اصلاحات
< لنعد الى سورية مؤقتا: بصفتك قاضياً مارأيك في الاصلاحات التشريعية والقانونية التي يتحدث عنها النظام في سورية للخروج من الازمة الحالية؟
- تصوري ان الاصلاح في سورية غير ممكن، فنحن في حالة ثورة وتغيير جذري الاصلاحات مستحيلة لانه على مدى 40 سنة افسد الرئيس الراحل حافظ الاسد كل شيء: افسد الداخلية والقضاء والامن والتعليم، هل تتصور ان رئيس الدولة يطلب من المحافظ كتابة تقرير عن المخابرات، ويطلب من المخابرات كتابة تقرير في المحافظ، ويأمر مدراء الفروع بالاستخبارات ان يكتبوا تقارير بالوزراء.. وهكذا على كل المستويات في الدولة.
حول الشعب السوري كله الى «مخبرين» على بعضهم البعض هناك قوانين في سورية جيدة، كقانون الادارة المحلية على سبيل المثال، لكنها معطلة تماما ومفرغة من مضمونها فالنظام عمليا هو المشكلة وهو غير قابل للاصلاح. بشار تسلم الحكم منذ 11 سنة وكنا نتوقع منه الاصلاح لكنه طوال هذه السنوات صار على درب ابيه واكمل مسيرة افساد سورية بل تفوق على ابيه عندما زواج بين السياسة والمال ولذلك اقول ان المشكلة ليس في القوانين ولكن في النظام الفاسد الذي سيطبقها. فمثلا تم إلغاء قانون الطوارئ رسميا لكن مازال مطبقا عمليا في الاجراءات الاستثنائية التي تعيشها سورية في كل لحظة ، وفي هؤلاء الضحايا السوريين الذين يقتلون في الشوراع ماهو الأساس القانوني لقتل السوريين الان في الشوارع.
عصابات مسلحة
< هناك تبرير رسمي من النظام بانه يقاوم «العصابات المسلحة»؟
- هذا غير صحيح فحافظ الاسد فرغ سورية تماما من اي سلاح والذي يحمل السلاح الآن هو العصابات التي شلكها النظام الذي شكل مايسمى بـ «اللجان الشعبية». ويشكل «الزبالون» الذين يكنسون الشوارع العصب الرئيس لهذه اللجان الشعبية التي تقتل الشعب السوري، وكذلك بعض العاطلين عن العمل، و «المسجلون خطر الذين اطلقوا سراحهم من السجون وتجار المخدرات يعملون ايضا «شبيحة» وعصابات يقتلون الناس فكيف يمكن الحديث عن اصلاحات يقوم بها نظام يقتل شعبه بهذه القسوة وبهذا الشكل الممنهج! أوكد لاتوجد اي عصابت مسلحة في سورية الا التي شكلها النظام بمعرفته هو وهي التي تقتل السوريين كما نرى الآن وهي التي تستحق الاعدام لانها شكلت عصابة حسب القانون السوري واقولها صريحة وواضحة لو سحب النظام السوري دباباته وعساكره وشبيحته من شوارع سورية لسقط خلال 24 ساعة، حيث سيخرج السوريون بالملايين ويسقطون النظام هم يعلمون ذلك لذا يرفضون اي دعوى في هذا الاطار السوريون كانوا يطالبون بالاصلاح في بداية الثورة ولم يطلبوا اسقاط او اعدام الرئيس لكن النظام قتلهم بوحشية واستباح اعراضهم وبيوتهم وارواحهم فطالبوا عندئذ باسقاطه كل القتلة الذين ذبحوا الشعب السوري مازالوا مكرمين وعلى رأس عملهم ووظائفهم.
< وماذا عما يسمى بـ «جيش سورية الحر» المنشق من الجيش؟
- بعد 7 اشهر من الثورة وما قوبلت به من قمع وقتل، بدأت الانشقاقات في الجيش والداخلية والاجهزة المأمورة بقتل الناس لقد رفض هؤلاء الاوامر باطلاق النار على المتظاهرين سلميا الدستور يبيح التظاهر سلميا والذي يتظاهر – حتى بدون اذن – تعتبر جريمته مجرد مخالفة قرار اداري لا ان يذبح وتشرد اسرته ويهدم بيته. لذلك كان انشقاق هؤلاء الجنود انتصارا للقانون والدستور وشريعة الله.
< لماذا يصر النظام على وصف المتظاهرين السلميين بالعناصر أو العصابات المسلحة؟
- لأن هناك قراراً صدر عام 1964 من وزير الدفاع يقول: كل رجال الأمن والجيش معفوون من جريمة القتل إذا حصلت اشتباكات مع عناصر مسلحة، لذلك هم يصرون على هذا الوصف ظنا منهم أنه قانوني وسيعفيهم من المساءلة عن قتلهم المدنيين، فالجيش السوري الحر المنشق الذي شكل الكتائب العسكرية هو الذي يقاتل جيش النظام الآن دفاعا عن الشعب المظلوم الذي يقتل الآن، فالجندي الذي انشق عن جيش النظام بسلاحه يعلم يقينا أنه محكوم عليه بالإعدام، لكن لأنه حلف يمينا بحماية الشعب، فقد انشق برا بقسمه، والجيش السوري الحر الذي يدافع عن الشعب هو الجيش السوري الشرعي النظامي الحقيقي، وقريبا سيصدر من الجيش السوري الحر قرار بحل الجيش العربي السوري التابع للنظام، وعلى كل أفراد هذا الجيش الالتحاق بالجيش السوري الحر.
مبادرة عربية
< الجامعة العربية أطلقت مبادرة لحوار النظام مع المعارضة فكيف تراها؟
- الجامعة العربية مشكورة أطلقت هذه المبادرة وطلبت من «العصابة الحاكمة» وقف إطلاق النار وسحب الجيش مع العناصر الأمنية والشبيحة من الشوارع فهل فعل النظام ذلك! هذه العصابة التي تمارس القتل والإذلال والاغتصاب في سورية رفضت فورا دعوة الجامعة العربية للحوار وشتمت الجامعة ووزير خارجية قطر، واعتبرت أن ذلك يمثل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية السورية ثم قبلت بمجرد استقبال لجنة الجامعة العربية، إذن كيف نتحاور مع مجرمين لم ولن يقوموا بأي إصلاحات طوال أكثر من 40 سنة، وقتلوا شعبهم وشردوه، المجرمون يجب أن يقدموا للمحاكمة على جرائمهم ولا يجوز التحاور معهم شرعا أو قانونا لأنهم غير شرعيين، وقد اغتصبوا السلطة وقتلوا الشعب ودمروا الوطن والحوار معهم يعني اضفاء صفة الشرعية عليهم، ولذلك فليس عليهم إلا تسليم السلطة فورا إلى المجلس الوطني الذي ارتضاه الشعب، لا توجد دولة في سورية وإنما عصابات: عصابة المخابرات الجوية، عصابة أمن الدولة، عصابة الأمن العسكري.. وهكذا، ويرأس كل هذه العصابات رئيس الدولة الذي يعتمد بالأساس على طائفته وعلى عناصر الفرقة الرابعة المدرعة التي يترأسها شقيقه ماهر الأسد، وعلى المرتزقة الذين اشتراهم بالأموال، وسلحهم بالأسلحة كي يقتلوا الشعب.
لم تتراجع
< كيف تصف عملية تراجع وتيرة التظاهرات في الآونة الأخيرة؟
- لم تتراجع وتيرة التظاهرات ولكن كما علمت من لجان التنسيق أن المناطق تتبادل عملية تخفيف عبء القمع من بعضها فعندما تثور درعا تتجه آلة قمع النظام الرهيب إليها، عندئذ تثور حماة فتستدير الدبابات إلى حماة فيخف الضغط قليلا عن درعا.
وهكذا في بقية المناطق تنتقل شعلة الثورة من محافظة أو منطقة إلى أخرى استنزافا كذلك لقوة النظام، لكن الثورة انطلقت ولن تهدأ إلا بسقوط عصابة النظام ومحاربة كل أركانه، وأتصور أن هذه العصابة سقطت شرعيتها من اللحظة الأولى التي استخدمت فيها القتل والقمع ضد المتظاهرين والشعب السوري.
ولعلمك فإن عصابة السلطة في سورية ستقتل د.البوطي والمفتي حسون والزعتري وهم من علماء السلطة حتى يتهموا بها الاخرين ويشوهوا صورتهم، وهم من قتلوا ابن المفتي حسون وهؤلاء الدعاة والعلماء إذا لم يقتلوا فسيحاكموا لأنهم أعانوا القتلة والظلمة على الشعب الأعزل.
ولا تستغرب عندما يقتلوا بعض القيادات الكبيرة حتى يبرروا قمعهم للشعب السوري وكي يتماسكوا طائفيا، وهذا نذير سقوط قريب جدا للنظام، وستنهار عصابة النظام في سورية بشكل لا يتوقعه أحد.
السوريون في الكويت
< هل تتواصل مع السوريين في الكويت؟
- السوريون في الكويت يصل عددهم إلى نحو 120 ألفا، وأتصور أن 110 آلاف منهم يعملون مع الثورة في سورية على كل الجبهات، بداية من تويتر، وفيسبوك، والصحافة والإعلام والفضائيات، وحتى التعاون مع المجلس الوطني والتنسيقيات في الداخل، هذه العصابة جعلت كل السوريين في خندق واحد، ونحن الآن في الكويت وخارج الكويت نتقابل ونجتمع ونتحدث بعد أن كنانخاف مجرد أن نتحدث أمام بعضنا البعض، كما أنني عضو في اللجنة القانونية لنصرة الشعب السوري بالكويت مع الدكتور وليد الطبطبائي، ود.شافي العجمي، ود.عادل الدمخي.
< هل تعتقد أن هناك نشاطا استخباراتيا سورياً في الكويت؟
- حقيقة لم أتعرض شخصيا لمثل هذا الأمر، وأعتقد أن أعضاء السفارة السورية يخطبون ود السوريين في الكويت كي يستميلوهم إلى تأييد النظام، هي سياسة معروفة بالاستقطاب أو الارضاء، والحقيقة أنهم يعلمون بأنشطتنا وعلى الرغم من هذا لم يسألني أحد عن رأيي أو هذه الأنشطة لأنهم لا يريدون احداث مشكلة مع الكويت التي يؤيد شعبها وبرلمانها وحكومتها نضال الشعب السوري ضد العصابة الحاكمة.
والسفير السوري في الكويت اللواء بسام عبدالمجيد كان وزيرا للداخلية في سورية، وأنا أعرفه جيدا، وقد التقيته في السفارة ونصحته بالانضمام إلى الثورة فكان رده «نحن مع الحوار وهناك اخطاء ارتكبتها الدولة وتقوم الآن بتصحيحها ويجب أن يُعطى النظام فرصته من أجل الإصلاح».
وعموما سأنشر نص المقابلة معه في وقت لاحق لكنني أعلم أن السفير السوري ينتمي إلى القومية الشركسية القليلة العدد، وأظن أنه يخشى أن انضم إلى الثورة أن ينكل بأهله وأعضاء قوميته.
وقد أنشئت رابطة الخليج لمناصرة الشعب السوري وانبثقت عنها اللجان السياسية والبرلمانية والحقوقية والاغاثية ولذلك أشكر اعضاء هذه اللجان، وأعضاء مجلس الأمة، الذين ناصروا شعبنا في سورية وأوجه التحية إلى دولة الكويت كلها التي احتضنت السوريين وناصرت الشعب السوري بكل الوسائل. وحقيقة أننا نخجل من علماء الكويت وبرلمانييها ورجالاتها لأنهم قدموا للشعب السوري اكثر مما قدمناه نحن السوريون وقبلنا، حيث حملوا راية الثورة السورية، وان شاء الله يتطور الموقف الخليجي اكثر لصالح قضيتنا.
< هناك تخوف شديد من أن يؤدي سقوط النظام إلى تفشي الطائفية في سورية؟
- الطائفية لم تكن موجودة في سورية من قبل لكنها وجدت مع وصول حافظ الأسد الى السلطة كانت كل الطوائف السورية تتعايش مع بعضها ولا تفرقة بين سني او نصيري او مسيحي او درزي او أي مكون آخر من المكونات السورية. ومع ان السنة هم الغالبية فانهم لم يمارسوا طوال التاريخ أي نوع من الطائفية على اخوانهم من الطوائف الاخرى وعاشوا معهم في محبة وسلام . فالسوريون كلهم احبوا سلطان باشا الاطرش (الدرزي) وفارس الخوري (المسيحي) وصالح العلي العلوي الذي يعد أحد ابطال سورية. لكن عندما وصل حافظ الاسد الى السلطة جند الطائفة التي ينتمي اليها لخدمة مصالحه. وجعل الغالبية منهم «عيونا» على بقية السوريين الوطنيين في سورية ورفع هذه الطائفة (العلوية) فوق رؤوس الناس.
فالشاب السوري عندما يذهب الى الحربية مثلا يواجه بفرز طائفي. فالاولوية تكون لابناء اللاذقية التي تضم الطائفة العلوية، ثم طرطوس، وفي اخر القائمة تجيء حلب وحماة وادلب. فعصابة السلطة هم من زرعوا الطائفية وخلقها ومارسوها في كل مفاصل الدولة السورية. اما نحن (السنة) فيرمى لنا فتات الوظائف. وانا سمعت الشرفاء من العلويين يقولون بأن حافظ الأسد هو الذي خلق الطائفية بينهم وبين السنة، وانه بذلك سيؤدي الى مشاكل كبيرة بينهم وبين اخوانهم السنة.
وقد سعى حافظ الاسد الى استقطاب الاقليات الأخرى الى نظامه كي يشكل اغلبية في مواجهة الاغلبية السنية، لكنه لم ينجح، وحتى لو نجح فانهم جميعا لا يشكلون اكثر من %15 من مكونات الشعب السوري.
والآن يعزف بشار الاسد على نفس النغمة الطائفية وارجو الا ينجح في ذلك. واني بكل الحب والمودة والاخوة انصح اخواننا العلويين والدروز والمسيحيين والاسماعيلية وغيرهم بالمسارعة الى الانضام للشعب السوري حتى لا يفوتهم قطار الثورة الذي اوشك على الوصول الى محطته الاخيرة وهي محطة الحرية والديموقراطية، ونحن في كل الاحوال سنحمي اخوتنا من بقية مكونات الشعب السوري. واطمئن اخوتنا المسيحيين بشكل خاص لكني اسألهم لماذا لا اجد سوى هيثم سارة وميشيل كيلو وبعض المسيحيين يشاركون في الثورة. اين بقية الوطنيين المسيحيين وكذلك العلويين والدروز والشركس.
< متى زرت سورية آخر مرة؟
- منذ ثلاث سنوات فبصفتي قاضيا احتاج الى موافقة رسمية للسفر لكنني عندما طلبت الاذن قبل سفري بثلاثة ايام فوجئت باحد الاصدقاء العاملين في الامن يطالبني بالسفر من سورية في نفس اليوم، لان الضباط المسؤولين عن اذن السفر طائفيون ولن يوافقوا على سفرك ابدا فخرجت من سورية فورا ولم اعد اليها منذ ذلك الحين اي منذ 3 سنوات ولا استطيع العودة، اولا لانني خرجت من سورية بدون اذن امني وثانيا لمشاركتي في الثورة السورية المباركة التي انحزنا اليها انا واسرتي جميعا.
أنا وأولادي
مواقع النشر (المفضلة)