وهذا بحث أفضل لأحد طلبة العلم ، وهو أدق من الأول وفيه أخبار لم تعرف عن يأجوج ومأجوج:
أين يقع سد يأجوج ومأجوج؟)
سور الصين العظيم
===========
تاريخ بناء السور،والغرض من بنائه
كانت بلدان الصين وما جاورها في قديم الزمن ممالك متحاربة،لكل مملكة حدودها التي لو غفل عنها حكامها عدا عليها حكام الممالك المجاورة لها،أو القبائل المتوحشة التي تعيش على السلب والنهب،ولهذا كانت كل مملكة تلجأ إلى بناء الأسوار الفاصلة بينها وبين الممالك المجاورة لها،كما تُشَيِّد على تلك الأسوار أبراج مراقبة وحراسة لحمايتها و إنذارها بهجوم أعدائها، ويقال:إن هذا المشروع،وجد في القرن السابع قبل الميلاد . (. بكين حاضرة الصين العريقة والحديثة ث : 138)
وعندما وحَّد تلك الممالكَ لإمبراطورُ الأولُ من أسرة (تشين) في سنة 221 قبل الميلاد،رُبِطت تلك الأسوارُ والقلاع ومُدَّتْ حتى بلغ طولها ألفي كيلو متر (2000) استخدم في ربطها وتمديدها قرابة مليون شخص هلك منهم أعداد كثيرة.
وفي عهد أسرة (هان)-التي امتد حكمها من 206 قبل الميلاد إلى 220م- ( موسوعة المورد 5/97 ) أضافت إلى السور خمسمائة كيلو متر (500) من جهة الغرب حتى وصل إلى مقاطعة قانصو،وكان مبنيا من الحجارة والطين.
ثم اندفع المغول الذين كانوا من أهم الأعداء الذين وضع السور لصدهم عن الهجوم على الصين،فتخطوا السور وقلاعه،واحتلوا الصين وحكمتها أسرة (يوان) من سنة:1280 إلى سنة 1368م حيث سقطت هذه الأسرة.
واستولت على الحكم أسرة (مينغ) التي شيدت بناء السور في مناطق أخرى في جهة الشمال-لتوسع حدود الصين شمالا حتى تجاوزت بعض مناطق السور القديم-حتى بلغ طوله في عهدهم:(6350) كيلو متر،ويبلغ متوسط ارتفاعه 8ر7أمتار،وعرضه عند القاعدة 5ر6أمتار،وعند القمة:5ر5 أمتار. وهذا هو السور الموجود الذي يؤمه السائحون اليوم.
هل لهذا السور من صلة بسد يأجوج ومأجوج؟
الجواب على هذا السؤال-قطعا-أن سور الصين العظيم ليس هو سد يأجوج، ومأجوج ، لستة أسباب جوهرية:
السبب الأول:اختلاف تاريخيْ بناء كل من السور والسد. فبناء السور العظيم بدأ في القرن السابع قبل الميلاد،ومر بمراحل وتهد مات،وكان بداية بناء السور الحالي في القرن الرابع عشر.
أما بناء سد ذي القرنين فكان بناؤه ما بين 539 ق.م و529 ق.م. ،ولم يعلم أنه جدد بعد ذلك.
السبب الثاني: أن باني السد معروف، وهو ذو القرنين (الذي يذكر المؤرخون أن اسمه:كورش) الذي ذكر الله قصته في القرآن الكريم.
أما بناة سور الصين العظيم،فهم أباطرة الصين الذين تتابعوا على الحكم،وقد ذكرت كتب التاريخ الأسر الحاكمة التي بدأ بناء السور في عهدها والأسر الحاكمة التي انتهى بناء السور في عهدها كذلك.
السبب الرابع: أن سد يأجوج ومأجوج لم يَقُم ببنائه أهلُ البلد الذين تضرروا من هجوم عدوهم (يأجوج ومأجوج) عليهم،بل كانوا عاجزين عن القيام بذلك،ولهذا استعانوا بذي القرنين في بنائه.
بخلاف سور الصين العظيم،فقد بناه أباطرة الصين أنفسهم،لحماية ممالكهم من غارات أعدائهم عليهم،كما هو واضح من تاريخ بنائه الذي أوردتْه كتب التاريخ.
السبب الخامس: اختلاف مواد بناء كل من السد والسور،فمواد السد،كانت-كما ذكر الله-من قطع الحديد والنحاس ،وما شاء الله من المواد المساعدة للإذابة والقوة-كالفحم ونحوه-.
أما مواد سور الصين العظيم،فقد كانت أولا من الحجارة واللبن،ثم أصبحت-كما هي حاله الآن-من الحجارة والآجر المتساوية الأحجام.
السبب السادس: أن سد يأجوج ومأجوج رَدْمٌ-حائط-بُنِيَ بين سدين-جبلين-فقط،وكان بناؤه في ذلك المكان كافيا لصد عدوان يأجوج ومأجوج وإفسادهم في أرض المظلومين المعتدى عليهم،وذلك يدل على أنه الممر الوحيد الذي كان المعتدون ينفذون منه في غاراتهم العدوانية.
أما سور الصين العظيم فإنه قد شُيِّد بين الجبال وعلى قممها،وهي جبال كثيرة تمتد من شرق الصين إلى غربها،وطول هذا السور يبلغ الآلاف من الأميال،وهذا يدل على أن المنافذ التي كان يخشى مشيدو السور أن يعبر منها أعداؤهم كثيرة جدا،وليست منفذا واحدا فقط-كما هو شأن السد-.
السبب السابع: أن سد يأجوج ومأجوج لم يكن باستطاعة المُغِيرين صعوده،ولا القدرة على فتح أي نَقْب-منفذ أو فتحة-للعبور منه،وأنه لم يكن في حاجة إلى أبراج أو حُرَّاس للدفاع عنه.
أما سور الصين العظيم فإنه كان قابلا لإحداث فَتَحات ومنافذ يعبر منها العدو فكان في حاجة إلى حِراسة مستمرة،وحُرَّاس لا يغفلون عنه ساعة من نهار،ولذلك لا تكاد تجد قِمَّةً من قمم الجبال التي شيد عليها السور بدون برج أُعِد لحراسته من إحداث منافذ يَغير منها العدو.
وبهذا يُعْلَم-يقينا-لا شك فيه أن سور الصين العظيم لا صلة له بسد يأجوج ومأجوج،إلا إذا قُدِّر أنه اتصل بِجَبَلَيْه-أي السد-في موقع من مواقعه-أي مواقع السور-الكثيرة.
==============
فأين هو سد يأجوج ومأجوج؟
إن وصف السد-وهو كونه بين جبلين،وكونه من الحديد والنحاس،وكونه بذاته كافيا لصد غارة المعتدين عند بنائه-قد يبدو منطبقا على السد الموجود بين جبلين من سلسلة الجبال الممتدة من قرب مدينة [دربند] على ضفة بحر قز وين الغربية، إلى مرفأ [سوخوم] على ضفة البحر الأسود الشرقية وهذه الجبال تُكَوِّن سلسلة متصلة بين البحرين المذكورين،تمتد من جنوب جمهورية (جو رجيا) إلى شمالها،لا يفصل بينهما فاصل إلا فتحة واحدة عميقة،سُدَّت بقطع من الحديد والنحاس،وهذه الفتحة،هي التي رجح بعض المؤرخين والكتاب أن ذا القرنين(كورش الأخميني) هو الذي بناها،وتسمى بـ[مضيق داريال]،وأن هذه الفتحة هي التي كانت تغير منها القبائل المتوحشة (يأجوج ومأجوج) من الشرق على القبائل المظلومة في الغرب.
ولا أرى مانعا من هذا الترجيح إذا تعينت هذه الأوصاف لهذا السد وحده في الأرض،كما لا أرى القطع بأنه هو،قبل البحث الميداني في هذا العصر بالذات ،لكثرة الوسائل المتاحة،التي يمكن الاستعانة بها لاكتشافه.
مشروع للاطلاع على السد المذكور، وتطبيق الأوصاف عليه.
ولو أن بعض الحكومات في الشعوب الإسلامية اهتمت بهذا السد،وخصصت له فريق عمل من ذوي التخصصات المناسبة له،من علماء الشريعة،وعلماء الجوليجيا،وعلماء التاريخ،وعلماء الجغرافيا،وزودتهم بما يحتاجون إليه من مواصلات، ومن أهمها الطائرة المروحية وغيرها مما يتحقق به الهدف،وأضافت إلى ذلك التنسيق مع الدول التي يظن احتمال السد في أراضيها،لمنح الفريق حرية العمل والتنقل والتصوير،أقول:لو اهتمت بعض حكومات المسلمين بذلك لأمكن تعيين مكان السد-الذي لا بد أن يكون موجودا-وليبدأ بالسد المذكور (سد داريال)،ولكن لا يُكْتَفَى به لاحتمال أن يوجد غيره.
ولا شك في أن الاهتمام به أولى من الاهتمام بالتنقيب عن آثار الفراعنة والآثار الجاهلية في البلدان العربية وغيرها ،لأن في تحديد مكانه ومعرفته زيادة بيان لما ورد به القرآن الكريم والسنة النبوية،ولأنه من أمارات الساعة التي ينبغي الاهتمام بها،وللاعتبار بعاقبة الظلمة المفسدين في الأرض الذين يُحْوِجون الناس إلى إقامة مثل هذا السد لاتقاء شرهم،كما أن فيه عبرة لمن مكنهم الله في الأرض وهيأ لهم أسباب الملك والقوة،ليستعملوا ذلك في طاعة الله،وفي مصالح خلق الله ونصر المظلومين والمستضعفين على الظالمين والمتجبرين !
مواقع النشر (المفضلة)