الله يجزاك خيرا أستاذي همام، لي الشرف بمتابعتك لما أكتب..

كتب الفتاوى:
قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/293-294)"ومن الجود بالعلم : أن السائل إذا سألك عن مسألة : استقصيت له جوابها جوابا شافيا لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا نعم أو لا مقتصرا عليها
ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في ذلك أمرا عجيبا : كان إذا سئل عن مسألة حكمية ذكر في جوابها مذاهب الأئمة الأربعة إذا قدر ومأخذ الخلاف وترجيح القول الراجح وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته فيكون فرحه بتلك المتعلقات واللوازم : أعظم من فرحه بمسألته وهذه فتاويه رحمه الله بين الناس فمن أحب الوقوف عليها رأى ذلك"
وفي كتاب العلم للشيخ ابن عثيمين (ص232) سؤال: هل يجوز للإنسان في مسائل الخلاف أن يفتي لشخص بأحد القولين ولشخص آخر بالقول الثاني؟
فأجاب:"فإن كان في المسألة نص، كان الناس فيها سواء، ولا يفرق فيها بين شخص وآخر، وأما المسائل الاجتهادية فإنها مبنية على الاجتهاد، وإن كان الاجتهاد فيها في الحكم كذلك في محله،... فإذا كانت حال المستفتي أو المحكوم عليه تقتضي أن يعامل معاملة خاصة عومل بمقتضاه ما لم يخالف النص.
وكذلك إذا كان الأمر قد وقع وكان في إفتائه بأحد القولين مشقة وأفتى بالقول الثاني فلا حرج مثل أن يطوف في الحج أو العمرة بغير وضوء ويشق عليه إعادة الطواف لكونه نزح عن مكة أو لغير ذلك فيفتي بصحة الطواف بناء على القول بعدم اشتراط الوضوء فيه. وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- يفعل ذلك أحيانًا ويقول لي: هناك فرق بين من فعل ومن سيفعل وبين ما وقع وما لم يقع... وهذا الذي ذكرناه لا يكون مطردًا في كل صورة"
وقد ذكرت هنا عدد من كتب الفتاوى التي قرأتها، وتنوع القراءة في كتب الفتاوى يفيد طالب العلم وغيره، ومن فوائده:
- وجود عدد من النوازل التي لا توجد في كتب الفقه، وقد أجاب عليها أحد العلماء في فتاويه..بل قد يحصل لك أمر وتريد مفتي لتسأله، فتجد نفس السؤال في بعض كتب الفتاوى.
- معرفة الحالة الاجتماعية والعلمية التي كانت يعيش فيها هذا العالِم والمفتي، ففي فتاوى محمد رشيد رضا فتاوى كثيرة عن الصوفية وطرقهم وأسئلة كثيرة من أتباع المذهب الشافعي عن إعادة صلاة الظهر بعد الجمعة مما يبين أن في عصره كان الجهل والتقليد سائد عند طوائف كثيرة من المسلمين، وفي فتاوى الفتح الرباني للشوكاني أسئلة عن الطواف بالقبور والتوسل بالصاحين مما يبين الجهد الذي بذله الشيخ الشوكاني -وإن كان يجيز التوسل-، والشيخ محمد عبدالوهاب في الجزيرة في محاربة ذلك، وفي فتاوى ابن عثيمين تجد أسئلة كثيرة من مقلدين للمذهب الحنبلي بل إن بعض المشايخ في عصره غضب على الشيخ لمّا أفتى بأن الكحل لا يفطر الصائم، وفي فتاوى أبو زهرة تعرف حالة المزارعين الكادحين مما جعل الشيخ أبوزهرة يحرم السَلَم في وقته لأن فيه استغلالا لضعف المزارعين، وفي فتاوى القرضاوى تعرف أحوال المسلمين(الأقليات) في الدول الكافرة..وهكذا
- معرفة أساليب العلماء فبعضهم يبسط في الجواب ويذكر الأدلة، وبعضهم لا يفعل ذلك، وبعضهم يأخذ بالأحوط أو الخروج من الخلاف، وبعضهم بالأيسر، وبعضهم يراعي حال المستفتي، وبعضهم يفتي بالراجح عنده ولا يلتفت لحال المستفتي..
- معرفة تطورات المفتين العلمية والفكرية، فبينا تجد له فتوى في أول عمره فيها تشديد أو قسوة في الأسلوب تجد له فتوى في نفس الموضوع وهي من أواخر فتاويه فيها من اللين في الأسلوب والتيسير..
- معرفة حال المفتين من التنقل بين التقليد والاجتهاد فبعض المفتين فتاواه الأولى كانت على المذهب الذي تربى ونشأ عليه ثم لما كبر وكثر علمه تغيرت فتواه وخرج من دائرة المذهب إلى أرض الله الواسعة.
- قراءة أكثر من فتوى تجعل للإنسان الحق في أن يختار في مسائل الخلاف القولَ الأيسر إذا كان يبحث عن الحق والله أعلم بالسرائر،هذا إذا لم يكن من طلاب العلم الذين يعرفون الترجيح بين الآراء .. جاء في المسودة لآل تيمية (2/858): (إذا استفتى عالمين فأفتاه أحدهما بالإباحة والآخر بالحظر فله أن يأخذ بقول أيهما شاء، ولا يلزمه الأخذ بالحظر، هذا ظاهر كلام أحمد في رواية الحسين بن بشار لما سأله عن مسألة في الطلاق، فقال : إن فعل كذا حنث، قال: فقلت إن أفتاني إنسان أن لا حنث؟ قال : تعرف حلقة المدنيين؟ قلت: فإن أفتوني حل؟ قال: نعم).
وجاء في شرح مختصر الروضة للطوفي(3/670):" وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُزَنِيُّ : مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِخِفَّةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ فِيهِ . أَوْ كَمَا قَالَ .
قُلْتُ : وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا"
وقال الشيخ ابن عثيمين في كتاب العلم(ص215):" وإذا اختلف العلماء عليه في الفتيا أو فيما يسمع من مواعظهم ونصائحهم مثلا، فإنه يتبع من يراه إلى الحق أقرب في علمه ودينه، فإن تساوى عنده الرجلان في العلم والدين، فقال بعض العلماء: يتبع الأحوط وهو الأشد، وقيل يتبع الأيسر، وهذا هو الصحيح؛ أنه إذا تعادلت الفتيا عندك، فإنك تتبع الأيسر؛ لأن دين الله -عز وجل- مبني على اليسر والسهولة، لا على الشدة والحرج.
وكما قالت عائشة ـرضي الله عنهاـ: « ما خُير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا »؛ ولأن الأصل البراءة وعدم التأثيم والقول بالأشد يستلزم شغل الذمة والتأثيم."
التعليق السابق يكفي عن التعليق على كل كتاب إلا بعض الشيء:
1- فتاوى ابن عثيمين29مجلداً.
إذا كنت ممن لا يحب كثرة الكتب ففتاوى الشيخ تكفيك، ولكن فيها فتاوى كثيرة مكررة وفيها كتب مستقلة داخل الفتاوى، فإذا قرأت الفتاوى اختصر السؤال، واختصر الجواب مع الدليل، واحذف المكرر، سيخرج لك مجلد نافع تأوي له كل حين.
2- لقاءات الباب المفتوح3 أجزاء، ابن عثيمين
3- ثمرات التدوين من مسائل شيخنا ابن عثيمين، أحمد القاضي
4-مسائل الإمام ابن باز،عبدالله بن مانع
5-كتاب العلم،ابن عثيمين
6-سؤالات ابن القيم لشيخ الاسلام ابن تيمية وسماعه منه، جمع عبدالرحمن الجميزي
7-فتاوى معاصرة 4 أجزاء، القرضاوي
8-فتاوى محمد رشيد رضا 6 أجزاء
9-الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني 12 مجلدا
هذا الكتاب عبارة عن أسئلة يجيب عليها ويتوسع الشيخ فتخرج الفتوى بحثا مستقلاً، وفيه قرابة 214 بحثا في شتى الفنون..
10-فتاوى محمود شلتوت
11-فتاوى محمد أبو زهرة
12-فتاوى مصطفى الزرقا
13-فتاوى علي الطنطاوي
14-فتاوى المعاملات المالية، عجيل النشمي
15-مئة سؤال عن الحج والعمرة، القرضاوي
16-فتاوى الشعراوي
17-فتاوى الألباني، جمع عمرو عبدالمنعم سليم
18-مئة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي