الملائكة وبني آدم
المطلب الثاني
حراستهم لابن آدم
قال تعالى : ( سواءٌ منكم مَّن أسرَّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف باللَّيل وسارب بالنَّهار – له مُعَقِّبَاتٌمن بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) [الرعد : 10-11] .
وقد بين ترجمان القرآن ابن عباس أن المعقبات من الله هم الملائكة جعلهم الله ليحفظوا الإنسان من أمامه ومن ورائه ، فإذا جاء قدر الله – الذي قدّر أن يصل إليه – خلوا عنه .
وقال مجاهد : " ما من عبد إلا له ملك موكل بحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوام ، فما منها شيء يأتيه إلا قال له الملك وراءك ، إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه " .
وقال رجل لعلي بن أبي طالب : " إن نفراً من مراد يريدون قتلك ، فقال ( أي علي ) : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدّر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، إن الأجل جنّة حصينة " (1) .
والمعقبات المذكورة في آية الرعد هي المرادة بالآية الأخرى : ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتَّى إذا جاء أحدكم الموت توفَّته رسلنا وهم لا يفرطون ) [الأنعام : 61] ، فالحفظة الذين يرسلهم الله يحفظون العبد حتى يأتي أجله المقدر له .

--------------------------------
(1) راجع البداية والنهاية : 1/54 .