كيف يقضي الشيخ يومه ؟

أسهر إلى الواحدة تقريباً في قراءة كتاب أو مذاكرة أو حديث ، وأنام إلى الضحى ، وقد أعنني على ذلك انفصالي عن العمل الوظيفي ، كما أحضر دروسي وبرامجي من الكتب ومن الانترنت ومن الصحف ، أقرأ الصحف يومياً قبل الظهر ، وأرد على رسائل الجوال ورسائل الإيميل الضرورية والاتصالات الهاتفية المهمة ، وأحرص على التواصل مع الآخرين من خلال اللقاء في المسجد سواء في الصلوات الخمس أو غيرها ، ومن خلال ترتيب جلسات في نهاية الأسبوع وفي المناسبا كرمضان في "مكة" والحج في " منى" وقد استفدت من علاقتي مع الناس كثيراً في اقتباس الأساليب والأنماط الحسنة ومحاكاتها، ومجانية الطرائق الرديئة .


هناك مواقف مر بها شيخنا الفاضل ، فما الموقف المؤثر الذي بقي عالقاً في ذاكرتك ؟

موقف محزن هو وفاة الوالد – رحمه الله- وكان مفاجئة ، وقد رأيت قبل موته بساعات أنني أمشي على عكازين .

خمس سنوات من العمر خلف قضبان السجن كيف قضيتها وماهي الفوائد التي جنيتها من هذه المرحلة بالذات ؟

السجن ابتلاء لا يتمناه الإنسان ، ومع الابتلاء يأتي التخفيف ، كانت من أميز وأثرى أيام حياتي ، قرأت فيها مئات الآلاف من الصفحات ، وكررت مدونات ضخمة ككتاب المغني في فقه الحنابلة ، وفتاوي ابن تيمية ، والكتب الستة ، وصحيح ابن حبان ، والعقد الفريد وكتاب الأغاني وغيرها ،وكتبت بطريقتي الخاصة ، الكثير من التعليقات العلمية على صحيح البخاري وصحيح مسلم وتفسير ابن كثير وفتح الباري ، وحاولت تعلم اللغة الإنجليزية وكنت اقرأ 16 ساعة يومياً وأكثر ، وكانت فرصة للتفكير الهادئ والتأمل العميق والغوص في الذات وفي المجتمع تفكيكاً وتحليلاً وبحثاً عن البدائل .

ابنك عبد الرحمن توفي وأنت داخل السجن ؟كيف تلقيت هذا الخبر ؟

خبر محزن ، تلقيته بدمعة لم تطفر من عيني ..ولكن من فمي ..كانت قصيدة ..

الشيء الوحيد الذي يجهله الكثيرون أنك شاعر ، ما الذي جعل الشيخ يخفي هذه الموهبة ؟

لست شاعراً ولكني متذوق ، وشعري متوسط بين شعر الضعفاء ، وشعر الفحول المبدعين ، أرضى عن قليله ، ولا استحسن كثيره ولدي ديوان أعده بعض الشباب لكني متردد في طباعته .

بما أن الحديث عن الشعر فما هي علاقة الشيخ بالشعر العامي ؟ وهل هناك أسماء معينة يقرأ لها ؟

أحفظ بعض قصائد شعراء "نجد" كابن لعبون والقاضي والعوني وقرأت دراسات عديدة كدراسة أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري ، ومدونات القصائد النبطية ، لكنني لست متابعاً جيداً.

كيف أستطاع الشيخ أن يوازن بين عمله في الدعوة وبين كتاباته الصحفية وبرامجه التلفزيونية ومواقع الانترنت ؟

لدي مكتب ومؤسسة تنظم هذه الأعمال وتتابعني وتهيئ لي المراجع والدراسات التي أحضر منها ، وتطبع وتصحح وتتواصل مع الأطراف الإعلامية ، وأظن أن انعتاقي من العمل الوظيفي وفر لي وقتاً ثميناً لا يقل عن ثمان ساعات يومياً ، ووفر هدوءاً ذهنياً يساعد عللا الإنجاز .

للوعظ والدعوة حكايات ومواقف فيا ليت تحدثنا عن بعض مواقف من تواجهت معهم حتى تبقى دروساً وعبراً يستنير منها القارئ؟

الكلمة تبلغ حيث لا يظن صاحبها ، هكذا وجدت بالتجربة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وأحيناً يقول لي شاب أنه استفاد أو تأثر بدرس أو محاضرة أو برنامج فأتشكك وأتساءل هل حقاً هو مؤثر ؟ ثم أرجع إلى نفسي وأقول علينا ألا نزدري ما نقوم به ، وألا نقيمه بمعاييرنا ، فقد يوجد من يحتاجه أو يستفيد منه أو يراه حسناً ، ومن الناس من يفسد على الآخرين ، فعندما تأتيني رسالة استنجاد أتفاعل معها بكل جدية كعادتي وفي النهاية أحد أن الأمر لا يستحق كل هذا التفاعل فإما أن يكون ذلك رؤية أو خلاف بين جلاس في مسألة هامشية أو سؤال فضولي ، وهذا مايقلل من تفاعل الإنسان مع مثل هذه النداءات مع أن الواقع جدير بالاهتمام والمتابعة .


الحياة كلمة فهل من كلمة نختم بها حوارنا معك ؟

الحياة كلمة فعلاً ، والكلمة حياة ، وكلمتي هي الدعوة للصفاء والوضوح والمحاسنة في القول ، وبرمجة اللسان على الطيب من القول للقريب والبعيد ( وقولوا للناس حسناً ) "البقرة:من الآية 83 " (وهدوا إلى الطيب من القول ) "الحج: من الآية 24" .

رثيت ابنك بقصيدة فأتمنى أن تهديها لقراء مجلة " المختلف " ؟

حباً وكرامة ، وهذه باستثناء أبيات سقطت منها :

وداعاً حــــــبيبي لا لقاء إلى الحشر وإن كان في قلبي عليك لظى الجمرِ

صـــــبرت لأني لم أجد لي مخلصاً إليك وما من حيلة لي سوى الصبر

تراءاك عـيــــني في السرير موسداً علـى وجهك المكدود أوسمة الطهر

براءة عينــــــيك استثارت مشاعري وفاضـت بأنهار من الدمع في شعري

وكــــــــــفّاك حيناً تعبـــــثان بلحيتي وحيناً على كتفي وحيناً على صدري

أرى فمـــــك الحلو المعطر في فمي كمـا اعتدت هذا الحب من أول البرِ

تحــاصـــــرني ذكراك ياساكن القبرِ وتجتاح أعماقي وإن كنت في الإصرِ

أراك جـــميلاً رافلاً في حـــــــريرةٍ بمـــــــعشبة فيحاء طـــــيبة الــنشرِ

وتفرحـــني أطيافك الخضر إن بدت مضمخة ، شكراً لأ طيافك الخضرِ

وألــــــعابك اشتاقت إليـــك وهالها غـــيابك عنها مـيت وهي لا تدري

يتـــامى يكســــــرن القلوب هوامد ولما يـــــصل أسماعها فاجع السرِ

حبيبـــي في شــــعبان ألفيت زائراً طــــــروباً إلى لقياي مبتسم الثغرِ

قـــــعدت بحجري والسرور يلفني وشنفت سمعـي تالياً سورة العصر

أراك تعـــــــــــزيني بها وتلومني على جزع تخشاه من حادث الدهر

تمنيـــــــت لو تغني الأماني نظرة إلى جـــــــسد ذاوٍ يغر غِر بالبهر

تمــــــــنيت حتى وقـفة عند نعشه تَرُدُ إلى نفسي الذي ضاع من صبري

تمنـــــــيت ما نالت ألوف توجهت إلى ربــها صلت عليك مع العصر

تمـــــــنيت كفاً من ترابِ أســـــنها عــلى قبرك الميمون طيب من قبرِ

أبا طـــــــارق جل المصاب بفقدكم ثمانيةُ زهر كما الأنجــــــــم الزهر

كأنكم اختـــــــــــرتم زمان رحيلكم بُعيد صـلاة الليل والصوم والذكر

غسلتم بصافي الدمع صافي قلوبكم فشعشع فيها النور كالكوكب الدريِ