



-
عضو متميز جدا
تفسير قول الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : " إلا من أتى الله بقلب سليم"
هو استثناء من الكافرين ، أي لا ينفعه ماله ولا بنوه ، وقيل : هو استثناء من غير الجنس ، أي لكن " من أتى الله بقلب سليم " ينفعه لسلامة قلبه . وخص القلب بالذكر ، لأنه الذي إذا سلم سلمت الجوارح ، ، وإذا فسد فسدت سائر الجوارح . وقد تقدم في أول ( البقرة ) . واختلف في القلب السليم فقيل : من الشك والشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد ، قاله قتادة و ابن زيد وأكثر المفسرين . وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم الصحيح هو قلب المؤمن ، لأن قلب الكافر والمنافق مريض ، قال الله تعالى : " في قلوبهم مرض " [ البقرة : 10 ] وقال أبو عثمان السياري : هو القلب الخالي عن البدعة المطمئن إلى السنة . وقال الحسن : سليم من آفة المال والبنين . وقال الجنيد : السليم في اللغة اللديغ ، فمعناه أنه قلب كاللديغ من خوف الله . وقال الضحاك : السليم الخالص .
قلت : وهذا القول يجمع شتات الأقوال بعمومه وهو حسن ، أي الخالص من الأوصاف الذميمة ، والمتصف بالأوصاف الجميلة ، والله أعلم .
وقد روي عن عروة أنه قال : يا بني لا تكنوا لعانين فإن إبراهيم لم يلعن شيئاً قط قال الله تعالى : " إذ جاء ربه بقلب سليم " وقال محمد بن سرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من القبور . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير " يريد _ والله أعلم _ أنها مثلها في أنها خالية من كل ذنب ، سليمة من كل عيب ، لا خبرة لهم بأمور الدنيا ، كما روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر أهل الجنة البله " وهو حديث صحيح . أي البله عن معاصي الله . قال الأزهري : الأبله هنا هو الذي طبع على الخير وهو غافل عن الشر لا يعرفه وقال القتيبي : البله هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
قوانين المنتدى
مواقع النشر (المفضلة)