- لعن الكفرة :
قال تعالى : ( كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أنّ الرَّسول حقٌّ وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظَّالمين – أولئك جَزَآؤُهُمْأنَّ عليهم لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين ) [ آل عمران : 86-87 ] ، وقال : ( إنَّ الَّذين كفروا وماتوا وهم كفَّار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين ) [ البقرة : 161 ] .
ولا تلعن الملائكة الكفرة فحسب ، بل قد تلعن من فعلوا ذنوباً معينة ومن هؤلاء :
أ- لعن الملائكة المرأة التي لا تستجيب لزوجها :
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء ، لَعَنَتْها الملائكة حتى تصبح ) (2) وفي رواية في الصحيح : ( حتى ترجع ) (3) .
ب- لعنهم الذي يشير إلى أخيه بحديدة :
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال أبو القاسم : ( من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه ، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمّه ) (4) .
ولعن الملائكة يدل على حرمة هذا الفعل ، لما فيه من ترويعٍ لأخيه ، ولأنّ الشيطان قد يطغيه فيقتل أخاه ، خاصة إذا كان السلاح من هذه الأسلحة الحديثة ، التي قد تنطلق لأقل خطأ ، أو لمسة غير مقصودة ، وكم حدث أمثال هذا .
ج- لعنهم من سبّ أصحاب الرسول :
في معجم الطبراني الكبير عن ابن عباس بإسناد حسن : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من سبّ أصحابي ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .
فيما عجباً لأقوام جعلوا سبّ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ديناً لهم يتقربون به إلى الله ، مع أن جزاءَهم ما ذكـره الرسول صلى الله عليه وسلم هنا ، وهو جزاء رهيب .
د- لعنهم الذين يحولون دون تنفيذ شرع الله :
في سنن النسائي وسنن ابن ماجة ، بإسناد صحيح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قَتَلَ عمداً فَقَود يديه ، فمن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ) (5) . فالذي يحول دون تنفيذ حكم الله في قتل القاتل عمداً بالجاه أو المال ... فعليه هذه اللعنة ، فكيف بالذي يحول دون تنفيذ الشريعة كلها ؟!
هـ- لعنهم الذي يؤوي محدثاً :
من الذين تلعنهم الملائكة كما يلعنهم الله الذين يحدثون في دين الله ، بالخروج على أحكامه ، والاعتداء على تشريعه ، أو يؤوون من يفعل ذلك ، ويحمونه ، كما في الحديث الصحيح : ( من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً ، فعليه لعنـة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ) (6) .
والحدث في المدينة فيه زيادة في الإجرام ، ففي الصحيحين عن علي ابن أبي طالب قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المدينة حرم ، ما بين عَيْر إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثاً ، أو آوى محدثاً ، فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ، ولا عدلاً ) (7) .
4- طلب الكفار رؤية الملائكة :
وقد طلب الكفار رؤية الملائكة للتدليل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأخبرهم الله أن اليوم الذي يرون فيه الملائكة يوم شؤم عليهم ؛ إذ الكفار يرون الملائكة عندما يحلّ بهم العذاب ، أو عندما ينزل بالإنسان الموت ، ويكشف عنه الغطاء : ( وقال الَّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربَّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوّاً كبيراً – يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين ويقولون حِجراً مَّحجُوراً ) [الفرقان : 21-22] .

--------------------------------
(1)البداية والنهاية : 1/197 .
(2) صحيح البخاري : 9/293 . ورقمه : 5193 .
(3) المصدر السابق : 9/294 . ورقمه : 5194 .
(4) صحيح مسلم : 4/2020 . ورقمه : 2616 .
(5) صحيح سنن النسائي : 3/492. ورقمه : 4456 ، 4457 . وصحيح سنن ابن ماجة : 2/96 . ورقمه : 2131 .
(6) صحيح سنن أبي داود : 3/859 . ورقمه : 3797 . وصحيح سنن النسائي : 3/982 . ورقمه : 4412 .
(7) صحيح البخاري : 4/81 . ورقمه : 1870. ورواه مسلم : 2/994 . ورقمه : 1370 . واللفظ لمسلم .