[frame="4 80"]صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام , وفرض من فروض الله , معلوم من الدين بالضرورة . ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع :
قال الله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ] إلى قوله تعالى : [ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ] الآية , ومعنى " كتب " : فرض , وقال : [ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ] والأمر للوجوب .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { بني الإسلام على خمس } وذكر منها صوم رمضان . والأحاديث في الدلالة على فرضيته وفضله كثيرة مشهورة.
وأجمع المسلمون على وجوب صومه , وأن من أنكره كفر.
والحكمة في شرعية الصيام أن فيه تزكية للنفس وتطهيرا وتنقية لها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ; لأنه يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان ; لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , فإذا أكل أو شرب , انبسطت نفسه للشهوات , وضعفت إرادتها , وقلت رغبتها في العبادات , والصوم على العكس من ذلك.
وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها , وترغيب في الآخرة , وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم , لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش , لأن الصوم في الشرع هو الإمساك بنية عن أشياء مخصوصة من أكل وشرب وجماع وغير ذلك مما ورد به الشرع , ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث والفسوق .
ويبتدئ وجوب الصوم اليومي بطلوع الفجر الثاني , وهو البياض المعترض في الأفق , وينتهي بغروب الشمس , قال الله تعالى : [ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ] ( يعني الزوجات ) [ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ] ومعنى : [ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ] أن يتضح بياض النهار من سواد الليل .
ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله وللعلم بدخوله ثلاث طرق:
الطريقة الأولى : رؤية هلاله , قال تعالى : [ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { صوموا لرؤيته } فمن رأى الهلال بنفسه , وجب عليه الصوم .
الطريقة الثانية : الشهادة على الرؤية , أو الإخبار عنها , فيصام برؤية عدل مكلف , ويكفي إخباره بذلك , لقول ابن عمر : { تراءى الناس الهلال , فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته , فصام , وأمر الناس بصيامه } رواه أبو داود وغيره , وصححه ابن حبان والحاكم .
الطريقة الثالثة : إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما , وذلك حينما لا يرى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان مع عدم وجود ما يمنع الرؤية من غيم أو قتر أو مع وجود شيء من ذلك , لقوله صلى الله عليه وسلم : { إنما الشهر تسعة وعشرون يوما , فلا تصوموا حتى تروا الهلال , ولا تفطروا حتى تروه , فإن غم عليكم , فاقدروا له } ومعنى " اقدروا له " أي : أتموا شهر شعبان ثلاثين يوما , لما ثبت في حديث أبي هريرة : { فإن غم عليكم , فعدوا ثلاثين }.
ويلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف قادر , فلا يجب على كافر , ولا يصح منه , فإن تاب في أثناء الشهر , صام الباقي , ولا يلزمه قضاء ما سبق حال الكفر.
ولا يجب الصوم على صغير , ويصح الصوم من صغير مميز , ويكون في حقه نافلة . ولا يجب الصوم على مجنون , ولو صام حال جنونه , لم يصح منه , لعدم النية . ولا يجب الصوم أداء على مريض يعجز عنه ولا على مسافر , ويقضيانه حال زوال عذر المرض والسفر , قال تعالى : [ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ] .
المقيم والمسافر
والخطاب بإيجاب الصيام يشمل المقيم والمسافر , والصحيح والمريض , والطاهر والحائض والنفساء , والمغزى عليه , فإن هؤلاء كلهم يجب عليهم الصوم في ذممهم , بحيث إنهم يخاطبون بالصوم , ليعتقدوا وجوبه في ذممهم , والعزم على فعله : إما أداء , وإما قضاء , فمنهم من يخاطب بالصوم في نفس الشهر أداء , وهو الصحيح المقيم , إلا الحائض والنفساء , ومنهم من يخاطب بالقضاء فقط , وهو الحائض والنفساء والمريض الذي لا يقدر على أداء الصوم ويقدر عليه قضاء , ومنهم من يخير بين الأمرين , وهو المسافر والمريض الذي يمكنه الصوم بمشقة من غير خوف التلف .
من أفطر لعذر
ومن أفطر لعذر ثم زال عذره في أثناء نهار رمضان , كالمسافر يقدم من سفره , والحائض والنفساء تطهران , والكافر إذا أسلم , والمجنون إذا أفاق من جنونه , والصغير يبلغ , فإن كلا من هؤلاء يلزمه الإمساك بقية اليوم ويقضيه , وكذا إذا قامت البينة بدخول الشهر في أثناء النهار , فإن المسلمين يمسكون بقية اليوم ويقضون اليوم بعد رمضان .
منقول للفائدة[/frame]
مواقع النشر (المفضلة)