



-
عضو متميز جدا
قدراتهم
1- قدرتهم على التشكل :
أعطى الله الملائكة القدرة على أن يتشكلوا بغير أشكالهم ، فقد أرسل الله جبريل إلى مريم في صورة بشر : ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً مشرفاً – فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثَّل لها بشراً سوياً – قالت إني أعوذ بالرَّحمن منك إن كنت تقيّاً – قال إنَّما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيّاً ) [ مريم : 16-19] .
وإبراهيم – عليه السلام – جاءَته الملائكة في صورة بشر ، ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له عن حقيقة أمرهم ، ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ – فلمَّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف إنَّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ ) [ هود : 69-70] .
وجاؤوا إلى لوط في صورة شباب حسان الوجوه ، وضاق لوط بهم ، وخشي عليهم قومه ، فقد كانوا قوم سوء يفعلون السيئات ، ويأتون الذكران من العالمين : ( ولمَّا جاءت رُسُلُنَا لوطاً سِيءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب ٌ ) [ هود : 77 ] .
يقول ابن كثير : " تبدى لهم الملائكة في صورة شباب حسان امتحاناً واختباراً حتى قامت على قوم لوط الحجة ، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر " (1) .
وقد كان جبريل يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في صفات متعددة ، فتارة يأتي في صورة دحية بن خليفة الكلبي ( صحابي كان جميل الصورة ) ، وتارة في صورة أعرابي .
وقد شاهده كثير من الصحابة عندما كان يأتي كذلك .
في الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام " . وفي الحديث أنه سأله عن الإيمان والإحسان والساعة وأماراتها (2) .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد أن السائل جبريل ، جاء يعلم الصحابة دينهم .
ورأت عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم واضعاً يده على معرفة فرس دحية الكلبي يكلمه ، فلما سألته عن ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ذلك جبريل ، وهو يقرئك السلام ) (3) .
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ، وأنه لما هاجر تائباً جاءه الموت في منتصف الطريق إلى الأرض التي هاجر إليها ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فحكّموا فيه ملكاً جاءَهم في صورة آدمي ، يقول عليه السلام : ( فأتاهم ملك في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ) ، ولا بدّ أنهم حكموه بأمر الله ، فأرسل الله لهم هذا الملك في صورة آدمي ، والقصة في صحيح مسلم ، في باب التوبة (4) .
وسيأتي في قصة الثلاثة الذين ابتلاهم الله من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى ، وأن الملك تشكل لهم بصورة بشر .
وقد خاض بعض أهل العلم في كيفية تشكل الملائكة بنظرة عقلية مجردة ، فجاؤوا بكلام غث ، وما كان أغناهم عن الخوض في هذا المبحث الغيبي ، فالله أعلمنا بتشكلهم ، ولم يعلمنا بكيفية ذلك ، وكان يسع هؤلاء ما وسع رسول الله وأصحابه من بعده ، فيقفوا حيث وقفوا ، وإن شئت أن ترى شيئاً من كلام من تكلم في هذا الموضوع ، فارجع إلى كتاب السيوطي : ( الحبائك في أخبار الملائك ) (5) .
يتبع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)