يقول العلامة سلمان العودة:

( أما عن مسألة العقوبة المقررة شرعاً لفاعل هذه الفاحشة، فالعلماء فيها على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يقتل بكل حال، محصناً كان أو غير محصن، وإن اختلفوا في صفة قتله، هل يقتل بالسيف؟ أم يحرق ؟ أم يرمى من شاهق؟.
وهذا مروي عن جماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – منهم: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس وهو في (المصنف) أيضاً ( 6/ 494) عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وجابر بن عامر، وجابر بن يزيد، وعثمان بن عفان، وغيرهم.
وهذا مذهب مالك -رحمه الله-، وهو رواية في مذهب الحنابلة، اختارها الشريف أبو جعفر، وابن القيم في (الداء والدواء)، وربما ابن تيمية كما في (الفروع) لابن مفلح ( 6/ 70 )، وقدمها الخرقي، وقال ابن رجب: " الصحيح قتل اللوطي، سواء كان محصناً أم لا "، وانظر ( الإنصاف 10/ 176).
القول الثاني: أنه لا يرجم إلا أن يكون قد أحصن، وهو مذهب الشافعي الذي رجع إليه كما في (الأم 7/ 193)، قال الشافعي :" وعكرمة يرويه عن ابن عباس -رضي الله عنهما - مرفوعاً... وهو في مصنف ابن أبي شيبة ( 6/ 495 ) عن حماد بن إبراهيم، قال : "حد اللوطي حدّ الزاني، إن كان محصناً فالرجم، وإن كان بكراً فالجلد "، وعن الحسن: "اللوطي بـمنـزلة الزاني"، وعن إبراهيم النخعي: مثله، وعن الزهري : يرجم إن كان محصناً، ويجلد مئة إن كان غير محصن، وهذا مذهب عثمان البتي، والحسن، وعطاء، وغيرهم، وهذه رواية أخرى في مذهب الحنابلة، ذكرها ابن قدامة في (المغني 12/349)،حيث قال: والرواية الثانية: أن حدّه حدّ الزاني، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء والحسن والنخعي وقتادة والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي، وذكرها ابن مفلح في (الفروع)، وقال: "وهو الصحيح من المذهب"، وذكرها في (الإنصاف)، وقال :" هذا المذهب ".
القول الثالث: أنه يعزر بما دون الحد، وهو مذهب أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وذهب إليه ابن حزم. قال الجصاص في (أحكام القرآن 3 / 262 )، وعن سفيان عن الشيباني، قال : "يضرب دون الحد "، ثم ذكر أدلتهم وناقشها: ثم قال: حرّم رسول الله دم المسلمين إلا ما أباحه به، وليس فاعل فعل قوم لوط واحداً من هؤلاء، فدمه حرام إلا بنص أو إجماع، وقد قلنا: إنه لا يصح أثر في قتله، وذكر الأقوال الثلاثة في (أحكام القرآن) لابن العربي (2/ 316)، وغيره، والأظهر والله أعلم أن الاختيار في ذلك موكول إلى الحاكم أو القاضي بحسب ما يراه من قتل، أو جلد، أو سجن، أونفي، أو غير ذلك مما يحفظ المجتمع من معرة هؤلاء، ويردعهم عن التمادي، )