



-
13 Dec 2007, 03:14 AM
#17
عضو متميز جدا
الملائكة وبني آدم
المطلب الرابع
تحريك بواعث الخير في نفوس العباد
وكّل الله بكل إنسان قريناً من الملائكة ، وقريناً من الجنّ ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة ) ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : ( وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير ) (1) .
ولعلّ هذا القرين من الملائكة ، غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله ، قيَّضه الله له ليهديه ويرشده .
وقرين الإنسان من الملائكة وقرينه من الجنّ يتعاوران الإنسان ، هذا يأمره بالشر ويرغبه فيهي ، وذاك يحثه على الخير ويرغبه فيه ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة ، فأمّا لمة الشيطان ، فإيعاد بالشر ، وتكذيب بالحق ، وأمّا لمة الملك ، فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحق ، فمن وجد من ذلك شيئاً فليعلم أنّه من الله ، وليحمد الله ، ومن وجد الأخرى ، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ : ( الشَّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مَّغفرةً منه وفضلاً والله واسع عليمٌ ) [ البقرة : 268 ] )) .
قال ابن كثير ، بعد إيراده لهذا الحديث : " هكذا رواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننهما جميعاً ، عن هناد بن السري . وأخرجه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى الموصلي ، عن هناد به ، وقال الترمذي : حسن غريب ، وهو حديث أبي الأحوص ، يعني سلام بن سليم ... " .
وانظر إلى الحديث التالي كي تعرف كيف يتسابق القرين الجني والقرين الملكي على توجيه الإنسان ، ذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أوى الإنسان إلى فراشه ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : اختم بخير ، ويقول الشيطان : اختم بشرّ ، فإذا ذكر الله تعالى حتى يغلبه – يعني النوم – طرد الملك الشيطان ، وبات يكلؤه .
فإذا استيقظ ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : افتح بخير ، ويقول الشيطان : افتح بشر ، فإن قال : الحمد لله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها ، ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي يمسك التي قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ، الحمد لله يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه ) (2) .
وهذه الأحاديث توجهنا إلى الإكثار من الأعمال الخيرة التي تصلح نفوسنا ، وتقرب الملائكة منّا ، ففي قرب الملائكة منا خير عظيم . وقد سبق ذكر حديث ابن عباس الذي يبين فيه تأثير لقيا الرسول صلى الله عليه وسلم بجبريل في شهر رمضان ، لمدارسته القرآن ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حين ذاك أجود بالخير من الريح المرسلة (3) .
--------------------------------
(1) صحيح مسلم : 4/2168 . ورقمه : 2814 .
(2) قال محقق كتاب الوابل الصيب معلقاً على هذا الحديث : " ورواه بمعناه ابن حبان رقم : (2362) ((موارد)) . والحاكم (1/548) وصححه ، ووافقه الذهبي ورجاله ثقات ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد : (10/120) وقال : رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح ، غير إبراهيم الشامي وهو ثقة . نقول وصوابه : إبراهيم بن الحجاج السامي بالسين المهملة " .
(3) صحيح البخاري : 1/30 . ورقمه : 6 .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)