البرود العاطفي.. تحول في العلاقة الحميمية يهدد الاستقرار الأسري



يؤثر على الزوجة

د.ابراهيم بن حسن الخضير
نحن الآن في بداية موسم الصيف والذي يتميز بكثرة حفلات الأعراس ومواسم السفر لقضاء شهر العسل، حتى أن بعض الشركات المتخصصة في السفر والسياحة اصبحت تعلن عن برامج خاصة لمن يريدون أن يقضو شهر عسل دون أن يتعبوا في التحضير لهذا السفر.. فشركة السياحة تهتم بكل شيء.. بعد ذلك يأتي الزواج..!!
الزواج.. هذه العلاقة المعقدة، الدقيقة، الحميمة، المشتركة بين شخصين مختلفين اختارا أو فرض عليهما أن يعيشا معاً، يقتسمان كل شيء.. المأكل، المشرب، النوم، العلاقات العائلية وأحياناً الرحيل والترحال معاً أو الافتراق في فترات بينهما عند سفر احدهما عن الآخر.

إن الزواج حقيقة علاقة صعبة تتطلب صبراً وتحملاً من الزوج والزوجة، ففي بداية الأمر يكون الأمر صعباً على كلا الطرفين، فالرجل لم يعتد على المسؤولية، فقد كان حراً طليقاً يخرج متى يشاء ويسهر انى اراد ولا يعود الى منزله الا في اوقات متأخرة احياناً، وأحياناً ينام خارج المنزل عند اصدقائه وزملائه. وكذلك الفتاة فقد كانت في منزل اهلها ليست مسؤولة - في اغلب الاحيان - عن شئ، فإذا كانت طالبة في المرحلة الجامعية أو متخرجة تعمل، فإنها تجد الامور مرتبة جاهزة عند حضورها من العمل أو الدراسة.

فالوالدة هي التي تقوم برعاية جميع من في المنزل بما في ذلك الفتاة نفسها.. وكثيراً ما تكون الفتاة غير مستعدة لتحمل مسؤوليات منزل و اولاد وزوج قد تنسجم معه أو لا تنسجم..!

إنها حياة جديدة لكل من الفتى والفتاة.. في بداية الزواج قد يكون هناك تلهف من قبل كل من الزوجين للآخر.. فتجد الانسجام والمحبة والآلفة بينهما ويشعر كلا الزوجان بأنه أخيراً وجد الحياة التي يتمناها.. وأن هذه السعادة سوف تستمر إلى ما لا نهاية، وأن غرام الزوجة بالزوج وتلهفهما عليه وكذلك كلمات الزوج المعسولة وسلوكه اللطيف سوف تستمر الى الابد..! وكل شخص يظن بأنه مختلف عن الآخرين وأن حياته الزوجية مختلفة عما سمع من زملائه او ما سمعت الزوجة من زميلاتها عن ملل الزواج ومشاكله الكثيرة.

بعد فترة قد تطول أو تقصر فإن أكثر الزيجات تصاب بما يسمى الملل الزوجي أو البرود العاطفي، وأحياناً يطلق عليها السكتة الزوجية..!!

هذا التحول في العلاقة الزوجية، والتي تنتشر بشكل كبير واحياناً تهدد الحياة الزوجية واستقرارها، امر يقع فيه الكثير من الازواج، وينتج عن اسباب كثيرة، لعل أهم هذه الاسباب:

٭ الزواج الاجباري: أي ان يتزوج شخص من فتاة لا يحبها، يفرضها عليه أهله اتباعاً لتقاليد عائلية، ويكون هناك من البداية رفض ربما من طرف واحد وربما من الطرفين. هذه العلاقة تولد ميته منذ البداية في اكثر الاحيان..! فالرجل الذي يفرض عليه الزواج من احدى قريباته ويكون هو غير مقتنع بهذا الزواج، فإنه يكون بارداً عاطفياً تجاه الزوجة التي فرضت عليه، وتشعر الزوجة بهذا البرود، وحتى حينما تحاول التقرب من هذا الزوج فغالباً يكون الفشل مصير هذه المحاولات التي تقوم بها الزوجة التي وجدت نفسها ايضاً مفروضاً عليها وليس لها حق الاختيار ولا تستطيع الرفض، كيف وزوجها لم يستطع منع هذا الزواج الذي لم يكن مقتنعاً به وهو رجل؟

إن ما يحدث من بعض العائلات من حجر بناتهن منذ الصغر لابناء من نفس العائلة او حتى لرجال بالغين من نفس العائلة، ويكون فارق السن كبيراً في بعض الاحيان، فينتج عنه عدم توافق زوجي وفارق ثقافي بين الزوج والزوجة..!

إن حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه «اذا اتاكم من ترضون دينه وامانته فزوجوه» فهذا الكلام البليغ الذي قاله عليه السلام، وهو لا ينطق عن الهوا.

إن الزواج المفروض فرضاً دون رضى احد الطرفين، قد يؤدي إلى امور لا يحمد عقباها.. وقد قالت إمرأة بأنها تخشى على نفسها الفتنة اذا استمرت مع زوج مفروض عليها وهي لا تحمل له أي شعور بالمودة وهو يبادلها نفس الكراهية.. بل أنه لا يتورع عن خيانتها ولا يبالي بمشاعرها.. فإذا رضيت وإلا فإن الباب يسع جمل كما كانت تقول عندما تتهمه بما يصدر منه من تصرفات تسيء لها كامرأة وتجرح مشاعرها كأنثى..! إن هناك خطوطاً حمراء يجب عدم تجاوزها في فرض آراء الأهل على الابناء والبنات في موضوع الزواج.. قد يقول شخص بأن هذا الأمر كان في القديم ولم يعد له وجود، ولكن واقع الامر أنه لا يزال موجوداً، وأن بعض العائلات لازالت تحجز فتياتها من سن صغير لابناء الاعمام او الاخوال، او ان يكون هناك صفقات بين الاهالي في تزويج الاولاد بعضهم من بعض داخل نطاق الاسرة، ويكون هذا الترتيب من الصغر، دون ان يترك أي رأي للابناء او البنات في الادلاء برأيهم في من سوف يشاركونهم حياتهم الزوجية والتي اعتقد بأنها اكثر علاقة يجب ان يكون للاتفاق فيها دور رئيس، كي يضمن على الاقل حياة زوجية مقبولة.

إن الإكراه في الزواج أمر غاية في الخطورة، لذا يجب على الأهل أن يتنبهوا لهذا الامر.