( لا تأمن الخبل يأتيك بداهية)
هذا مثل شعبيي ومعروف لدى كثير من الناس و (داهية) هذي اسم لعجوز متوحشة وشرسة ... وجبتها ( لحوم البشر ) والناس تعرفها وتتجنبها ... تقطن إحدى الجبال ولا يمكن الاقتراب من منطقتها أو حدودها... وأي شخص يقترب من الجبل أو يؤذيها فستكون له فتاكله .
يروى في احد الأزمنة قبل الإسلام أن هنالك قوم يتزعمهم شيخ ... يسكنون في إحدى أراضي شبه الجزيرة العربية ... وكان لدى الشيخ حاشيه خاصة ... ومن بين حاشيته رجل منافق ... فكان هذا الرجل من المقربين للشيخ لأنه يسعده ويؤنسه ومن ورعاته الخاصين من بين هؤلاء الرعاة ... راعي لقبه (الخبل) وهو اسم على مسمى يعني ( فيه خلل بعقليته ) لذلك لقب بهذا الاسم.
صعبت علاهم ضروف الحياة وجفت أرضهم من الماء والعشب ... فكان لابد الرحيل من ديارهم والذهاب إلى ديار يجدون فيها الحيا لهم ولقطعانهم من الماشية ... ذهبوا ففتشوا عن الأرض الأنسب والأفضل فلم يجدوا سواء ارض جميله ... خالية من السكان إنها ارض ( (داهية) ) تلك العجوز المتوحشة ... فكان معهم رجل كبير في السن وحكيم ولديه دراية بالمناطق ... حيث يعرف جميع الديار... عندما وضعوا رحالهم وهموا بالإستطيان في تلك الأرض ؟
جمعهم هذا الرجل الحكيم وأخبرهم بأنهم في أرض ( (داهية) ) ونصحهم بعدم الذهاب أو مجرد الاقتراب إلى جبل ( (داهية) ) وأيضا عدم إيذائها, ... ولسوء الحظ لم يكن (الخبل) معهم فقد كان يرعى الغنم ولم يخبره احد عنها.
وبعد مرور عدة أشهر على بقائهم في هذه الأرض ... كان اغلب وقت (الخبل) مع الماشية فهو راعي غنم ونادراَ ما يأتي ديارهم ... فهو بلا أب ولا أم ... وليس له مصالح في ديارهم سوا القدوم والسلام على الشيخ في كل شهر مره ... وإخباره عن أحوال الماشية فهو راعي لماشية (الشيخ) ولمواشي القوم أيضاً.
في ذات يوم مر الراعي(الخبل) إلى ديارهم لكي يخبر الشيخ عن أحوال الماشية ... ولسوء حظه لم يجد الشيخ ... فقد كان خارج الديار مع الرجل الحكيم ... ووجد القوم متواجدين في بيت الشيخ ومن ضمنهم الرجل ( المنافق ) فوجد أنهم مجتمعون على ذبيحة ... فسألهم من أين لكم هذا؟ وكان يعرف أن حالة الفقر والجوع في وقتهم شديدة ... فمن أين يأتون بطعام كهذا؟
فأجابه المنافق قال أتريد مثل هذا الطعام قال(الخبل) نعم بكل تأكيد ... قال له المنافق : إذا صعدت قمة هذا الجبل وأشار إلى جبل ( (داهية) ) وأصبحت في قمته حيث تلوح لنا ثم تعود أدراجك نحونا ... فإذا فعلت هذا سنذبح لك ذبيحة كهذه.
ففرح (الخبل) وهم مسرعا يريد أن يصعد الجبل واتجه نحو الجبل والقوم يرونه وهم يضحكون عليه ... حيث إنهم يتوقعون له النهاية عند اقترابه من ( (داهية) ) صعد هذا (الخبل) الجبل والقوم يرونه وهو يقترب من حتفه وهم يضحكون علاه ولا يبالون لأنه (الخبل) ... وعلى ما هم عليه من هذا الحال ينظرون ويضحكون اختفى ( الخبل) عن أنظارهم فلم يستطيعوا رؤيته لأن الخبل في هذه اللحظة داخل كهف ( (داهية) ) وفي صراع من أجل البقاء معها .
فوجئ القوم بقدوم الشيخ وعندما وصل إليهم رائهم يضحكون وينظرون إلى الجبل ! سألهم الشيخ ما بالكم؟ فأجابوه: انظر إلى (الخبل) انه يحاول صعود الجبل. سألهم الشيخ ما الذي دعاه إلى صعود الجبل؟؟ , فأجابه ( المنافق ) قال أنا أيها الشيخ فقال له الشيخ : إلا تعلم بأن داهية في هذا الجبل..! وأنك أرسلت هذا الخبل إلى حتفه,
فأجابه المنافق: قال يا الشيخ إننا لا نعلم هل داهية مازالت على قيد الحياة أم ماتت منذ زمن بعيد ؟ فإذا عاد الخبل سالما ولم تعترضه داهية فمعنى هذا بأنها قد ماتت ... وبإمكاننا الاقتراب من أسفل الجبل ... حيث تكثر المراعي والأعشاب النادرة بسبب عدم اقتراب الرعاة خوفا من تلك العجوز المتوحشة ( آكلة لحوم البشر). وإن لم يعد فهو (الخبل) لا فائدة منه ولا أهل له .
سكت الشيخ وأخذ ينظر إلى الجبل فلم يضحك كحال قومه إنما ينظر باستعطاف كله أمل أن يعود (الخبل)
وعلى ما هم عليه من الضحك والنظر إلى الجبل, عم عليهم صمت رهيب وذهول كبير! حيث رأوا رجل شديد بياض الثياب على عكس راعيهم الذي كانت ثيابه متسخة ومتمزقة ... يصعد أعلى قمة الجبل ثم يلوح بيديه تجاه القوم .
وأخذ هذا الرجل با النزول من الجبل وحتى اقترب من القوم وهو يتجه نحوهم إلى أن وصل إليهم ... يا ترى من هذا الرجل؟ انه (الخبل) نعم انه الخبل ومعه سيف ودرع بالإضافة إلى بعض الحلي من الذهب و المجوهرات ... عندما وصل سلم على الشيخ وأعطاه ما في حوزته من السلاح والذهب والمجوهرات.
سأله الشيخ كيف أتيت بهذه؟ ثم أخبرنا ماذا جرا لك عندما اختفيت من الجبل؟
قال (الخبل) عندما توسطت الجبل وجدت كهف مهجورا فدفعني الفضول إلى الدخول إليه ... فعندما اقتربت من مدخل الكهف خرجت لي عجوز مرعبه وهي تتهددني بالقتل وان تلتهمني ... فعندما همت بالهجوم علي ... أخذت صخرة فحذفتها بها فأصابتها الصخرة في رأسها أسفل أذنيها فذبحتها !
قال الشيخ : أقتلتها؟؟ قال (الخبل) نعم قتلها ثم دخلت الكهف ووجدت فيه أنواع الكنوز من ذهب وفضة وسلاح
فعندما سمع ( المنافق ) بقول الخبل هم مسرعا نحو الجبل لكي يستحوذ على ما يريد من ذهب ومال وفضة ... والقوم من خلف هذا المنافق كلهم يجرون تجاه الكهف لكي يغتنموا من الغنائم.
فعندما اقترب ( المنافق ) من الكهف وجد العجوز في وجهه - وجها لوجه ... فأراد الرجوع من حيث أتى ولكن لا مناص من الهروب فقد هجمت عليه وقتلته والتهمته والقوم ينظرون بذهول.
رجع باقي القوم مسرعين تجاه الشيخ والخوف يدب في قلوبهم دباً... عندما وصولوا إلى الشيخ اخبروه بان الرجل المنافق قد قتل وذبحته ( (داهية) ) وكان هذا الرجل المنافق كما أسلفنا من المقربين لدى الشيخ بل كان من اعز أصحابه نظر الشيخ إلى ( الخبل) نظرة غضب ... وقال كيف تكذب؟ يا (الخبل)
قال: أنا لم أكذب بل قتلتها ... وإذا كنت تريد مني أن أتيي بتلك العجوز فأنا مستعد!
أعطني جواداً لكي أتيك بها ... فأعطاه الشيخ جواد ليتبين حقيقة أمره وهل هو صادق فيما يقول.
أمتطى الخبل صهوة الجواد وذهب نحو الجبل... والجميع ينظرون له نظرة ذهول
فقال الرجل الحكيم : يا شيخنا ( لا تأمن الخبل يأتيك بداهية) .
عندما وصل الخبل مشارف الكهف فوجئ بوجد داهية وأنها على قيد الحياة... ففزعت داهية عندما رأت هذا الخبل الذي سبب لها رعب فقد كاد أن يقتلها ! فقالت له : دعني وشأني وخذ ما تريد من جواهر وحلي؟
تجرئ الخبل من جوابها الذي أحس فيه أنها خائفة منه وقال لها : أن الشيخ طلب مني أن أتي بكي لتبين حقيقة أمرك ستذهبين معي وإلا قتلتك فزعت ( (داهية) ) من جواب الخبل وقالت سوف أذهب معك بشرط أن لا تؤذيني.
قال لكي هذا (وهو خبل لا يأتمن له )
ركبت معه الجواد وذهبوا تجاه القوم, فعند وصولهم إلى القوم دب الفزع والرعب في قلوب الجميع ... فتعالت صرخات الأطفال وعويل النساء وأستنفار الرجال من شكلها القبيح .
فقال الحكيم للشيخ : الم اقل لك ( لا تأمن الخبل يأتيك بداهية )
0
0
0
والداهية في وقتنا الحالي تعني المصيبة أو الكارثة يالبعيد عنّا وعنكم .
منقوووووووول
مواقع النشر (المفضلة)