تابع لسورة المائدة



2- الآية (95).
قال تعالى: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ} [المائدة:95].
سبب النزول:
رُوي أن أبا اليسر ـ واسمه: عمرو بن مالك الأنصاري ـ كان محرمًا عام الحديبية بعمرة فقتل حمار وحش فنزلت فيه {لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}.

المفردات:
{وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}: أي وأنتم محرمون بحج أو عمرة.
{فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ}: أي فعلى قاتل الصيد جزاء الصيد المقتول مثل ما قتل من النعم.
{ذَوَا عَدْلٍ}: أي رجلان معروفان بالعدالة بين المسلمين.
{هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ}: أي يذبح في الحرم.
{أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً}: أي يقوّم الصيد حيًا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مدٍ يومًا.
{وَبَالَ} سوء العاقبة.
المعنى الإجمالي:
ينهى الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين الحجاج والمعتمرين عن قتل الصيد والتعرض له، والنهي عن قتله يشمل النهي عن مقدمات القتل، وعن المشاركة في القتل، والدلالة عليه، والإعانة على قتله، حتى إن من تمام ذلك أنه نهى المحرم عن أكل ما قتل أو صيد لأجله. وهذا كله تعظيم لهذا النُسك العظيم، أنه يحرم على المحرم قتل وصيد ما كان حلالاً له قبل الإحرام.
ثم يخبر سبحانه بأن من قتل الصيد متعمدًا فهو مخيّر بين ثلاث:
أولاً: إخراج المثل من النعم، يحكم به عدلان من المسلمين يعرفان الحكم ووجه الشبه، يرسل به إلى الحرم يذبح هناك.
ثانيًا: يقوّم الجزاء فيشتري بقيمته طعامًا، فيطعم كل مسكين مُدّ بُرٍ أو نصف صاع من غيره.
ثالثًا: يصوم بدل كل نصف صاع يومًا. وذلك جزاءً له لمخالفته.
ثم يخبر تعالى بأنه قد عفا عما بدر من تقصير قبل ظهور الحكم وبيانه لكنه توعد من عاد في الصيد مرة أخرى بعد تبين حكمه بالانتقام والعذاب الشديد، والكفارة للمرة الثانية غير مجدية .
نصوص ذات صلة:
1. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور)).
2. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: لو رأيت الضباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بين لابتيها حرام)).
3. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن إبراهيم حرّم مكة، وإني حرّمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها)).
4. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً)).
الفوائـد:
1. حرمة قتل الصيد للمحرم بحج أو بعمرة.
2. الخيار في الكفارات الثلاث.
3. الدم والإطعام لا بد أن يكون بمكة، والصيام في أي مكان.
4. جواز قتل الحيوان غير المأكول.
5. الإحرام ينحل بالصيد إذا كان الصائد المحرم ذاكرًا عامدًا.
6. الكفارة تجب على المتعمد بخلاف الناسي.
7. أن من عاد في الصيد فلا كفارة عليه، وسينتقم الله تعالى منه.
8. أن الصيام يكون بعدد المساكين المقدّر إطعامهم، فيصوم عن كل مدٍ يومًا.