صباح يوم السبت الكئيب دخلت المدرسة فقابلتني المساعدة دانة وقد احمر وجهها من الغضب
-ما بك يا أستاذة دانة؟
فأشارت أنها لا تستطيع الكلام لشدة الغضب ومشت مسرعة:
تبادر إلى ذهني أنها شاهدت ما يسيئها من إحدى الطالبات أو المعلمات ولم أفكر بغير ذلك .
دخلت إلى غرفة الإدارة فوجد المشرفات الإداريات وبصحبتهن مشرفات من وحدة المتابعة .فعلمت أن الخطب جلل
والمتابعة في التعليم تقابل وحدة ال (fpi) في الأفلام الأمريكية .
رحبت بهن وقدمت لهن القهوة ودار النقاش الذي تحول إلى تراشق بالألفاظ.
هؤلاء نساء
بلا عقول
وبلا قلوب
وبلا أحساس
ليس لديهن من حدود المعرفة في هذه الدنيا سوى كلمة (التعميم )
فهن يدرن في فلك التعاميم ويطفن حولها ولا يعرفن من تجارب الحياة سوى ما بلغهن من تعاميم ومن تعميم إلى تعميم يا قلب لا تحزن
قلن لي : أما بلغك يا أستاذة غالية ... التعميم بعدم جمع التبرعات!!.
كيف تجمعين التبرعات من المعلمات وأنتي القدوة ...ألا تعلمين أن التبرعات هي الممول الأول للإرهاب!!
قلت لهن : أليس الإرهاب والجنون أن ارمي أرملة وأطفالها الأيتام بالشارع؟
-هذا ليس عملك يمكنها أن تذهب للجميعات الخيرية أو أن تبحث عن أهل الخير بنفسها ويسوؤنا أن توقعي على لفت النظر . حسب ما ورد في التعميم؟
كان الغضب قد بلغ مبلغه في قلبي وفي عروقي ولكني لم أشأ أن أصعد الأمر معهن وقلت في نفسي هي أوراق سأوقعها ولن أتوقف عن مساعدة نهلتنا حتى لو بلغ الأمر أن أفقد وظيفتي لن أتخلى عن أرملة وأبنائها وساورتني رغبة في التحدي والتمرد لا يباريها شيء .
فأظهرت لهن أنني موافقة على كلامهن وقررت أن أسايرهن وأدعي التخلي عن جمع التبرعات وما أن خرجن
حتى بقيت أحداهن وأسمها المشرفة سبيكة – ولها من أسمها النصيب الأكبر- وابتسمت لي قائلة :
كم أنتي رائعة يا أستاذة غالية ولو كنت مكانك لضربت عرض الحائط بالتعاميم وأهلها ولما تخليت عن الخالة المسكينة وفقك الله وسأتصل بك في الغد
ابتسمت لها وأنا ابتلع غيضي وقهري مما يحدث بلعاً
فأدخلت يدها في حقيبتها وقالت ضاحكة : لقد حرصت على الحضور في لجنة التحقيق ولفت النظر لأدفع لك
تبرعي في أجار بيت الخالة الأرملة .
ومدت يدها بظرف أبيض كبياض قلبها
ولم أعجب لذلك ف(أستاذة سبيكة ) تحمل سراً في المجتمع التعليمي لقب(مؤمن آل فرعون)
وما أن خرجت ..........
حتى تراكضت المعلمات إلى غرفتي . غاضبات : لن نوقف التبرعات يا أستاذة غالية
-لا تهتمي
-لقد أتصلنا بأقاربنا في كل مكان وقد سخرت جمع الزكاة والصدقة لهذه الأرملة وأيتامها
قالت المساعدة دانة:
اسمعي لقد تبرع ابن عمي المليونير بأسهم في أحدى الشركات واشترط أن لا تباع وإنما يؤخذ ريعها لهؤلاء الأيتام ..
-ابتسمت لهن وتناولنا القهوة والتمر وقد تواصينا على التمرد والعصيان على وزارة التعميم هذه
-مر اليوم في مدرستي بحلوة ومرة
-ولكن في داخلي خيبة أمل قاهرة فمن التي وشت بجمع التبرعات لدى الإدارة لقد صدمت أن من بين معلمات المدرسة من تحفر لنا في الخفاء وتريد الإساءة للمدرسة حتى لو أضرت بعملنا النبيل
من الذي يدوس الأيتام والفقراء..
لا توفروا لهم بيتاً ....
ولا تجمعوا لهم تبرعاتاً................ولا تشغلوا أنفسكم بهم.
النظام
النظام
هذه الوحدات التعليمية التي تعشق النظام وتتنفس التعاميم .. ولا تهتم بالأيتام بقدر اهتمامها بحفل تكريم المتفوقات!!
أو فعاليات اسبوع الشجرة
أو معرض الهم والسخافات!!
إن هؤلاء (الناس) لا يعرفون قيمة ... الناس..........
مواقع النشر (المفضلة)