[align=center][من فتاة مثالية إلى .............
عندما ظهر اسمه فجأة على شاشة الحاسوب .. وقرأت أول عبارة كتبها :
* أختاه أود أن أتعرف عليكِ *
خفق قلبي بقوة
شعرت بأنني أجتاز مرحلة من حياتي
إلى مرحلة جديدة
أحسست أن ثمة شيء ينتفض داخلي
شيء مُبهَم
شيء غامض
ترى هل هو حب المغامرة ؟
الرغبة في خوض تجربة ؟
الأمل في أن تتغير حياتي و تتبدل ؟
لتمتزج بطعم جديد .. بشكل جديد ..
برائحة مغايرة غير التي اعتدت عليها ..
أم أن هذا الشيء الذي ينتفض داخلي
ما هو إلا وخزة ضمير
رجفة خوف من الله ..
دقة على ناقوس الخطر تهتف بي أن
" عودي و لا تتقدمي و لا تردي ... "
و لمَ أعد ..؟؟ ( أول خطوة شيطانية )
لقد إكتست حياتي ثوب الملل
و طغت عليها صبغة الكآبة
و أسدل عليها ستار الرتابة والتكرار والسأم
نعم أنا فتاة مثالية بشهادة أهلي و والدي الحنونين
بشهادة أقاربي وأصدقائي
الذين لا أتوانى عن بذل جهدي في مساعدتهم
و الوقوف معهم في السراء والضراء ..
أنا مثالية ( خطوة شيطانية )
بشهادة مدرستي ومعلماتي ..
و ما شهادات التقدير المعلقة على الحائط إلا دليل دامغ على ذلك
بشهادة نفسي التي نهيتها عن ارتكاب المحرمات ، وصرفتها عن إتيان الصغائر والكبائر .
بشهادة نفسي التي كسوتها بلباس التقوى و رداء العفة و وشاح النقاء والطهر .
بشهادة نفسي التي عزمت واعتزمت أن أسخرها لخدمة دين الله
و أبذلها سعياً وراء كل طاعة و دحراً لكل معصية .
بشهادة نفسي التي جعلت منها قدوة لزميلاتي
حتى أصبحت لديهم الناصح الأمين و المستشار المؤتمن .
ولكن مهلاً إنه يعاود إرسال رسالة أخرى
أختاه أرجو أن تردي هل تسمحين بأن نتعارف ؟
ما أروع هذه الكلمات !
يبدو لي أن من يرسلها لا يقل التزاماً ومثالية عني ..
و لمَ لا ؟؟ ..
لن أسمح إلا بالحوار الهادئ الرصين الملتزم في حدود ما أحل الله وبعيداً عن نواهيه ..
الاسم ...
السن ..
المرحلة الدراسية ...
انطفأ الحاسوب و أغلقت أنوار الغرفة !!!
ما أروع هذا الحديث الذي دار بيننا !
إنه شخصية رائعة ملتزمة رصينة
لن أنام ليلتي
أود أن أستعيد كل عبارة .. كل جملة .. بل كل حرف كتبناه معاً ...
يا له من شعور مبهر باهر رائع !
و أنا أجد من يوافق أفكاري ..
و يحمل ذات مبادئي ..
و يسترسل معي في هذا الحديث الممتع ..
مضت الأيام والأسابيع والشهور ..
ربـــاه
لم أعد أحتمل غيابه عني ..
لم أعد أطيق انتظار لقائه ..
لم أعد أقوى على فراق كلماته ..
ربــاه
إلى أين أسير وفي أي الدروب أمشي ؟؟
و كل هذه الساعات التي أقضيها معه
و أخدع بها أهلي بأني أذاكر وأدرس و أمضي الوقت في مراجعة دروسي ..
دروسي..!! و ماذا عن دروسي و مذاكرتي ..؟؟
ما عدت أذكر منها إلا أشباحاً عالقة في الذهن ..
كلما حاولت المكوث أمام كتبي تخطفني الذكريات ..
و تحلق بي الآمال و أنا استعيد كلماته .. كلمة كلمة
بل حرفاً حرفاً ..
و ماذا عن أهلي و أقاربي وصديقاتي ؟
الذين اعتزلتهم ..
و أصبحت أمضي جل وقتي معه ..
و ماذا عن معلماتي اللاتي ....
لكن المرة الأخيرة
كان حديثه أروع !
و كلماته أجمل ..
و حرارة مشاعره أقوى ..
لقد اعترف لي بحبه .. إنه يحبني و يتعلق بي مثلما تعلقت به .. ( خيال شيطاني )
و لا يطيق فراق الحاسوب للقائي ..
لقد طلب مني طلباً غريباً في آخر مرة ..
طلب أن يأخذ رقم هاتفي لنتحدث ..
رقم هاتفي .. ؟؟
هل هذا معقول ..
هل ستسمح لي تربيتي وأخلاقي بهذا ؟
هل يمكن أن أقدِّم هذا التنازل ؟
و لكن .. لِمَ لا .. ؟؟
أما يمكن أن يقضي هذا على حالة التشتت التي أصابتني
و يوضح صورة هذا الإنسان المجهول أمامي ..
و يقلل من تفكيري به ..
سأتصل به أنا ..
لقد أعطاني رقم هاتفه ..
لقد حفظته عن ظهر قلب ...
ياااه ما أروع صوته ورقة نبراته وعذوبة عباراته !!
لن يسعني إلا أن أتصل به وأتواصل معه يوماً بعد يوم ...
اليوم هو يوم لقائي الأول به
لقد حدد لي مواصفاته وهيئته ..
سأنتظره هنا في هذا المكان العام ...
نعم إنه مكان عام لا غبار عليَّ في ذلك ..
لكني كذبت ..
كذبت على أهلي ..
كذبت على أمي و أبي لأجد حجة لخروجي ..
ادعيت مرض إحدى صديقاتي ..
اللاتي كنت أزورهن و أقوم بواجب صداقتي إزاءهن ...
لقد تبدل حالي ..
أكذب و أخادع و أنفرد بنفسي لساعات
أصاحب خواطري و استجيب لشهوات نفسي و .... أتهرب من صديقاتي
و ألوذ بالفرار من أعينهن المتسائلة عن تبدل حالي ..
و تدهور مستواي في الدراسة ..
و فقدي لكافة المراكز التي حققتها في الأنشطة ..
تبدل حالي ..
ما عدت أساعد أمي
و أفر من عيني أبي
و أضيق ذرعاً بحديث ونصح أخوتي
أغلقت باب نفسي دون الجميع
و فقدت كل شيء حلو في حياتي ..
لكن وجوده في حياتي له نكهة خاصة ..
لقد صدقت كل كلمات الأغاني التي بدأت تثير انتباهي
و هم يتحدثون عن اللهفة و اللوع و الشوق لرؤية الحبيب ..
ياااااه أظنني ألمح شخصاً بنفس المواصفات
يبدو لي إنه هو ..
فهو يبحث بعينيه في أرجاء المكان
إنه هو يرن عليَّ ..
قلبي يخفق بشدة ..
ترى هل سأعجبه ؟
هل سيجدني فتاته التي تصورها خياله ؟
هل سيظل على عهده معي بالحب والمودة ؟
إنه يقترب .. يقترب .. يقترب ...
لكن أين سيكون لقاؤنا القادم ؟
هل بنفس الشقة التي اعتدنا اللقاء فيها ؟؟
لكن كيف سأخرج ؟
لقد فرغت كل حيلي ...
و افتضحت محاولاتي العديدة للكذب والتهرب
لم يعد لأهلي ذرة من ثقة بي ..
خاصة بعد أن ظهرت نتائج الامتحان
و رسبت في عدة مواد..
و أرسلت المدرسة كشفا بأيام غيابي
التي كنت أخرج فيها لمقابلته !!
لكني سأحسم أمري معه ..
إما أن يتقدم لخطبتي كما وعدني ..
و إما .. و إما ..
لكن لم يعد ثمة خيار أمامي
لقد ضاع مني كل شيء
احترام أهلي وثقتهم بي ..
تقدير زميلاتي ..
ثناء معلماتي ..
تفوقي .. مستقبلي ..
بل لقد ذبحت عفتي دون أن تراق نقطة دم واحدة !!
نعم ..
فقدت عفة خواطري
التي تلح و تطاردني حتى استجيب لها
فقدت عفة بصري
بعد أن اعتدت النظر إلى ما حرم الله
حتى هذه المواقع التي دلني عليها
و أصبحت ارتادها حتى أدمنتها
فقدت عفة سمعي
مع أول عبارة حب محرم
وأول كلمة عشق آثم
فقدت عفة جوارحي
بعد أن ابتذلتها بين يدي من لا يتقي الله ولا يخافه
من ابتغاني أداة لمتعته
و وسيلة لتسليته
بعدما جعلت من نفسي ألعوبة بين يديه
حتى إذا ما ثارت ثائرتي لفعاله و غضبت
أسكتني بوعد هامس بالزواج ..
فقدت عفة ضميري
الذي روضته على الكذب والغش والخداع
واستباحة حرمتي
وانتهاك كرامة جسدي ..
فقدت عفة نفسي و روحي و إحساسي و خواطري بل و حتى أحلام ذاتي
و لكن ماذا بعد..؟؟
ماذا بعد كل هذا الإنحدار الذي لا نهاية له ..
إلى أي مدى سأظل أسقط و أسقط و أسقط ..
من وهدة إلى وهدة ..
ومن منحدر إلى منحدر ..
ربـــاه
إنه لا يرد على رسائلي
و يغلق هاتفه دوني
و يتهرب مني بعد أن شعر بإلحاحي في أن يتقدم لخطبتي ..
لقد كتب رسالة
بعد أيام من مطاردته والبحث عنه يقول لي فيها :
* لا يمكنني أن أمنح اسمي لإنسانة سهلة المنال مثلك *
هكذا ..
أنا أصبحت صفتي و كل ما يذكره من أمري أني إنسانة
( سهلة المنال ) !!
بعد أن كنت الفتاة المثالية ..
النموذج المحتذى ..
الناصح المؤتمن ..
بعد أن كنت مضرب المثل في الخلق و الدين و العلم و الثقافة ..
أصبحت فجأة ( سهلة المنال[/color][/size] ) !!
نعم لديه حق ..
لقد قادني تفريطي و تنازلي بأن أصبحت هكذا ..
من مجرد كلمة كتبت على شاشة الحاسوب
إلى مفرطة في أمر نفسها و جسدها و كرامتها ..
هكذا ...
وصلت إلى أسفل الدرج و قاع الهاوية ..
لقد رحل ليبحث عن ضحية جديدة ..
و فريسة أخرى يروي بها ظمأ نفسه العطشى
التي تمرست على نصب شباك الحب و العشق
لتقع فرائسه تحت وطأة ضعف النفس و عذوبة التجربة و حب المغامرة
لقد ذبحت نفسي ألف ألف مرة ..
و أنا استجيب له و أتبع خطوات الشيطان خطوة بعد خطوة ..
لقد خنتهم .. نعم خنتهم جميعاً ..
خنت أهلي الذين خدعتهم و دنست ثقتهم في التراب ..
خنت زوجي - إذا قدر لي الله بالزواج -
و الذي كان يجب أن يأخذني جوهرة مصونة ..
لم تمسها عين
و لم تمتد إليها يد
و لم يسبقه إليها أحد ..
خنت زوجي و خنت فرحتي به إذا جاء ..
تلك الفرحة التي ستمتلئ بالخوف و الريبة
من أن يكتشف أمري و يفتضح سري
و تنهار حياتي ..
خنت أبنائي
الذين مازالوا في رحم الغيب ..كان يجب أن يجدوا لهم أماً طاهرة الحس ..
عفيفة الوجدان و الشعور و الخواطر ..
لم تمتلئ ذاكرتها بمرارة ذكريات الذل و الزلل و ارتكاب المحرمات ..
ربـــاه
رحمتك يا إلهي ..
هل من أمل أن ألملم شتات نفسي ؟
و أستعيد طهارة روحي ؟
و عفاف قلبي وجوارحي ؟
ارتمي في أحضان أمي ..
و ألثم يد أبي ..
و أستجدي عطف نصح أخوتي ؟؟
هل لي من أمل أن أعود ؟
هنا انتهت القصة
و لكن هل انتهت مأســـاة تلك الفتاة ؟
بل هل انتهت قصة كل فتاة سارت على هذا الطريق المظلم ؟
من يصدق ؟
لقد كانت مثالية ..
خلوقة ..
طاهرة ..
مؤدبة ..
ثم ماذا ؟
إنها قصة تعلمنا و تذكرنا بأمور كثيرة أهمها أنه لا ينبغي أن يغيب عني و عنكِ أختي الحبيبة و هو [ الثقة في النفس ]
لا لتلك الثقة الكاذبة التي يزرعها الشيطان في نفس كل منا لتجتاز خطوات المعصية ..
بل ضعي كل ثقتك في الله ( وَ كَفَى بِاللهِ وَكِيـــلاً )
[color=#FF0000]و ادعيه دائماً أن يثبتكِ على الحق طاهرة .. عفيفة .. و عن كل شر بعيــــدة[/align]
مواقع النشر (المفضلة)