زين تصفيح

مشكور عالمرور العطر الثاني ...

سليمان - قلم - اخبار رفحاء

حياكم الله ومشكورين على تنوير الموضوع ...



اليوم سانقل لكم مقالا رائعا للرائع العشماوي يناقش فيه قضايا الشباب ويلمح بها لمشكلة نفق النهضة وما شابهها ...

[line]

دفق قلم
ماذا يريد هؤلاء الشباب؟
عبدالرحمن بن صالح العشماوي


كثيراً ما نهاجم الشباب الذين يؤرِّقون المجتمع بطيشهم، وممارساتهم الخاطئة لأنواعٍ من السلوك المخالفة لشرع الله، والمناقضة لقيم المجتمع وأخلاقه، وكثيراً ما نتحدَّث عن إزعاج أولئك الشباب للناس في شوارعهم وأسواقهم ومدارسهم، وبيوتهم أحياناً، وكثيراً ما نطرح في آرائنا مسألة ضرورة عقابهم وردعهم بقوة النظام، وسيطرة جهات الأمن عليهم من شرطة أو هيئة الأمر بالمعروف أو غيرها.
وكثيراً ما نصف الشباب الذين نراهم يحلقون رؤوسهم بطرق عجيبة ويرسمون خيوطاً من الشعر على وجوههم بطرق غريبة، ويلبسون ألبسةً مخالفة لأقل معاني الرجولة والحياء.. كثيراً ما نصفهم بأنهم منحرفون، لا أخلاق لهم، وليس لهم أهل يربونهم، وأن حقَّ مثلهم العقاب الشديد تأديباً لهم، وحماية للناس من شرِّهم.
ثم ماذا بعد؟
هل نظن أننا بفتح هذه الجهة الكبيرة للمعركة مع أبنائنا ذكوراً أو إناثاً سنكون قد وضعنا الحلَّ الأمثل لقضايا ومشكلات هؤلاء الشباب؟..
وهل نتوقع أن نفوز - حينما نفتح هذه الجهة الخطيرة - مع الشباب الذين تقترب نسبتهم من 60% من الشعب السعودي؟.. وهل المسألة مسألة معركة وفوز وهزيمة؟.
نحن نؤمن بأهمية الرَّدع بالعقاب لكل مَنْ يرتكب عملاً يستحق عليه العقاب، ولكننا نحتاج إلى مراجعة صحيحة وسريعة لطريقة تعاملنا جميعاً مع الشباب آباءً وأمهاتٍ ومسؤولين ودعاةً ومصلحين، ورجال أمنٍ ورجال هيئة وغيرهم. إنَّ الظواهر التي نراها في سلوك كثير من الشباب لا تأتي من فراغ، فلا بد من وجود أسبابٍ وأسباب، ولا بد من معرفة تلك الأسباب لمعالجة تلك الظواهر.
إنَّ الرِّفق لا يكون في شيء إلا زانه، وإن الرفق في التعامل مع الشباب من أهم وسائل الإصلاح لهم، مع استخدام الوسائل الأخرى حينما تدعو الحاجة إليها.
أعرف أباً حدثت له قصة طريفة مع ولده، يقول: أنا حازم في علاقتي بالأولاد إلى درجة (العسكرية الشديدة) في المنزل، ولي ولدٌ يُحسن التعاملَ مع حزمي وصرامتي، ويسعدني بمطاوعته لي.. ولهذا فأنا أميل إليه بصورة أكبر، وأفاخر به في المجالس، وأضربه مثلاً لإخوته جميعاً ولأولاد أقاربنا، وكنت أرى بعض الضحكات المكبوتة من إخوته ومن بعض الأقارب حينما أمتدحه، وأعزو ذلك إلى الغيرة منه، وفوجئت ذات يوم باتصال من الشرطة يخبرني أنهم يحتجزون ابني (المهذَّب في نظري)، وخرجت من المنزل مغضباً وأنا أقول: ألم يحدث هذا الأمر إلا لأحسن أبنائي؟.
وحينما دخلت إلى الشرطة كانت الصدمة: رأيت ولدي ذاك مطأطئاً برأسه، وعليه من الملابس ما أدهشني، بنطال إلى نصف الساق، و(فانيله) عليها صورة وجه رجل موحشة علمت فيما بعد أنها صورة أحد الممثلين العالميين.. لقد دارت الدنيا بي، وقلت للضابط: ما المطلوب مني؟ ثم خرجت بابني وأنا في حالة ذهولٍ وصمت كبير.
لقد كان حديث نفسي من الداخل صاخباً عنيفاً، ولكنني كنت هادئاً من الخارج إلى درجة الجمود، لقد شعرت بانهيار أسلوبي في التربية كلِّه، وشعرت بأنَّ عَسْكَرة التعامل في المنزل هي التي أوصلت ابني إلى هذا المستوى.. وحاورته بعد ذلك، وغيَّرت أسلوبي في التربية، واندمجت مع جميع أبنائي وأهلي بصورة جعلت التقارب بيننا مذهلاً.
فأكد لي الجميع أنهم الآن يسلكون معي طريق الحياة بوضوح، وعلمت من ابني ذلك من وسائل تضليله لي، وممارساته خارج المنزل المعبِّرة عن شعوره بالكبت، ما جعلني أردد في داخلي قولي: يا له من وهم كبير!!.
هذه قصة واحدة، فما بالنا بآلاف القصص.
هؤلاء الشباب لهم شكاوى تتمثَّل في عدم إتاحة فرص الدراسة ما بعد الثانوية لمعظمهم، ويقولون: لماذا لا يصدر ولاة الأمر قراراً بقبول كلِّ خريجي الثانوية في الجامعة وفي غيرها من المراكز والمعاهد العليا بدون النظر إلى التقدير، فإنَّ ذلك يحقق احتضانهم في مرحلة المراهقة الخطيرة فيما بعد الثانوية، وإن لم يستمر بعضهم في الدراسة.
هؤلاء الشباب يشكون من الفراغ الكبير، وطول الوقت، ومعنى هذا أننا جميعاً مسؤولون عن شغل أوقاتهم بما يفيد ويمتع، كيف؟ هذا ما يحتاج منا إلى جهودٍ سريعة.
هؤلاء الشباب يشكون من العوز والحاجة أحياناً ومن تعقيدات أمور الزواج وتكاليفه الباهظة أحياناً أخرى، ومن إهمال البيت لهم غالباً، ومن وجود مغريات هائلة تناديهم، مع ضعف مجالات استيعابهم في المجتمع.. يريدون ويريدون، فماذا نفعل؟.
إشارة:




قد يبعث اللهُ من آمال أنفسنا
ما كاد يقضي على إشراقه العَطَبُ


http://www.suhuf.net.sa/2005jaz/oct/11/ln15.htm