أعزائي وأحبائي القراء ، فوق كل أرض وتحت كل سماء ، وبعد انقطاع دام ما يضاهي السنة ، ها قد اخترت لكم من القول أحسنه ، وبما أني جربت الفراق ، وكان مر الطعم والمذاق ، كتب القلمالأنين والآهات ، وألقى بين أيديكم هذه الكلمات .. فمع مقامة : [align=center]ساعة الفراق في ميزان العشاق[/align]
ساعة الفراق ، أمرها لا يطاق ، تجري معها الدموع ، وتطفأ فيها الشموع، وتُحبس الأنفاس ، ويُعدم الإيناس ، الأمس فيها ذكريات ، والحاضر فيها حسرات ، لا هناء لا أكل لا شرب ، نسأل الله كشف الكرب ، القلب في اضطراب ، والنفس في اغتراب ، الشوق يجذبك من كل مكان ، والحنين يطاردك في كل حين وآن ، ما أهنأ حياة المحبين، وما ألذ عيش المجتمعين ، وما أتعس لحظات الغرباء ، وأمر ساعات البؤساء ، بينا الحبيب مع الأحباب ، والصاحب مع الأصحاب ، يتسامرون ويتحادثون ، مع بعضهم البعض لا يفترقون ، حتى كانوا بمثابة الجسد للروح ، وكالدواء لشفاء العلل والجروح ، قد عاشوا لذة الحياة وأنسها ، وشربوا من ماء المحبة ونبعها ، وهم كذلك لم يحسبوا للفراق أي حساب، فلما حان الوداع قُرع الضرس والناب ، واعتلت الوجوه حسرة واكتئاب ، سالت العبرات على الخدود ، وتقطع القلب كمداً وأكله الدود ، كيف تحلو الحياة بدونهم ؟ وكيف يُحس بطعم الأنس من غيرهم ؟ مضـــــوا وفي النفس هم وغم وحسرات ، أقف على أطلالهم فلا أرى غير الذكريات ، هنا كنا نأكل ونشرب ، وهناك كنا نلهو ونلعب ، أحس بوحشة في نفسي ، ونار الأسى تضطرم في صدري ، وربي ما كنت أظن الحب قتّال ، وما كنت أعلم أن هزيمته شئ محال ، فيا طيور الأيك إن مررت بتلك الديار ، ووجدت الحبيب في ليل أو نهار ، فبلغيه رسالة الشوق والحنين ، مدادها الزفرات والأنين ، عنوانها ذكريات السنين ، وختامها حبكم يسري في كل العروق ، وعيني لطيب لقياكم تتوق ، وصلى الله على محمد ما لاحت رعود وبروق .
مواقع النشر (المفضلة)