فروع للتزوير بدول الخليج
ومن معهد كامبردج ببريطانيا، قال المدعو جين فوردريك، إنه يتعامل مع رجل أمن من جنسية شرق آسيوية، وإنه استطاع أن يفتح له عدة فروع في مدن الخليج العربي كالمنامة ودبي وجدة والرياض إضافة إلى نيودلهي بالهند وفيصل أباد في باكستان، وأن لديه طرقا مقنعة وقوية لجمع ملايين الريالات والدولارات حتى إن أحد زبائنه سأله: كم حجم إنفاقك في الشهر، فأكد أنه ينفق في حدود 30 ألف دولار، فهو- على حد قوله- دائم التنقل بين الشقق المفروشة خوفا من الأجهزة الأمنية.
وبكل ثقة، أكد فوردريك أن لديه برنامجا للتعليم عن بعد، يركز فيه على أهمية الشهادات وتعدد التخصصات، مشيرا إلى أن مؤسسته تتعامل مع عدة معاهد وجامعات أمريكية وكندية وأسترالية وأوكرانية وأن مكاتبه المنتشرة في أرجاء العالم تتلقى طلبات من جميع الجنسيات والتخصصات. وقال إن معظم زبائنه من الخليجيين، مؤكدا أنه يفضل التعامل مع السعوديين لأنهم الأوفر حظا ومالهم جاهز كما قال. وأضاف أن من مميزات التعليم عن بعد أن له أنظمة وبرامج تتيح لكل راغب اختيار ما يتوافق مع مؤهله سواء أكانت الرغبة في الحصول على ترقية أم راتب مميز. وأوضح أن أكثر زواره من راغبي الحصول على شهادات علمية ونظرية. وقال "قبل أن يلتحق أي شخص بمؤسسته عليه سرد متطلباته، وأن يحدد الشهادة التي يرغب فيها، مؤكدا أنهم يقومون بتحضير خطة دراسية للملتحقين بالمعهد. كما أكد حرصه على أن تكون الدارسة الخاصة بكليات الطب والهندسة إما في الهند أو باكستان أو كندا أو بريطانيا عبر معاهده المنتشرة بها. وأضاف أن أساتذة جامعات مشهورين يعملون في معهده ويتقاضون رواتب كبيرة.
وعن كيفية الدراسة في الجامعات النظرية، قال "لابد أن ينتسب الطالب أولا ويحصل على كتيبات دراسية للمؤهل الذي يرغب الحصول عليه، ويمكن ضغط المدة الزمنية له حسب رغبته من عام إلى 3 أشهر إذا زاد من قيمة المبلغ المدفوع للتسجيل، والتدريب على آلية أداء الامتحان. وقال "عندما يجد الطالب أنه أصبح جاهزا لاجتياز الامتحان، يطلب منا إعداد لجنة له ثم يختبر ويحصل بعد ذلك على شهادة موثقة، يستطيع العمل بها في أي مكان.

تهاون في تعليم العرب
ويعترف لنا الطبيب ستورت بورتر من مدينة كوزلي ويعمل في مكتب دعائي بأوكرانيا، بأنه درس في إحدى جامعات بريطانيا، ثم انتقل إلى أوكرانيا. وقال إن لتزييف الشهادات العلمية هدفين، الأول سد النقص لدى طالب الشهادة، والآخر استخدام الشهادة كواجهة اجتماعية.
ويروي لنا واقع التعليم في أوكرانيا، حيث قال إن حلم الشاب العربي بالدراسة في الخارج يتحول إلى كابوس، لأن الشعوب في أوكرانيا وروسيا ودول أوروبا الشرقية والهند وباكستان لا تهتم بالدارس العربي، وإنما تهتم بالناحية المالية، وكيفية استغلال راغبي الشهادات. وقال إنه شهد بنفسه طريقة تدريس الطلاب العرب وزملائهم من دول الغرب، مؤكدا اهتمام أساتذة جامعات أوكرانيا بالطلاب الأوكرانيين فقط، وحرصهم على تعليمهم، يقابل ذلك تهاون كبير في تعليم المنتسبين العرب، الذين غالبا ما يأتون إليهم محملين بالهدايا والعطور، فيسهل حصولهم على شهادات علمية في الطب والهندسة والطيران. وقال إن الطالب العربي لا يحظى بأي اهتمام سوى دفع الرسوم الدراسية، وإنه يحصل على شهادة حقيقية من إحدى الجامعات الأوكرانية ولكنها في الحقيقة شهادة وهمية لا يواكبها علم ومعرفة.

الإيقاع بمواقع المزورين
ومن مدينة ويلفير هامبتون، روى جون كارترايت قصته مع محترفي التزوير قائلا إن مواقع الإنترنت التي اشتهرت مؤخرا ببيع الشهادات المزورة، لم تكن أقل هدما للناحية العلمية من غيرها من الجامعات غير المعتمدة والشهادات المزيفة، فقد تجاوزت طرق النصب فيها أدق التفاصيل. وأكد أنه تم الإيقاع ببعضهم والحصول على عدد من الشهادات المزورة بإتقان دون أن تفي بحاجة الراغبين في الحصول على شهادات تكميلية سواء كانت زمالة أو ماجستير أو دكتوراه فقط بسعر يتراوح بين 150 و160 دولارا.
* أما البريطاني جون فقد أكد أنه تم إغلاق أكثر من 60 موقعا إلكترونيا، من بينها موقع لأحد أشهر رجال الأعمال واسمه "Peter Leon Quinn" وتقديمه للمحاكمة، لأنه يوفر شهادات جامعية مزورة بدعوى أنها للمتعة فقط. وقال إن الموقع هو:
http://www.fakedegrees.co.uk.
وقد ثبت أنه يقوم ببيع شهادات مزورة بسعر 135 دولارا للشهادة، زاعما أنها صادرة من جامعات بريطانية وأمريكية ونيوزلندية وأسترالية. وقال جون إن هذا الموقع اشتهر كأكبر موقع إلكتروني لتزوير الشهادات قبل 5 سنوات، وأن صاحبه لم يعاقب بجريمة التزوير وذلك بسبب ثغرات في القانون، وإنما عوقب بتهمة تتعلق بحقوق الطبع، لأنه يصمم شهادات وهي صيغة خاصة بجامعات أخرى، ويعتبر ذلك اعتداء على حقوق الطبع.

التزوير المتقن في إسرائيل
وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية قد نشرت مؤخرا تصريحا لأكاديمي يدعى أنتون من مدينة بلاكهيث- فضل عدم ذكر الجهة التي ينتسب إليها في بريطانيا- حذر فيه من اللهث وراء وهم مواقع الإنترنت التي ربما- حسب توقعه- زادت إلى 650 موقعا للنصب والاحتيال على راغبي الحصول على الشهادات المزورة. وذكر أن هناك مؤسسة تعمل على نطاق واسع لجامعة حقيقية في إنجلترا هي (جلينكولين) ولها فرع في أيرلندا وتنتشر في رومانيا ومركزها الرئيسي في قبرص، وتأتي بشهادات عالية الدقة في التزوير من إسرائيل رأسا. وتحمل هذه الشهادات- حسب أنتون- تصديقات لا تختلف أبدا عن تصديقات الجامعة الحقيقية، غير أن الاختلاف في عدم وجود سجل لأي طالب حصل على مثل هذه الشهادات في سجلات الجامعة. وقال إن العرب مستهدفون بالتزوير لكثره أموالهم، مشيرا إلى أنهم يأتون إلى بريطانيا ودول الغرب عموما لتعلم الطيران والهندسة والطب وغيرها من العلوم النظرية والعلمية. وأكد أن مؤسسة تعليمية بريطانية تبنت إنشاء مؤسسة تدعى "أدكسل" وهى التي ترعى وضع وإضافة نماذج وصفها بالمعقدة لمنع التزييف والمساعدة في الكشف عن الشهادات المزورة. وأضاف أن جامعات بريطانية وأيرلندية تستخدم نظام مؤسسة (ukk) الصادر من اتحاد الجامعات، والذي يقوم بفحص كل الشهادات الواردة لأي جامعة أو معهد بالتعاون مع المؤسسات الحكومية لمعرفة ما إذا كانت الجهة الصادرة منها معتمدة أم لا. وينصح أنتون الطلاب بتجنب الوقوع في مصيدة المزورين، وذلك بعدم اعتماد الدارس على البريد الإلكتروني فقط لأي موقع أو جامعة وإنما عليه البحث بكل وسائل الاتصال للتأكد من كون الجهة التي يرغب في الدراسة بها معترفاً بها دوليا. كما يجب أن يكون على بينة بالتكلفة الحقيقية للدرجة العلمية التي يرغبها، وأن مدة الدراسة اللازمة لإكمال درجة الدكتوراه لا تقل عن ثلاث سنوات كاملة، وأن يكون حذرا إذا عرضت عليه درجة علمية كبيرة في فترة زمنية قصيرة، لأنها ستكون بالقطع مزورة.

جامعات وهمية في أوروبا
وفي ذات السياق، تحدثت ديلي بتريكي، بولندية تعيش في مدينة تلفورد ببريطانيا عن تجربتها مع الشهادات المزورة مؤكدة انتشار خدمات مروجي الشهادات الجامعية عبر عدد من إعلاناتها الموجودة في كل مكان. وأشارت إلى وجود أكثر من 450 لوحة إعلانية لجامعات وهمية منتشرة في أرجاء أوروبا، تدعو للانتساب إلى جامعات وهمية، ويقوم على إدارتها أفراد من جنسيات مختلفة، اجتمعوا من أجل الربح عبر بيع الأوهام للباحثين عن المظاهر الاجتماعية. واعترفت بتريكي بأنها كانت إحدى ضحايا هذه الجامعات حيث دفعت ما يقارب 3 آلاف يورو نظير دراستها لبرنامج الماجستير. وتقول إنها تسلمت صيغ التقييم والكثير من الكتب إلا أنها بعد 3 أشهر، فوجئت وأصدقاؤها العرب بإغلاق مكتب الجامعة واختفائه، وأنها تلقت اتصالا من مدير المكتب يبلغها بأن شهادتهم كاملة، وأنهم يستطيعون العمل بها.

(غدا.. أسرار التزوير في الدول العربية والإسلامية)