النجر”.. دقاته الإيقاعية رمز لكرم الضيافة
[IMG]

[/IMG]
.الأحد, 17 مايو 2009
جزاع النماصي - رفحاء
“النجر” من أهم الأدوات عند العرب قديما التي كانوا يتنافسون عن طريقه في الجود والكرم، وذلك بطرقه بأنماط مختلفة ومتفاوتة بين القوة والهدوء، تعكس صوتا جميلا بإيقاعات متنوعة، منها التثليثة والتربيعة والتخميسة، وهي إيقاعات كانت تفتعل أثناء استخدامه، واستهوت إنسان الماضي من أهل القرى والبوادي لدلالتها على الكرم، واعتبار تلك الطرقات دليلا على الدعوة والنداء لتناول القهوة العربية.
وقد تأثر كثير من الناس بمكانة تلك الآلة اليدوية الأصيلة، حتى اتخذ بعضهم «نجر» اسماً لأبنائهم، اعترافا منهم بأهميته وافتخارا بوظيفته الدّالّة على الكرم والجود، فهو أداة تحضير القهوة رمز الضيافة العربية الأصيلة، كما تغنى به الشعراء ومجدوه في كثير من أشعارهم.
ارتبط النجر قديما بالبن والهيل، فهو الأداة التي من خلاله يتم طحنها، وله عدة مسميات أخرى تنوعت فيما بين الدول العربية، فقد سمي بـ”الهاون” و“المهباش” و”المدق” وغيرها، ويُصنع غالبا من النحاس الصلب، ويكون على شكل مخروطي له قاعدة سميكة وله أداة طرق تكون صلبة ومفلطحة الشكل تستخدم لدق القهوة والهيل التي بداخله كي يتم طحنها وتسمى بـ”يد النجر”، وله عدة أنواع وأحجام مختلفة حسب أمزجة صُنّاعها، ومن أفضل أنواعه النجر النحاسي البغدادي وتأتي هذه التسمية نسبة إلى بلد صناعته بغداد. يقول الشيخ فايز بن خشرم العنزي بأن النجر وسماع صوته في الماضي مصدر فخر واعتزاز ودليل على الكرم، فهو وسيلة الدعوة وطلب لاجتماع الأحبة والعابرين لتناول القهوة العربية الأصيلة، مشيرا إلى أن أهل البادية اهتموا بأدق تفاصيل النجر، فأطلقوا الأسماء على صوته كالدنين والجض والضبوح.
وقد أشار العنزي بأنه توارث نجراً يزيد عمره على 250عاما، مصنوعا منذ أيام الدولة العثمانية، ولازالت النقوش عليه بالرسم العثماني تخلد اسم أحد أجداده القدامى، موضحا بأنه لازال يستخدم النجر بإعداد القهوة وطحنها لما يعطيه من مذاق مختلف عن مذاق القهوة المطحونة بالأدوات الحديثة.
فيما قال تركي الشمري أن سماع صوت النجر أثناء دقه بمثابة الدعوة لتناول القهوة العربية، مُشيرا إلى أن دقاته تختلف من شخص لآخر، فهناك الدقة التثليثة وهي ثلاث دقات في كل مرة، مرتان ثقيلة في عمقه ومرة خفيفة في طرفه، وعلى نفس الطريقة تكون الدقة التربيعة والتخميسة.
ومن جانبه ذكر سالم بأن تطور الحياة المدنية جعل من الطاحونة الكهربائية تحل محل النجر الذي بات لا يقوى على الصمود في ظل التمدن والتطور، فاقتصر وجوده لكي يكون من ضمن التحف والتراث الذي يستهوي الناس ليسترجعوا من خلاله عبق الماضي الأصيل وذكرياته الجميلة.
المصدر هنا
مواقع النشر (المفضلة)