بسم الله الرحمن الرحيم
أيام معهد رفحاء العلمي ( 1)
أحببت في هذا المكان أن أزور باحة المعهد العلمي في رفحاء وأن ألقي التحية للأساتذة الكرام
والمشائخ لفضلاء وأن أتذكر بعض الأيام الخوالي بين الصفوف والساحة ومع الأساتذة والزملاء والكتب والأنشطة
والزيارات وأسميتها " أيام معهد رفحاء العلمي "
وأقول وأنا أدخل المعهد العلمي من باب الساحة الخلفي حيث كان يقف الأستاذ المحترم وكيل المعهد علي فياض
( السلام عليه ورحمة الله وبركاته ) في ساعات الصباح الباكر . أقول
سلام كنسمة مسك سرت ________ لأنفاسكم في نسيم سحر
ساقت لساحتك مستهام ________ سباه سنا حسنكم وسحر
حيث الساحة المغطاة بالحصى الأبيض الصغير وحيث كان يقف طابور أول متوسط في أقصى اليمين
وطابور الثالث الثانوي في أقصى اليسار ، وحيث كان مكرفون الإذاعة ذو الأسلاك النافذة من نافذة
غرفة المعلمين ، هذا هو طابور المعهد الصباحي ، وذاك هو موقف الإذاعة ، وأحياناً في أيام البرد
الشديد أو المطر الغزير يحسن لنا أستاذنا علي فياض ويأمرنا بالدخول إلى الفصول ، وأسترسل هنا
عندما كنت في أول متوسط جاءت في الصباح الباكر وفي حصة التاريخ زخات من البرد (بفتح الباء
والراء ) الشديد فركضنا ببراءة الصغار وبفرحتهم نحو النافذة والأستاذ محمود عبدالمنعم ( عليه من الله ألف
سلام وتحية ) يشرح الدرس ، ولكنه لم يؤنب ولم يزجرنا بل جاء معنا لينظر مع الشباك .
نعود إلى الطابور الصباحي وحركات التمرين التي نؤديها بتثاقل شديد حيث كان الأستاذة عمار
ومجدي وصالح المجلي (السلام عليهم ورحمة الله جمعياً وبركاته ) يتولون المهمة ، حتى أن البعض
منا يؤديها كأنه لتوه قام من فراش النوم ويتحرك ببطء شديد وتثاقل شديد ، وعلى الرغم من محاولة
بعض الأساتذة من إجبارنا على أداء التمرين بالشكل الصحيح إلا أن المحاولات باءت بالفشل أمام تثاقل الطلاب،
وأظن أن المشكلة ، ليست في قناعة الطلاب بجدوى أداء التمرين الصحيح ، ولكن يبدوا أن بعض
الطلاب ينظر باستخفاف لمن يؤدي التمرين الصحيح ، فيستحي أحدنا أن يؤديه بالشكل الصحيح لكي
لا يلفت النظر ، حيث كان جميع الطلاب على ما اظن يؤدونه بتهاون . أما الإذاعة فأحياناً يتولاها
شخص واحد وأحياناً مجموعة من الطلاب على حسب اهتمام مشرف الفصل ، وأحياناً تظهر بعض
الاجتهادات من قبل المشرفين من أجل تعزيز الإذاعة ومشاركة الطلاب فيها لما لها من أهمية إلقاء
المواضيع أمام الطلاب ، ومن أفضل الأساتذة في هذا المجال على ما اظن الأستاذ سالم حامد ( السلام
عليه ورحمة الله ) حيث كان يطلب منا جميعاً المواضيع قبل أسبوع من بدء دورنا الإذاعي ، حيث كان لكل
فصل أسبوع كامل . وكنت أحضر مواضيعي غالباً من كتاب موارد الضمآن لدروس الزمان وهو
مجموعة من الكتب للشيخ عبدالعزيز السلمان . وأذكر من المواضيع التي أحضرتها ، بعض العبارات
النصحية لا أدري ما كنا نسميها في الإذاعة وكانت هذه الجملة " الليل والنهار يعملان فيك فأعمل
فيهما بالخير ...... ) وكنت ولله الحمد ممن يخرج في الإذاعة ولا أجد حرجاً ، ولكن من المواقف
المحرجة بالنسبة لي . أني ذات يوم أحضرت كلمة الصباح عن الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله
عنه ، وألقيتها وتركت ذكر اسم الصحابي في آخر الكلمة ، وقلت في الثناء عليه من قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم " لرجل عبدالله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد " أو كما قال صلى الله عليه
وسلم فنطقت كلمة " أحد " بفتح الهمزة من قولك " هل هناك أحد " بينما هي الصحيح جبل أحد ،
فلما انصرفنا لحق بي الأستاذ القدير ( مالك الدندشي ) وأخبرني بالخطأ ، فجزاه الله خير والسلام
عليه ورحمة الله ، والأستاذ مالك ممن يسبق حلمه غضبه في الفصل ، فحينما يغضب مباشرة يستغفر
ثم يبتسم ، وهذه من المحامد التي ينبغي للأستاذ أن ينتبه لها فالحلم جميل ومطلوب من الأستاذ مهما
كان المبرر . ومن طرائف الإذاعة الصباحية أن الأستاذ القدير مالك وهو يتكلم باللغة العربية
الفصحى تحدى أن يخرج طالب في الإذاعة ويسأل ويجيب باللغة العربية ، فخرج أحد الطلاب واسمه
يوسف ، فسأله المقدم ، عرف نفسك ، فقال يوسف .......... فنطقها بلهجتنا ، بكسر السين وليس
بضمها ، فسحب الأستاذ عمار المايكرفون ، وقال انتهى التحدي أخطأت . الشيخ ضويحي حفظه الله
والسلام عليه ورحمة الله ، إذا كانت هنالك مناسبة دينية كصيام الست من شوال أو عاشورا أو بعض
الملاحظات ، كان يتكلم عنها في الإذاعة ، فيحمد على ذلك ، وللشيخ ضويحي مكانه خاصة عندي ،
ولعل قادم الحلقات سأتكلم عن حصته في الفصل . ومن الأشياء التي أذكرها أن مدير المعهد الأستاذ الفاضل
والقدير عبدالله الأحمد والسلام عليه ورحمة الله وجزاه الله كل خير على ما قدم للمعهد وما قدم
للطلاب ذات يوم حضر الطابور وفي يده جوال أريكسون كبير الحجم وكان هذا أول جوال نراه في
حياتنا حتى أنه كان حديث الطلاب في ذلك اليوم. من قوانين المعهد لبس الشماغ ، وفي بداية السنة
الدراسية يأتي بعض الطلاب بدون شماغ ، فيثيرون ضحك الطلاب القدامى !! عليهم ويظهرون بمظهر
صاحب الخبرة الطويلة العريقة . وكان في بدايات دراستي في المعهد وكل يوم سبت يتم التفتيش
على الأظافر وشعر الرأس .
الإذاعة المدرسية والتمارين الصباحية ، لا شك أن لها فوائد كثيرة وخاصة الإذاعة من الجرأة على
الحديث أمام الآخرين وعدم الخوف ، ولكن الكثير منا وللأسف لم يكن يدرك أهميتها ، ولعل أحياناً
من الأفضل أن يجبر الأستاذ الطلاب على الخروج .
في الحلقة القادمة سأتحدث عن اللطمة في المعهد العلمي ، وعن حصة التعبير ، وعن بعض الحصص
الدراسية ، وعن حادث السير الذي تعرضت له أمام باب المعهد . وكيف أني اعترفت على نفسي بشيء لم أفعله وتعرضت للضرب من الأستاذ ........
وفي ختام هذه الحلقة أهدي سلامي لأساتذتي في المعهد وأهدي سلامي للمعهد نفسه ، وبالنسبة لي أعتبره
مدرسة علم وأدب مع أساتذة نبلاء وفضلاء ولكن للأسف لم ندرك قيمته الحقيقية إلا بعد التخرج .
سلامي لكل من ( عبدالله الأحمد ، علي فياض ، ضويحي مكمي ، هادي سويف ، نادي سويف ، صباح حسين ،
مجدي ، محمود عبدالمنعم ، ، عافية ، أحمد حجازي ، صالح المجلي ، عبدالرحمن آل شيخ ، سمير مرمور
، عمار ، سالم حامد ، مالك الدندشي وبندر الحماد وسعد حجر وأبو عبدالله (نسيت اسمه) ......... ) وأعتذر أن
نسيت أي اسم منهم . واسأل الله الرحمة والمغفرة
للأستاذ ( حمدي) وللوالد ( أبو حبيب )
والسلام عليكم ورحمة الله ،
مواقع النشر (المفضلة)