الحلقة الرابعة:

يسافر (حارث) للمدينة (رفحاء) رغم أنها مدينة ناشئة وصغيرة لم تتجاوز الشارع الذي يمر بمبنى المحافظة ويرى شوارعها وقصورها وأسواقها ومطاعمها وخاصة مطعم العراقيين المجاور لسوق الأغنام آنذاك وكان في المكان الموجود عليه سوق الخضار القديم

هذا المطعم الذي كان معلما بارزا وملتقى يلتقي فيه البادية الذين يفدون للمحافظة لأجل قضاء مصالحهم أو بيع جلبهم حيث يقدم الكباب والتشريب مع الشاي العراقي المركز فترة الصباح

وكان (حارث) يحلم أن يسكن في مدينة تريحه من المعاناة التي يجدها في بيت الشعر ويبني لذلك أمالا
ثم إن الأمل في الاستقرار بدأ يبرق ل(حارث) وأسرته وهم يسمعون عن رغبة الدولة في توطينهم من خلال قروض البنك العقاري والتي تصرف لهم ليبنوا مساكن في مخطط مرتب وواضح المعالم تحت إشراف ومتابعة البلدية

وكان نصيب أسرة (حارث) قصرا كما يحلو لهم تسميته لا تتجاوز مساحته مائة وستين مترا مربعا يقع شرقي القرية وبمسافة تقرب من ثمان مائة مترا عن مسجد القرية الوحيد كما يبعد المسافة نفسها عن المدرسة الابتدائية الوحيدة والتي يدرس فيها (حارث )

لم يكن ثمت كهرباء ولا ماء في القرية الجديدة فضلا عن أن يوجد بها هاتف أو تلفاز لكن رغم كل ذلك فالحال اليوم أفضل منها بالأمس لو لم يكن إلا أنهم سلموا من السموم ومعاناة بيت الشعر فترة الشتاء والأمطار

كان (حارث) إذا اشتد السموم يبلل خرقة ثم يفتح نافذة الغرفة الحديدية ويعلق تلك الخرقة المبللة بالماء على النافذة ليتحول السموم إلى هواء بارد بمروره على تلك الخرقة لكن تحتاج إلى أن يتعاهدها بالرش بالماء بين الفترة والأخرى
وفي الليل في فصل الصيف يحلو السمر والنوم في الحوش حيث الهدوء والظلام
لولا البعوض الذي يعكر صفو تلك اللحظات
>>>>> تابعونا في الحلقة القادمة