الصحافة في رفحاء
منيف خضير * رفحاء اليوم
يمكنني أن أقسم تاريخ الإعلام أو الصحافة في رفحاء إلى عهدين ـ إن صحت التسمية ـ ، أولاً العهد القديم ويبدأ من ظهور أول محرر صحفي في رفحاء وهو الأستاذ محمد بن عبدالله الخليوي (مدير مدرسة المثنى بن حارثة حالياً) وذلك في العام 1402هـ وكان محرراً في صحيفة الرياض ، وعمل متعاوناً لمدة 12 سنة دون مكافأة ، وقد ساهم في بداية العمل الصحفي في رفحاء ؛ إذ قبل ذلك لم تكن تظهر رفحاء إلا عبر موضوعات ومقالات متفرقة تهدف في مجملها إلى تسليط الضوء على مطالبات الأهالي ، وفي تلك الفترة تقريباً (1402/1406هـ) ظهر صوت رفحاوي آخر عبر جريدة الرياض ، وكان متعاوناً أيضاً دون مكافأة وهو الأستاذ صلال بن مرزوق الضوي (معلم تربية فنية في مدرسة معاذ بن جبل برفحاء) ، وقد شارك الضوي في أول ملحق إعلامي عن رفحاء وكان ضمن ملحق خاص بمنطقة الحدود الشمالية عموماً ومن الطرائف أنه كتب باسم جلال مرزوق بدلاً من صلال وذلك لأن أجهزة الفاكس التي كانت ترسل بها المواد الصحفية إضافة إلى الكتابة اليدوية قد لا تظهر كثيراً من الحروف بصورتها الصحيحة !
وقد شهدت الفترة ما بعد ذلك التاريخ فراغاً صحفياً باستثناء محاولات خجولة من الأستاذ خالد الدخيل (رائد نشاط في ثانوية قتيبة بن مسلم برفحاء)، تلاها مشاركات متقطعة من الأستاذ سعد بن عبدالمجيد الغامدي (من أهالي رفحاء السابقين) في صحيفة الرياض ، ثم بدأ ظهور نجم الأستاذ صالح الشيحي (الكاتب المعروف في صحيفة الوطن حالياً) وكان محرراً متعاوناً في صحيفة عكاظ في الفترة من 1409هـ تقريباً ، ثم كاتباً صحفياً إسبوعياً في صحيفة المدينة (الملاعب الرياضية) خلال العامين 1411هـ/1412هـ ، وقد تزامن مع ظهور الشيحي ظهور الأستاذ عيادة الجنيدي في صحيفة الرياضية محرراً رياضياَ ، وبعد هذا التاريخ عاشت المحافظة في فراغ إعلامي مظلم حتى ظهور العهد الجديد ـ كما يحلو لي أن أسميه ـ ، وكان كاتب هذه السطور (منيف خضير) رائد هذا العهد في العام 1417هـ / 1418هـ بظهور مختلف في صحيفة الجزيرة ، حيث عرفت الصحافة في رفحاء معنى صحفي رسمي يحمل بطاقة صحفية وله مكافأة ثابتة ، كما عرفت رفحاء لأول مرة التحقيقات المطولة وتغطية جوانب متعددة بكثافة تحسدها عليها بعض المناطق الكبيرة ، وعرفت أيضاً الملاحق الصحفية الإعلانية حيث صدر في العام 1428هـ ملحقان عن رفحاء في صحيفتي الجزيرة (بواسطتي) والرياض (بواسطة الأستاذ عيادة الجنيدي) وكانا بمناسبة زيارة معالي وزير المعارف ـ آنذاك ـ محمد الرشيد ، وهما أول ملحقين يصدران عن رفحاء . ولانضمامي للجزيرة حكاية اسمحوا لي أن أرويها لكم ليعود الفضل لأصحابه ، حيث تم تكليف الأستاذ عبدالعزيز الزمام محافظاً لرفحاء في تلك الفترة ، ولرغبته في التطوير ومواكبة المدن الحديثة طلب من رئيس نادي التضامن الرياضي الأستاذ عبدالله عباس أن يرشح له صحفياً يكون مراسلاً لرفحاء ، وقد رشحني الأستاذ عبدالله ، بناء على مشاركاتي الإعلامية في أنشطة النادي الرمضانية ، وبدأت شهري الصحفي الأول مرتبطاً بمكتب الجزيرة في عرعر ومديره الأستاذ صالح القاران ، ثم انتقلت إلى المركز الرئيس بالرياض وأصبح اتصالي بهم ، وبعد ستة أشهر من الركض الصحفي وحيداً في الساحة الإعلامية المحلية ، ظهر صحفي جديد في صحيفة الرياض وهو الأستاذ عايض الخمشي (معلم في ابتدائية زيد بن ثابت ويحمل الماجستير ويدرس الدكتوراة في بريطانيا حالياً) واستمر وحيداً في الصحيفة حوالي الشهرين حتى ظهر للمرة الثانية الأستاذ عيادة الجنيدي محرراً للمحليات في صحيفة الرياض منتقلاً من الرياضية ، وكان ظهوره مميزاً هذه المرة ، ثم توالى المراسلون الصحفيون في الظهور ـ وأذكرهم دون ترتيب ـ أصبح الأستاذ أحمد سلمان (مراسلا في صحية عكاظ) ، والأستاذ عودة المهوس (مراسلاً في الاقتصادية )، والأستاذ صالح الشيحي (مراسلاً في صحيفة المدنية) ،(مرة ثانية) ، ثم ظهر الأستاذ حماد الرويان في الجزيرة والأستاذ حمود طريف والأستاذ عطالله الدوخي في اليوم ثم الأستاذ فواز عزيز في صحيفة الوطن والأستاذ جزاع النماصي في صحيفة المدينة ، ثم توالى ظهور جيل جديد من الشباب وأذكر منهم الأساتذة فليح ملاك وفهد المختاري ومنصور المزهم وشريدة الشريدة ومحمد العروج (في صحيفة الرياضية) وغيرهم الكثير ممن لا تحضرني أسماؤهم حالياً…
والحق يقال أن الصحافة تحديداً استمرت مزدهرة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن ، وأصبحت مؤثرة وساهمت في إحداث تغييرات في المجتمع ، كما ساهمت في جلب كثير من المنافع للمحافظة ، ولا يتسع المجال لسرد إنجازات الزملاء لمحافظتهم يكفي أن نقول أن عشرات المرضى تلقوا علاج ومساعدات مالية عن طريق محرري هذه الصحف ، ويكفي أن نقول أن إدارات حكومية أنشأت ـ بسبب مطالبات من صحفيي رفحاء ، وكل ذلك نتيجة لمرحلة النضج التي مرت بها الصحافة الرفحاوية متجاوزة تعثر البدايات في أرض زلقة محفوفة بالمخاطر نتيجة انخفاض سقف الحرية من جهة وحساسية المسؤولين ضد الطرح الصحفي النقدي من جهة أخرى .
وعل جانب آخر لا بد أن نذكر الكتاب الصحفيين الذين يشار لهم بالبنان حيث يتصدر الكاتب الصحفي الأستاذ صالح الشيحي والأستاذ محمد الرطيان قائمة الكتاب السعوديين ، فالشيحي يكاد أن يكون الكاتب الأول سعودياً خلال السنوات الماضية بطرحة الجريئ وقلمه اللاذع ، والرطيان كاتب يمسك بعصا الأدب ليحول الكلمات إلى لكمات في وجه الخطأ وتميز بشعبيته الجارفة وهما بحق من مفاخر الصحافة في رفحاء ، كما لا ننسى الأستاذ فواز عزيز الكاتب في صحيفة الوطن وهو قلم شاب يخطو بطموح كبير نحو القمة وأيضاً هناك الأستاذ خالد بن صالح الحربي في صحيفة عكاظ وهو لا يقل عن الجميع بمستواه الراقي وخبراته المتنوعة ، وكان لي شرف كتابة المقالة أيضاً في صحيفة الجزيرة مبكراً في العام 1419هـ في زاوية كان عنوانها “بدون عنوان” ، واستمريت في كتابة المقالة الصحفية دون احتراف حتى اليوم ، والحديث عن الصحافة يقودنا للحديث عن الإعلام عموماً حيث أن الإذاعة حظيت بمراسلين من رفحاء في فترات متنوعة ، حيث التحقت مراسلاً إذاعياً لمحافظة رفحاء في الإذاعة السعودية في برنامج صباح الخير من الرياض واستمريت لمدة عام ثم توقفت لظروف خاصة وكان ذلك تقريباً في العام 1429هـ ـ إذا لم تخني الذاكرة ـ ، ولا ننسى أن نشير إلى تجربة الأستاذ صالح الشيحي في الإذاعة أيضاً عبر برنامج (السعودية اليوم) في إذاعة ألف ألف fm ـ وإن كانت خارج إطار المحافظة ـ ولكنها ـ للتاريخ ـ تجربة تفتخر بها رفحاء . والحديث عن الإعلام يقودني أيضاً إلى التلفزيون حيث برز المذيع المتألق الأستاذ عبدالعزيز الأحيدب في قناة الإخبارية ثم الاقتصادية وهو من مواليد وسكان رفحاء وتلقى تعليمة كاملاً بها ، كذلك الأستاذ عبدالله راكان التمياط المذيع المتألق في اخبارية رفحاء ومقدم برامج أيضاً وهو من سكان رفحاء سابقاً وكلا الزميلين يعيشان في الرياض الآن ، أيضاً يجب أن نشيد بتجربة المتألق الزميل الأستاذ حسيب الشيحي عبر قناة الدانة (الخاصة) ، وهي تجربة مفيدة بلا شك وتستحق التوثيق .
بقي أن أشير إلى الصحافة الالكترونية في رفحاء والتي أصبحت صوتاً إعلامياً مؤثراً لا يقل أهمية عن الصحف الورقية ، حيث انطلقت في البدايات تجربة الأستاذ عبدالمنعم العرادي (معلم سابق في مدرسة هارون الرشيد ويسكن الرياض حالياً وحاصل على الماجستير)عبر موقع الوتين الالكتروني والذي رصد فيه تاريخ رفحاء والحدود الشمالية عموماً ، ونشر الصور القديمة التي تحكي تراث وحضارة المنطقة ، ثم ظهر موقع منتديات رفحاء ثم ساحات رفحاء ثم توالت المواقع الالكترونية الكثيرة التي يصعب حصرها نذكر منها على سبيل المثال :
ملتقيات رفحاء ، وصدى رفحاء ، مجتمع رفحاء ، بوابة رفحاء ، ورفحاء مول وغيرها وظهرت الصحف الالكترونية أيضاً ومنها إخبارية رفحاء ورفحاء اليوم ، كما لا ننسى المواقع الالكترونية الخاصة بالقبائل وكذلك المدونات الشخصية ، وكل هذه الجهود الالكترونية لا شك أنها ساهمت في حراك مجتمعي فاق الوصف ، وأثرت الساحة المحلية بكل ما يسيل له لعاب الباحثين عن تاريخ المحافظة والمتابعين لأنشطتها . كما إنها قدمت كثيراً من الشباب للصحف الورقية بعد أن صقلتهم التجربة الالكترونية .
وفي الختام لاشك أن ما قمت به كان من وحي التوثيق ليس إلا ومن المؤكد أنني نسيت أسماء يجب أن لا أنساها ولكنها طبيعة البشر على كل حال ، وأدعو كل من رصد علي خطأ لا أقصده أن تكون هذه المقالة نواة لمقالات أخرى يتوسع فيها ويثريها ، وأقول له ممنوناً رحم الله من أهدى إلي عيوبي ، كما لا يفوتني أن أشكر أخي الأستاذ ماجد الفديد ، والذي ساهم بطلبه لهذه المقالة في تحريك الذاكرة الإعلامية التي كادت أن تجف لطول الأمد ، وأحب أن أشيد بفكرة هذا الإصدار الذي يؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ المحافظة يجب أن لا ننساها ولا نتناساها ، فالتاريخ لا ينسى وإن نسي أهله . ورفحاء تستحق من أهلها المخلصين أكثر من مجرد التوثيق ، وبالله التوفيق .
* كاتب ومحرر صحفي في صحيفة الجزيرة بالرياض .
* مراسل إذاعي سابق في إذاعة الرياض .
* مشرف تربوي في مكتب التربية والتعليم برفحاء .
مواقع النشر (المفضلة)