[align=center] .. ضياع الخليل .. عن .. منتزه النخيل ..[/align]

[align=justify]قال لي الحبيب هلمّ ، كي نسامر بعضنا ونستجمّ ، ركبت السيارة ، وخرجت من الحارة ، جبت الشوارع والطُرُق ، كنشوان من السَكْرة لم يُفِق ، رحت أجمع أطراف الكلام ، وأسبح في بحر من الأحلام ، سأقول للصاحب والخليل ، أنت كالدواء للعليل ، نظرتك تسحَر ، وجمالك يبهَر ، يا أملي الجديد ، يا حُبي الأكيد، أن من دونك مأسور ، قلبي بفقدك مقهور ، وبينا أنا على تلك الحال ، إذ بي عند باب الحسن والدلال ، رتبت نفسي وتعطرت ، وللخَدِين ناديت وأشّرت ، ثم جاءني يمشي كأنه طيف ، أحسست ببرد من أن الفصل صيف ، فتح عليّ الباب ، وناداني بأجمل الألقاب ، قال : هل لي معك مركوب ؟ طبعا .. بعد إذنك يا حَبّوب ، قلت : لم أقطع المالك ، إلا لأجل ذلك ، أنت قد امتطيتَ قبلُ صهوة فؤادي ، فأغلق علينا الباب يا ريحانة النوادي ، لم يستطع على ما قلت أي ردّ ، فأطرق رأسه خَجَلاً وعن وجهي صدّ ، ثم شرعنا في حديث كله غرام ، تعجز عن حمله الأفلاك والأجرام ، أخذنا على هذا ساعتين أو أربع ، هو يقول وأنا أنظر وأسمع ، وبعدها كان مني اقتراح ، أن نجلس في مكان ونرتاح ، فقال : أعرف مكانا يفوق الخيال ، قلت : وأنا عليّ جلب العشاء في الحال ، ذهبنا لمطعم فخم وراقي ، وطلبنا أكلنا ولم نترك له باقي ، التفت إليه وقلت : أما الآن ، أين الموقع والمكان ، فقال : اذهب مع الطريق الفلاني ، منتزهنا يعرفه القاصي والداني ، مشيتُ على نحو ما أراد ، وقطعت بسيارتي السهل والواد ، وبعد مدة طويلة من المسير ، قلت : أين موقعنا يا خبير ، سكت برهة من الزمن، وقال : لا ترفع غلي السوط والمِجَن ، قد ضللت لكنه في تلك الجهات ، وأشار بيده نحو أرض قفر موات ، أين الحدائق والأنهار ! أين البساتين والأشجار ! فأخذ يخمشُ أظفاره ، ويندب حظه ويشكو حاله ، قلت : اتصل بمن تعرف ، قبل أن تسيل الدماء وتنزف ، قال : لا أعرف أي أحد ، قلت : العشاء في الخلف بَرَد ، فأصابني مغص ودوار شديد ، خفت السيارةَ بنا أن تحيد ، ليتني كنتُ تحت الغطاء ، وأسلم من كل هذا العناء ، مشينا ونحن في متاهة ، لا ندري أين تكمن العاهة ؟ أخذ هاتفه النقال ، ليجد إجابة السؤال ، فاتصل على شخص صوته نحيل ، وقال : أين يقع منتزه النخيل ؟ فعرف منه الوصف بالتمام ، وطلب مني تطيير الحَمَام ، استعذت بالله من الشيطان ، لكن موعد نومي قد حان ، فعدتُ لا أميز بين الألوان ، حتى وقفنا على مكان مهول ، توقعت أنه بالأشباح مأهول ، دخلنا وفي نفسي أردد .. أعوذ بكلمات الله التامة ، خشية أن يظهر علينا جِن أو هامة ، أشار بإصبعه لنجلس هناك ، قلت : أبشر وروحي فداك ، وأنا أمني نفسي بالهرب ، وهو غارق في بحر من الطَرَب ، فأصابني شئ من الدهشة والعجب ! وبعد مضي زمن ليس بالقليل ، طلبت منه الفرار والرحيل ، لأن غدا لدي سفر طويل ، خرجنا وأنا أحمد الله الباري ، أن كفّ عني الشر ومنه حماني ، وبسرعة البرق والشهاب ، وقفت عند باب خير الصحاب ، ثم نزل والدمع يهمل من العين ، فقد جربت طول الفراق والبَيْن ، أرمق خطواته من بعيد ، لم أر مثلها أبدا في الغِيد، وإلى الحين والآن ، أعاني الهجر والحرمان ، فجرح الحب ليس له علاج ، ولست أدري هل أنا قتيل أم ناج ؟ [/align]