[align=center][align=center]رذاذ الغروب[/align]
لم يكن بوسعِ القلمِ أن يرى مِمْحاة ويبقى هادئاً ..
ولم يكن بوسع الحرفِ أن يرى قلماً ويبقى صامتاً ..
ولم يكن بوسعي أن أرى الغروب وأبقى لاهياً ..
في جنةٍ من جنانِ الهدفِ الصاعقِ ، وتحت أقبيةٍ من النوع الثقيل ، وبين أوتاد الأسى المتناهي ، رأيت أبشع صورة تعانق أروع صورة رأتها عيني ..
من أجل البقاء رميت بالرمح بعيدا ، ومن أجل البقاء سمعت أهازيجَ الحداةِ الخونة ، ومن أجل البقاء ركضتُ خلفَ المستحيل أستجدي عطفَه !
إني وإن كنت قابعة في مخدعي لأرى ما لا يراه كثيرٌ من الراكضين في سراب الطرقات !! أسمع ما لا يسمعون ، وألحظ ما لا يلحظون ، وكما قيل فإن { العمى في القلب }
رُبَّ ليلٍ لم يرَ البائسُ منه غيرَ نجمَهْ
وأنا أرقبُ فيه همةً تَسْنُدُ همَّهْ
إنه ليلُ الأماني قد غدا في الثغرِ بسمَهْ
هناك .. وأرى في ( هناك ) امتداد البشر في قِبلةِ السرمدية البائدة ، أرى انحلالَ الوجهِ في إيحاءِ شاعرٍ ملحد ، أرى البديهة حاضرة في قلب مناظر
( لا تلوموني ولوموا دهركم *** إنها الأيام ما زالت تُبيد )
هناك .. وأرى في ( هناك ) إرجافَ الخائنِ ، وإصرارَ الأمين ، أرى البيارقَ تخفقُ فوقَ رقابِ خيلِ ( اللات ) ، بيد أن الأمين يحاول - عبثاً - إيقافها
( اسألوني عن تباريح السنين *** فلقلبي زمن أوهى الحنين )
هناك .. وأرى في ( هناك ) أَقْدَامَ الشِّدةِ تدوسُ فوق رقابِ الرَّخاء ، تحاولُ قتلَ أملٍ في نفوسِ أبناءِ الغروبِ ، فلم يعد أحدٌ يستجدي سوى أبواقِ الجناةِ !
هناك .. وهناك فقط ؛ عرفت أن العيش لن يكون إلا في { رذاذ الغروب }
وأخيراً :
بلا أسى أصنع المستحيل[/align]
مواقع النشر (المفضلة)