بعد أن سرت إلى المصلى صرت في الطريق أوزع الابتسامات وأهدي السلامات
لا لله بل لأتعلم من الناس كيف لبسوا..!؟
وكلما رأيت شخصا لبس عقاله بإتقان دعوت الله أن يسقط عقاله...
وصلت المصلى وجلست على أمل أن يجلس بجواري
رجل معتقل (لابس عقال) فأنال من علمه الوافر
لكن من سوء حظي أن الذي يميني جاء أحد المؤذنين لا يرتدي عقالا
ومن شمالي رجل من مصر لم يلبس حتى الشماغ
ولكن ولله الحمد شخص بجوار المصري معتقل..
أخذت أنظر إلى عقاله كيف لبسه..!!؟ وكيف أتفنه ..!!؟
حتى شك الرجل في لبسه.. ثم وزعت عيوني يمينا وشمالا..
وكل دقيقة أعود وأختلس النظر لصاحبي من طرف خفي..
أتتني رغبة قوية في أن أصعد المنبر
وأقول : ياأيها الناس اتقوا الله وارموا العقال
فإنه ليس في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم
ياأيها الناس إن العقال قاتل فتاك وهو الموت البطيء
وهو الطريق إلى المخدرات فهل تعرفون متعاطي لايلبس عقالا..؟
إنه يثقل راسك ويحد من حركتك
وله أضرارا صحية ومخاطر على طبقة الأوزون
ياأيها الناس ارموا عقلكم "جمع عقال" ومن يحضر لي عقالا فله قناة المجد ونكوي شماغه مرزام
وأستقبل العقل وأقطعها على المنبر ثم أختم الخطبة
باللهم عليك بمن لبس عقالا ومن صنعه اللهم أسقط عقلهم ودمرها
يارب العالمين.
تكبير الإمام قطع كل تفكيري صلينا وانتهينا وبدأت الخطبة
أنا عيوني تدور يمينا وشمالا لم أعلم شيئا عما قاله الخطيب
ولم أستمع له للأسف مشغول والمشغول لايشغل ،
كل الناس لبسوا "عقلهم" من غير مشاكل
على اختلاف وضع العقال فمنهم من قدمه
ومنهم من أخره ومنهم من أماله
شعرت أن المسألة جدا سهلة فقط ضع عقالك على رأسك..
ازدادت همتي وما إن انتهى الخطيب
حتى انطلقت للبيت لأطبق الدرس.
"وجه آخر"
أحيانا تحمدالله أن الجمادات لاتتحدث ولاتحدث شيئا
مرآتي لو كانت تتكلم ربما بصقت في وجهي
وقالت : (تراك أشغلتنا) وربما نبذتني في العراء وأنا سقيم
لكن الحمدلله أنها جماد..
هاأنا ذا أقف أمام المرآة وبيدي عقالي أحاول فيه
عل الله أن يهديه ويستجيب لي
لا أخفيكم أني حاولت كثيرا لكن للأسف كان الفشل هو ربحي
تذكرت قصة تلك النملة التي تصعد على الصخرة وتسقط
وتصعد مرة أخرى وتسقط وتغير الطريق وتحاول وتثابر حتى تنجح..
فقررت أن أغير الطاقية .. لا أعلم مادخلها لكن هذا الحل
هو الذي خطر في بالي وربما أني أستنبطته من قصة النملة..
غيرت المجني عليها وأعدت تكتيك الغترة
ثم قلت بسم الله واسترجعت في ذاكرتي كل شخص رأيته في المصلى
فنزلت العقال رويدا رويدا على رأسي وأنا أردد يارب يارب
وفعلا التصق العقال بشكل مناسب أعجبني جدا..
حتى أن أرسلت قبلة وغمزة لصورتي التي في المرآة وأظن أن المرآة سجدت شكرا لله...
سعادتي لاتوصف في هذه اللحظة ابتسامتي ملء وجهي
إلا أني أشعر أني أصبحت ثقيلا وأصبحت كأني سمكة
لا أستطيع أن ألتفت إلا بكل جسمي خشية أن يسقط عقالي
خرجت مباشرة متجها إلى الناس ليروني بشكلي الجديد..
هل تعرفون الشعور الذي يأتيك عندما تكون في
الحصة الرابعة وساعتها نسيت الواجب
لدى مدرس لايرحم نفس هذا الشعور ينتابني كلما رأيت شخصا...
نحن هكذا لنقص ثقتنا بأنفسنا نخشى من هو أقل معرفة منّا أو لايتجاوز عقليتنا..
أنا الآن أتحدث وعقالي على أحسن حال وأسخر من نفسي
عندما أتذكر تلك اللحظات لكن لايزال هناك صعوبات..
إلا أني اتخذت عقال وصلحت الأحوال وانتهى المقال ..
عقالكم مبارك.
مواقع النشر (المفضلة)