آخر المشاركات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 9 من 9

العرض المتطور

  1. #1

    مشرف سابق وداعم للمنتدى


    القنديل غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    الجبيل الصناعية
    المشاركات
    4,029
    هاو بما رآه ، ثم تخيل كيف أنه يستطيع أن يستمتع بتذوقها جميعاً .
    كلما اتضحت صورة ذلك الجبن الجديد داخل عقله ، زادت واقعيتها ، وازداد شعوره بقرب عثوره عليه .
    ثم كتب :

    عندما تخيلت نفسي وأنا استمتع بالجبن الجديد ، حتى قبل أن أعثر عليه ، وجدت طريقي إليه .

    حدّث هاو نفسه قائلاً : " لماذا لم أفعل هذا من قبل ؟ "
    بدأ هاو يجري داخل المتاهة ، لكن بقوة و رشاقة أكبر مما مضى ، ولم يمض وقت طويل حتى عثر على محطة الجبن ، وشعر بالسعادة وهو يلحظ قطع جبن جديدة قد وضعت بجانب المدخل .
    ولم يكن قد رأى قط في حياته أصناف الجبن تلك ، لكنها بدت له رائعة . تذوقها ، فوجد طعماً طيباً للغاية ، وتناول هاو معظم قطع الجبن الموجودة ، ووضع بعضاً منها في جيبه كي يتناولها فيما بعد، أو ليتقاسمها مع ، وبدأ يستعيد قوته .
    دلف هاو إلى محطة الجبن تغمره السعادة والإثارة . لكن ، ولسوء حظه ، وجدها خاوية ، فقد سبقه إليها شخص ما ، لم يترك سوى تلك القطع من الجبن الجديد .
    وأدرك أنه لو كان قد عجل الخطى ؛ لوجد كمية كبيرة من الجبن هنا .
    وقرر هاو أن يعود أدراجه كي يرى إذا ما كان هيم على استعداد للانضمام إليه .
    وبينما هو يقتفي آثار العودة ، توقف وكتب على الحائط :

    كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، عثرت على الجبن الجديد .


    وبعد فترة نجح هاو في العودة إلى محطة الجبن " ج " ووجد عندها هيم ، وعرض على هيم تناول بعض قطع الجبن الجديدة ، لكن الأخير رفض العرض .
    وشكر هيم صديقه على هذه اللفتة الجميلة ، وقال له : " لا أعتقد أنني سأستمتع بالجبن الجديد ، فأنا لست معتاداً عليه ، كل ما أريده هو جبني المفضل ، ولن أتغير أبداً حتى أحصل على ما أريد " .
    هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة الأمل ، وجعل يؤخر رجلاص ويقدم الأخرى ، معاوداً الانطلاق بمفرده من جديد ، ومع وصوله إلى أبعد نقطة كلن قد وصل لإليها في المتاهة ، بدأ يشعر بالحنين إلى صديقه ، لكنه أدرك أنه بصدد اكتشاف شيء ما . فحتى قبل أن يعثر على ما كان يعتقد أنه كمية هائلة من الجبن الجديد أدرك أنه لم يكن يشعر بالسعادة لمجرد عثوره على الجبن .
    لقد كان سعيداً لأنه لم يصبح أسيراً لخوفه بعد الآن ، وبدأ يستمتع بما يفعل .
    وحينما أدرك ذلك ، لم يشعر بذلك الضعف الذي انتابه حين كان يجلس في محطة الجبن ج الخاوية ، وحينما أدرك أنه منع نفسه من أن يستوقفها الخوف ، واتخذ وجهة جديدة ؛ شعر بالحياة تدب في أوصاله من جديد .
    لقد وجد الآن أن المسألة أصبحت مسألة وقت قبل أن يصل إلى ضالته المنشودة بالفعل .
    وابتسم حين أدرك أنه :

    من الأسلم أن تبحث في المتاهة ، من ان تبقى دون جبن .
    و أدرك هاو ما ، كما أدرك من قبل ، أن ما تخشاه لن يكون بنفس القتامة التي يصورها لك عقلك ، وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضع القائم بالفعل .
    لقد كان هاو متخوفاً لدرجة كبيرة من أن لا يعثر على الجبن الجديد ، لدرجة أنه لم يرغب في الاستمرار في البحث عنه ، لكن ما إن عاود رحلته مجدداً ، عثر على قطع من الجبن في الممرات تكفيه لمواصلة المسير . الآن بدأ يتطلع إلى العثور على المزيد و المزيد ، وأصبح مجرد التطلع إلى ما هو آتٍ أمراً ممتعاً في حد ذاته .
    لقد كان تفكيره القديم مغلفاً بسحابة من الخوف والقلق ، فقد كان يشعر دائماً أنه لن يعثر على جبن كافٍ ، أو انه لن يحظى به للمدة التي يريدها ، وكان كثيراً ما يشغل باله بما قد يحدث له من مصائب، لا من مفاجآت سارة .
    لكن هذا التفكير تغير في الأيام التي أعقبت تركه لمحطة الجبن ج .
    واعتاد هاو أن يعتقد بأنه لا ينبغي تحريك الجبن ، وأن هذا التغيير ليس صائباً .
    أما الآن فقد أدرك أن عدم التغيير أمرينافي نواميس الكون و الطبيعة ، فلابد للتغيير أن يقع باستمرار سواء توقعناه أم لا ، ولايمكنك أن تفاجأ بالتغيير ، إلا إذا لم تكن تتوقعه و تبحث عنه .
    وحينما أدرك هاو التغيير الذي اعترى معتقداته ، توقف كي يكتب على الحائط :

    إن المعتقدات البالية لا ترشدك إلى جبن جديد .

    لم يعثر هاو على أي جبن بعد ، لكن كل ما كان يشغل تفكيره وهو يعدو في ممرات المتاهة هو ما تعلمه حتى الآن .
    لقد أدرك الآن أن هذه المعتقدات الجديدة تدفعه إلى التصرف على نحو جديد ، فقد بدأ الآن يسلك مسلكاً يختلف عن مسلكه عندما كان يصر على العودة إلى محطة الجبن الخاوية .
    وأدرك هاو أنك عندما تغير معتقداتك ، فأنت تغير تصرفاتك .
    عليك أن تعتقد بأن التغيير قد يضرك ، وأنه لابد لك أن تقاومه ، أو يمكنك أن تعتقد بأن عثورك على جبن جديد سوف يساعدك على استيعاب التغيير والتكيف معه .
    كل ذلك يعتمد على المعتقد الذي تختار أن تؤمن به .
    كتب هاو على الحائط قائلاً :


    عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به ؛ فستغير طريقك .

    و أدرك هاو أنه كان سيصبح في حالة أفضل الآن لو أنه استوعب التغيير في محطة الجبن ج بسرعة ودون تلكؤ ، وساعتها كان سيشعر بالقوة تدب في جسده وروحه ، ويستمر في التحدي حتى يعثر على الجبن الجديد ، بل كان في إمكانه العثور عليه بالفعل لو أنه توقع التغيير ، بدلاً من إضاعة وقته في مقاومته ، بعد أن حدث بالفعل .
    واستجمع هاو قواه وقرر مواصلة المسير في الأجزاء الجديدة من النتاهة وبدأ يجد بعض قطع الجبن المتناثرة هنا و هناك ، فعادت إليه بعض طاقته وثقته بنفسه .
    وعندما فكر في الطريق الذي جاء منه شعر بسعادة ؛ لأنه كتب على الحائط في أمكاكن كثيرة ، فقد أيقن أن تلك العبارات ستكون دليلاً له أثناء سيره في المتاهة ، إذا اختار أن يتك محطة الجبن ج .
    وتمنى هاو لو أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وفكر في إمكانية أن يقرأ هيم كتابته على الحوائط كي يعرف طريقه هو الآخر .
    ثم كتب هاو على الحائط ما عبر عما كان يدور بخلده لفترة من الزمن :


    ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع الغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً.

    والآن فقد طوى هاو صفحة الماضي ، وبدأ يتطلع إلى المستقبل .
    واستمر يقطع دروب المتاهة بقوة وسرعة أكبر مما مضى ، ولم يمضِ وقت طويل حتى حدث ما كان يتمناه .
    وفي الوقت الذي شعر فيه هاو بأنه سيظل بهذع المتاهة إلى الأبد ، أفضت رحلته ــ أو على الأقل هذا الجزء من رحلته ــ إلى نهاية سريعة و سعيدة .
    لقد عثر على جبن جديد في محطة الجبن ن !
    حينما دلف إلى داخلها ، لم يصدق ما رأته عيناه : جبال عالية هنا و هناك من الجبن الذي لم يره في حياته قط ، ولم يستطع التعرف على كل الأنواع الموجودة أمامه ؛ حيث إن بعضها كان جديداً عليه تماماً .
    ثم تساءل هاو للحظات عما إذا كان ما براه حقيقة أم من نسج الخيال ، إلى أن وقعت عيناه على صديقيه سنيف و سكورى .
    رحَب سنيف به بإيماءة من رأسه ، أما سكورى فقد لوَح له بكفه ، وظهر من معدتيهما الممتلئتين أنهما سبقاه إلى المكان بفترة ليست بقصيرة .
    ألقى هاو التحية عليهما ، ثم سارع إلى تناول قضمات من أنواع الجبن المفضلة لديه ، ثم خلع عنه حذاءه ورداء التريض ووضعهما بالقرب منه حتى إذا احتاجهما مرة أخرى تناولهما سريعاً ثم انقض على الجبن الجديد ، وحينما أخذ كفايته ، تناول قطعة من الجبن الطازج في يده و صاح : " مرحباً بالتغيير ! "
    التعديل الأخير تم بواسطة القنديل ; 14 Jul 2008 الساعة 10:45 AM

+ الرد على الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك