسه أما تفجير نفسه في الكفار فهي قتل للمسلم يقيناً وهذا يشبه الانتحار، هذا القول خطأ من وجهين:

الأول: أن رسول الله r أقرَّ دخول المسلم المعركة للقتال وهو متيقن أنه مقتول في المعركة لا محالة:

أ ـ في معركة بدر قال رسول الله r قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري t يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض قال نعم قال بخٍ بخٍ فقال رسول الله r ما يحملك على قول بخٍ بخٍ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها قال فإنك من أهلها قال فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها حياة طويلة قال فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رحمه الله. [أخرجه مسلم والإمام أحمد].

فعمير t كان متيقناً أنه سيقتل في المعركة بخبر رسول الله r له ومع ذلك دخل المعركة وقاتل حتى قتل.

ب ـ في معركة أحد:

قال ابن إسحاق وقال رسول الله r حين غشيه القوم مَنْ رجل يشري لنا نفسه؟ فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار فقاتلوا دون رسول الله r رجلاً ثم رجلاً يقتلون دونه.

فرسول الله r يقول من رجل يشري لنا نفسه؟ أي أن المطلوب رجل يقاتل الكفار ويقتل يقيناً في المعركة بخبر الرسول r.

أما الوجه الثاني: فإن الانتحار هو قتل النفس يأساً من الحياة وليس تطلعاً إلى جنة عند الله ورضوان، وهو قتل للنفس وليس قتلاً للكفار، وهو إيلام فقط لنفس المنتحر وليس إيلاماً للعدو بقتله.

وأدلة الانتحار واضحة في ذلك.

وعليه فالفرق واضح بين تفجير المسلم نفسه لقتل العدو وبين قتل المنتحر لنفسه، ذاك إلى الجنة والمنتحر إلى النار، ذاك يقتل العدو بقتل نفسه والمنتحر يقتل نفسه دون علاقة بقتال العدو وقتله.

وانطلاقاً من هذا الفهم عند السلف الصالح كانوا يخترقون صفوف العدو يسارعون إلى الجنة شهداء في سبيل الله:

1 ـ أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن إسحاق قال: زحف المسلمون إلى المشركين حتى ألجأوهم إلى الحديقة وفيها عدو الله مسيلمة فقال البراء بن مالك يا معشر المسلمين ألقوني عليهم فاحتُمل حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم فقاتلهم على الحديقة حتى فتحها على المسلمين ودخل عليهم المسلمون فقتل الله مسيلمة.

وأخرجه البيهقي عن محمد بن سيرين أن المسلمين انتهوْا إلى حائط قد أغلق بابه فيه رجال من المشركين فجلس البراء بن مالك على ترس فقال ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم فرفعوه برماحهم فألقوه من وراء الحائط فأدركوه قد قتل منهم عشرة.

2 ـ أخرج أبو داود وغيره عن أسلم أبي عمران قال كنا بالقسطنطينية فخرج صف عظيم من الروم فحمل رجل من المسلمين حتى دخل فيهم فقال الناس ألقى بيديه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري t فقال أيها الناس إنكم تؤولون هذه الآية هذا التأويل وإنما نزلت فينا معشر الأنصار... إلى آخر القصة حيث بين لهم أبو أيوب أن التهلكة ليست في هذا وإنما في الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الغزو.

وعليه فإن تفجير المسلم نفسه لقتل العدو هو جهاد للعدو كقتاله بأية وسيلة حربية أخرى بل قد يكون أهم وأعظم، وعندما يفجر نفسه في عمليات قتالية للعدو، يكون شهيداً بإذن الله ما دامت نيته صادقة خالصة لله.