بسم الله الرحمن الرحيم
ذكروا أن أعرابياً حمل أمه على ظهره ، وراح يطوف بها حول البيت ، وهو يقول :
إني لها مطيـة لا أذعـر
إذا الركاب نفرت لا أنفر
ما حملت وأرضعتني أكثر
الله ربي ذو الجلال أكبر
ثم التفت إلى ابن عباس ، وقال : أتراني قضيت حقها؟ قال: لا والله ولا طلقة من طلقاتها.
وذكروا أن المأمون قال: لم أر أحداً أبر من الفضل بن يحي بأبيه، بلغ من بره به أن يحي (والده) كان لا يتوضأ إلا بماء مسخن وهما في السجن فمنعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة ، فقام الفضل حين أخذ يحي مضجعه إلى قمقم كان يسخن فيه الماء ، ثم أدناه من ضوء المصباح فلم يزل قائماً وهو في يده حتى أصبح ..
وهناك الكثير من القصص التي توضح قمة التعامل والإحسان للوالدين كالقصتين السابقتين وغيرهما ، ويقابل ذلك قصص من قصص العقوق التي تشيب شعر الرأس !! فالذي يذهب لدور رعاية المسنين والعجزة أو يقرأ ما ينشر من حوارات مع نزلائها ليصاب بالدهشة من قسوة قلوب أبنائهم وبناتهم ،، فذلك الإعرابي يحمل أمه على ظهره ومع ذلك يسأل هل أدى حقها؟!
وذلك الذي يسهر ليله حاملاً وعاء الماء على ضوء شمعة في ليلة شديدة البرودة ! ثم يأتي بعض من أشباه الرجال في زماننا هذا ويقررون وهم في أحضان زوجاتهم (رمي) آبائهم في تلك الدور إرضاءً لهن أو لأسباب أخرى متعددة لا يتسع المجال لذكرها..
وكل ما أتمنى أن يشدد القائمون على شؤون مراكز رعاية المسنين من إجراءات قبول المسنين فيها بحيث لا يتم قبول من له أبناء ويتم فقط إيواء من ليس له أحد وأن يتواجد في هذه الدور بعض المشائخ وطلبة العلم من أجل نصح هؤلاء العاقين وتبصيرهم وتذكيرهم بحقوق آبائهم وفضلهم عليهم لعلهم يفيقون من غفلتهم وتلين قلوبهم ،،،،
كما أتمنى من وزارة الأعلام أن تخصص برنامجاً يشاهده الجميع عن هؤلاء المسنين وتجري معهم حوارات يروون من خلالها تجربتهم القاسية مع أبنائهم ! وأنا متأكد (تمام التأكد) أنه لن يبق في تلك الدور نزيل واحد ! حيث يسارع أبناؤهم إلى إخراجهم خوفاً من الفضيحة لا خوفاً من جبار السماوات والأرض !!!!
وأخيراً فإننا نعوذ بالله من هذا الزمن الذي أصبح البعض فيه بدلاً من أن يحمل أحد والديه ليحج به على ظهره أصبح يحمله ويجره (وهو يبكي) إلى دار المسنين ليقضي بقية حياته ذليلاً ينتظر الإحسان من الآخرين مرددا ًفي نفسه الأبيات التي أبكت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي قالها أحد الآباء عندما اشتكى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة ابنه ( والقصة طويلة ) والأبيات هي:
غــذوتـك مـولـوداً و صنتـك يافعاً........تعـل بمـا أجني عليـك وتنهـل
إذا ليلة ضاقت بك السقم لم أبت ...... لـسقمـك إلا ساهـراً أتمـلمـل
تخاف الردى نفسي عليك و إنها .......لتعـلم أن المـوت حتـم مـوكـل
كأني أنــا المطروق دونك بالـذي........طرقت به دوني فعيـني تهمل
فلما بلغت السن والغايـة التي........أتتــك مـرامـاً فيـه كنـت أؤمـل
جـعـلت جـزائي غلظـة ًوفظـاظـة.........كـأنـك أنـت المنعـم المتفضـل
فـلـيـتـك إذ لم تــرع حــق أبـوتي.........فعلت كما الجار المجاور يفعل
فـلـيـتـك إذ لم تــرع حــق أبـوتي.........فعلت كما الجار المجاور يفعل
فـلـيـتـك إذ لم تــرع حــق أبـوتي.........فعلت كما الجار المجاور يفعل
فـلـيـتـك إذ لم تــرع حــق أبـوتي.........فعلت كما الجار المجاور يفعل
وفي النهاية هل أنت مثل ذلك الأعرابي ؟ أم كالفضل بن يحي ؟ أم أفضل قليلاً من أولئك العاقين ؟!!!!!!!!
مواقع النشر (المفضلة)